كم هي عديدة تلك المحاولات التي تقدمت بها بعض الدول لأجل رفع المعاناة عن الشعب الصحراوي ولكن النظام المغربي كان بالمرصاد لها لأجل استنزاف مدخرات الإقليم وتهجير سكانه وملئه بالمغاربة.
تخلّى العالم الاستعماري عن معظم الاراضي التي احتلّها وخاصة في القارة السمراء حيث نالت غالبية دولها الاستقلال في اواخر الخمسينيات من القرن الماضي ولم تتبقى إلا ما كان يعرف بالساقية الحمراء ووادي الذهب، فتأسست جبهة البوليساريو العام 1973م لتحريرها، حاربت المستعمر الاسباني لسنوات لأجل اقامة دولة مستقلة على كامل التراب الصحراوي، اعتبرت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، وقد اجبر الاستعمار الاسباني على الرحيل بفعل تضحيات الشعب الصحراوي ومساعدة ليبيا والجزائر.
في نوفمبر من العام 1975 نظّم المغرب مسيرة “خضراء” صوب الصحراء لغرض فرض سيطرته بالقوة على الاقليم، وعقب خروج الاسبان سعى المغرب الى احتلالها واعتبارها جزءا اصيلا من اراضيه واعتبر البوليساريو حركة انفصالية، كيف ذلك والمغرب لم يطلق رصاصة واحدة لأجل تحرير الساقية والوادي بل لا تزال اجزاء من ارضه محتلة من قبل اسبانيا الى الوقت الحالي وهما سبته ومليلية، وحيث ان المغرب لم يفلح في اقناع الاخرين بإدعاءاته تلك، اقترح اقتسام الساقية والوادي مع موريتانيا التي سرعان ما تخلت عن نصيبها من الكعكة الصحراوية لصالح البوليساريو، فبهت حكام المغرب لكنهم استمروا في السعي للسيطرة على الارض وما تحويه من ثروات طبيعية، وناصبوا الجزائر وليبيا العداء واعتبارهما تتدخلان في شؤونه الداخلية!. وقامت المغرب بتصفية الولي مصطفى السيد الرقيبي مؤسس جبهة البوليساريو وأمينها العام في هجوم على العاصمة الموريتانية نواكشوط في التاسع من يونيو العام 1979 ظنا من المغرب انه سيقتل روح المقاومة والحرية للشعب الصحراوي، وفي العام 1980 اقام المغرب سورا واقيا حول المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات والمدن الصحراوية الأساسية.
نالت الجبهة اعتراف غالبية الدول الافريقية بالدولة التي اسمتها الجمهورية الصحراوية ما ادى الى انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الافريقية، في العام 1984م حدث تقارب بين ليبيا ونظام المغرب فكان ان تخلت ليبيا عن دعم البوليساريو واقترحت عليها ان تنضم الى المغرب وتكوّن حركة معارضة داخلية، وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي انشغلت الجزائر بأزمتها الداخلية فكان ذلك سببا في تقوية موقف المغرب.
عطّلت الحكومة المغربية عمل المؤسسات الدولية الخاصة بإجراء استفتاء حول تقرير المصير لربح المزيد من الوقت وقد ادخلت الى الاقليم آلاف المواطنين المغاربة وإسكانهم بالمناطق التي تسيطر عليها ليصوت هؤلاء لصالح الانضمام الى المغرب في حال اجراء استفتاء تقرير المصير.
تلكم نبذه عن الشعب الصحراوي وحركته الجهادية، حيث تتهم البوليساريو اليوم بأنها حركة إرهابية، بل قامت بعض الدول بوضعها على لائحة الارهاب، ولا يوجد هناك ادنى شك بأن المغرب وراء ذلك لغرض تصفية قضية الشعب الصحراوي، وللأسف الشديد فإن ملك المغرب رشحه الزعماء العرب الضالعون في العمالة ليكون رئيسا لملف القدس فماذا فعل بالقدس فسكانها الاصليون يهجرون من ديارهم قسرا، ويتضاءل عددهم كل يوم إنه يقيم اوثق العلاقات مع العدو واعتراف رسمي بالكيان الصهيوني.
ان المغرب لا يدخر جهدا في الاساءة الى هذه الحركة ونعتها بالإرهاب، وادعائه بأنها تسعى للانضمام للجزائر ليكون للأخيرة منفذا على المحيط الاطلسي، وما العيب في ذلك ان كانت تلك ارادة الشعب الصحراوي بعد نيل الاستقلال.
غالبية الشعب الصحراوي لا يزالون يعيشون في اوضاع جد سيئة ويعتمدون كلية على مساعدات الدول الاخرى في حين ان المغرب يستنزف ثرواتهم الطبيعية. أليس من حق أي شعب ان يقرر مصيره بنفسه عبر انتخابات حرة ونزيهة بإشراف دولي؟ انه الشعب الوحيد في افريقيا الذي ارتحل بقضيته الى القرن الواحد والعشرين، فمن ينصف الصحراويين من جور المغرب المستمر لما يربو على الاربعة عقود؟ سؤال الاجابة عليه برسم ابناء الوطن الغيورين على بلدهم.
نتمنى ان يحقق مؤتمر جنيف المقبل الحل الامