أكد الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، أن الحديث عن استقالة الحكومة لا أساس له ويندرج في إطار الشائعات ولم نناقش أي شيء من هذا على الإطلاق، ورأى أن مصلحة لبنان استمرار الحكومة وبذل ما أمكن من الجهود لأن الوضع الحالي لا يتحمل أي تغييرات على هذا المستوى، كما اعتبر أن أي خطوات للتقارب والتهدئة بين القوى السياسية المختلفة يجب تشجيعها وإخراجها من البازار السياسي.
وتطرق سماحته إلى ارتفاع سعر صرف الدولار متهما الولايات المتحدة الامريكية بالوقوف وراء منع وصول الدولار إلى لبنان ومنع المصرف المركزي من ضخه في السوق، رافضا أن يتم إذلال الشعب اللبناني بالضغوط الاقتصادية، طارحا العديد من الحلول لعدم الارتهان للأمريكي، منها التوجه نحو إيران، ومعلنا جهوزية الشركات الصينية لتنفيذ مشاريع مختلفة في لبنان.
السيد نصر الله نبّه إلى خطورة قانون قيصر على لبنان، مؤكدا على مواجهة الحرب الاقتصادية على سوريا وان حلفاء دمشق الذين لم يتركوها في الحرب لن يتخلوا عنها في الحرب الاقتصادية الحالية.
وفي كلمة متلفزة له حول آخر المستجدات السياسية وأبرز التطورات استهلها سماحته بتقديم التعازي بذكرى رحيل الإمام الصادق عليه السلام، كما تقدّم بالتعزية بالراحل رمضان عبد الله شلح، الأمين العام السابق لحركة الجهاد الاسلامي، والذي كان قائدا حكيما وكبيرا ومجاهدا وأخا وصديقا، منوها إلى الفقد الشخصي والعلاقة القديمة التي تجمعه بالراحل، ومشيرا إلى معرفته به عن قرب.
ولفت سماحته إلى أن الدكتور شلح كان مخلصا مع الله ومخلصا وصادقا مع القضية الفلسطينية، وأولويته المطلقة كان الجهاد للوصول إلى الأهداف، وكان شخصية فكرية لها اهتمامات واسعة، وكان حريصا على العلاقة بين الفصائل وعلى الوحدة الفلسطينية، كما أن اهتماماته وعواطفه لم تقف عند حدود فلسطين، بل امتدت إلى الأمة الاسلامية للتقريب بينها.
وأشار إلى أن الراحل شلّح استطاع تطوير حركة الجهاد الاسلامي بعد استشهاد الشهيد فتحي الشقاقي، متحدثا عن الجانب العاطفي عنده، حيث كان محبا لشعبه ويفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ويتألم لألمهم. كما طالب سماحته حركة الجهاد الاسلامي بمتابعة طريق هذا القائد، لا سيما في هذه المرحلة التي تتطلب حضور الدكتور رمضان.
سماحته توقف عند فقدان الأخ الحاج أبو علي فرحات، الذي ينتمي إلى الجيل المؤسس في حزب الله والمقاومة الاسلامية في لبنان، الجيل الذي حمل الراية منذ الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وهو الجيل الذي أعطى كل شيء لهذه المسيرة.
وقدّم السيد نصر الله العزاء بالراحل، متحدثا عن سيرته التي كانت منذ بداية عمله ومشاركاته المتنوعة في مختلف الحروب التي خاضتها المقاومة ضد العدو الصهيوني، إضافة إلى حضوره المميز في سوريا، لا سيما في معركة تحرير حلب حيث كان له حضورا مميزا.
وأشار سماحته إلى معرفته الشخصية بالراحل أبو علي فرحات، بإيمانه وتدينه وأخلاقه وتواضعه الشديد وهدوئه، ووصفه بالصبور والحليم وخفيف الظل، الذي لا يطلب شيئا على الاطلاق، وكان دائما في موقع من يعطي ولا يمن على أهل المقاومة ولا على ربه ولا على شعبه أنه قدّم وأعطى لهذه المسيرة. ولفت إلى أن أبو علي فرحات هو من القادة القدوة والأسوة في الحياة العملية والشخصية، وبقي شخصا بعيدا عن الأضواء، ومن الذين يُعرفون بعد أن يرتحلوا عن هذه الدنيا.
تحميل حراك 17 تشرين شعارات نزع سلاح المقاومة
السيد نصر الله لفت إلى أن تحميل حراك 17 تشرين شعارات نزع سلاح المقاومة هو ظلم لهذا الحراك، ورأى أن المطالبة بالحقوق والقضايا المحقة هو أمر مقبول ومحق لكن تحميل الحراك مطلب 1559 هو أمر سلبي وخطأ، وأضاف “يجب الفصل بين المطالب المحقة وشعارات نزع سلاح المقاومة”.
الأمين العام لحزب الله أشار إلى أن الأحزاب التي تقف خلف التظاهرة ضد سلاح المقاومة في 6 حزيران معروفة للجميع، معتبرا أن الطريقة التي تتبعها بعض القوى السياسية بهدف نزع سلاح المقاومة لن تجدي نفعاً بل عليها أن تقدم البديل، وأضاف “سلاح المقاومة بالنسبة لبيئة المقاومة هو جزء من ثقافة وعقيدة استراتيجية وأعمق بكثير مما يطرحه البعض”.
وتابع قائلا “سلاح المقاومة بالنسبة لبيئة المقاومة هو جزء من ثقافة وعقيدة استراتيجية وأعمق بكثير مما يطرحه البعض”.
سماحته تطرّق إلى الأحداث الأخيرة التي حصلت في الشارع، مشيرا إلى أنه من الأمور التي حذرنا منها خلال الاحتجاجات التصادم مع الجيش والشتم وقطع الطرقات، واعتبر أن قطع الطرقات يبعد المواطنين عن “الثوار” او “المنتفضين”.
ولفت إلى أن في لبنان هناك حالة تفلت وانحطاط أخلاقي على مواقع التواصل الاجتماعي وهناك صعوبة في الضبط الكامل والشامل، مؤكدا أن مسؤولية كل القوى السياسية والدينية عدم السماح بذهاب بلدنا إلى الفوضى والفتنة المذهبية أو السياسية.
وأضاف السيد نصر الله أنه “طالما هناك انحطاط أخلاقي واسفاف وتسيب إعلامي واختراقات يجب التعاطي بمسؤولية”.
الأمين العام لحزب الله رأى أن البناء على حادثة فردية لشتم الرموز الدينية لاستهداف الآخرين جريمة بحق أنفسنا قبل غيرنا، ورأى أنه من الواجب رفع الصوت في هذا الإطار، مشيرا إلى أن الذي يرقى إلى مستوى الخيانة الأخلاقية هو تورط قيادات سياسية ودينية في التحريض المذهبي.
ورأى سماحته أن التحريض هو أخطر بكثير من قضية الاعتداء على الأملاك العامة لأنه يستحضر فتنة، مؤكدا أن تحميل الشيعة والضاحية الجنوبية مسوؤلية اعمال العنف الاخيرة غير مقبول.
السيد نصر الله قال “من أجل منع الفتنة والصدام وعودة خطوط التماس سنفعل أي شيء”، مضيفا “إذا اقتضت الحاجة سننزل للشارع لمنع أي صدام أو فوضى”، وتابع قائلا “من أجل منع الفتنة والصدام وعودة خطوط التماس سنفعل أي شيء بما فيه نزول شبابنا إلى الشارع”.
ولفت سماحته إلى أن تحميل حزب الله وحركة أمل مسؤولية الأفعال الفردية للبعض في بيئتهما هو تجنٍ، وأن توجيه الاتهامات إلى حزب الله وحركة أمل بلغ مستوى من العبث والانحطاط والدناءة.
ودعا إلى الهدوء وإزالة الاحتقان وضبط الإعلام، ومسؤولية القيادات الدينية والسياسية والقضاء وكل النخب والأفراد في مجتمعنا هي في تحمل هذه المسؤولية.
السيد نصر الله تحدث عن الشأن الاقتصادي وهبوط قيمة العملة الوطنية وانعكاسات ذلك على مختلف قطاعات الحياة، مشيرا إلى أن ارتفاع الاسعار تحد لا يمكن التعايش معه.
ولفت إلى ان الطلب على الدولار سببه كثرة الطلب وقلة العرض، مشيرا إلى أن الأمريكيين يمنعون إرسال الدولار إلى لبنان كما انهم يمارسون ضغوطا على مصرف لبنان لعدم ضخ الدولار في السوق.
وقال إن الإدارة الأمريكية أي وزارة الخزانة ووزارة الخارجية والسفارة الأمريكية في لبنان تمنع وصول الدولار إلى البلد بزعم أن حزب الله يجمع هذه العملة ويرسلها إلى سوريا.
وطالب الأجهزة الأمنية بالتحقيق مع الجهات التي جمعت الدولار وأخرجته من البلادن، لافتا إلى ان أحد المصارف قام بشراء عشرات الملايين من الدولارات وإخراجها وهو محمي من قوى سياسية، كما ان تقارير تحدثت عن إخراج البنوك لمبلغ 20 مليار دولار عام 2019 من لبنان إلى الخارج وهي موجودة وفق بيانات ومحاضر رسمية، وهذه الاموال لم يخرجها حزب الله ولم تذهب إلى سوريا أو إلى إيران.
وخلص إلى ان هناك من يدير هذه العملية من أجل أن ينخفض سعر العملة وترتفع الأسعار ويذهب البلد إلى الانهيار، وهذا يدفعنا لضرورة أن نعرف من يقوم بهذه الأعمال لاذلال اللبنانيين لمعرفة كيف سنتعاطى معه. وجدد السيد نصر الله “نحن من يأتي بالدولار إلى لبنان ولسنا من نجمعه”.
وتوجه السيد نصرالله للشعب اللبناني بالقول لا تُؤخَذوا بالشائعات ومن يعمل على بث الشائعات يجب أن يحاسب.
الأمين العام لحزب الله أشار إلى ان موضوع الدولار والأسعار والغلاء لم يعد موضوع النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر بل بات موضوع أمن قومي، طارحا فكرة أن يكون هناك حلّ لهذه المشكلة من دون الحاجة إلى الدولار، طارحا أن تكون إيران أو دول صديقة أخرى مقصدا لتأمين الاحتياجات الأساسية من دون الدفع بالدولار.
كما طرح فكرة التبادلية، مثلا ان يكون مقابل البنزين منتوجات غذائية، منوها إلى أنه في حال تم فتح هذا الباب فإن ذلك سيرفع من قيمة العملة اللبنانية ولا نبقى مرهونين للأمريكيين وننتظر رحمتهم في سماحهم للبنك المركزي بضخ العملية الصعبة في لبنان.
واعتبر سماحته ان هذا الكلام موجها للشعب اللبناني لكي لا ييأس وكذلك لكي يضغط على المسؤولين من أجل أن لا يبقوا خائفين من الأمريكيين وينتظرون رحمته.
السيد نصر الله أعلن رسميا أن الشركات الصينية جاهزة للقيام بمشاريع استثمارية كبيرة في لبنان وعلى قاعدة الـ BOT، أي دون ان تدفع الدولة اللبنانية أي أموال حاليا، متحدثا عن مشروع قطار سريع من طرابلس إلى الناقورة، وعن نفق بين بيروت والبقاع، كما ان الشركات الصينية جاهزة لإنشاء معامل كهرباء وهذا سيخلق فرص عمل للبنانيين، لافتا إلى الايجابيات التي ستضفيها هذه المشاريع في حال نفذت.
وأكد سماحته أن الأميركيين يستخدمون لبنان واقتصاده لتحقيق مصالحهم فيه أي أمن “إسرائيل” والحدود البحرية والبرية معها، وأن أمن “اسرائيل” ومستقبلها هو المهم بالنسبة للاميركيين، ورأى ان انتظار الأميركيين يعني الذل والجوع والخنوع.
واكد أن من ينتظر تأليب بيئة المقاومة عليها سيفشل وعليه أن ييأس، وأضاف “لمن يراهن على أن نجوع أو أن نترك البلد يجوع فإن ذلك لن يحصل”.
وكشف أن “لدينا معادلة مهمة وخطيرة ولن أتحدث عنها، في حال استمر الأمريكيون في محاولتهم لتجويع اللبنانيين”، وأضاف “من سيضعنا بين خيار القتل بالسلاح أو الجوع، سيبقى سلاحنا في أيدينا، ونحن سنقتله”.
وفي ما يخص قانون قيصر، جدد السيد نصر الله أن سوريا انتصرت في الحرب عليها عسكريا وامنيا ونفسياً وأن لجوء أميركا إلى قانون قيصر هو دليل على انتصار سوريا في الحرب العسكرية والميدانية لأنه آخر أسلحتها.
وأكد أن حلفاء سوريا الذين وقفوا معها سياسيا وعسكريا، لن يتخلوا عنها في مواجهة الحرب الاقتصادية ولن يسمحوا لها أن تسقط.
وأضاف “من قدّم الدم والشهداء لتبقى سوريا موحدة ولا تخضع لأمريكا وإسرائيل، لن يسمح لقانون قيصر أن يلحق الهزيمة بسوريا”، ودعا لعدم الخضوع لقانون قيصر، ولا يجب أن يكون الرأي الرسمي والشعبي الخضوع لهذا القانون.
واعتبر سماحته ان المستهدف من قانون قيصر هو الشعب السوري وإعادة الفوضى وعودة الحرب الأهلية، كما شدد على أن على اللبنانيين ألا يفرحوا بقانون قيصر لأنه يؤذيهم كثيراً وربما بما هو أكثر من سوريا.
الأمين العام لحزب الله أشار إلى أن ما نواجهه في الموضوع الاقتصادي حاليا هو حرب كما كانت الامور في مسألة فيرس كورونا، و”علينا أن نتحلى بإرادة الحرب ولن نخضع للأمريكيين” مشيرا إلى أننا قادرون عن الاستغناء عن الامريكيين.
وتابع قائلا “أتفهم عدم قدرة الحكومة على مواجهة الولايات المتحدة لكن ما أطالب به عدم الخضوع لقانون قيصر”، مضيفا أن “كل الفرص المتاحة أمام اللبنانيين يقفلها الأميركيون ليسلموا رقابهم للإسرائيلي لكن ذلك لن يحصل”.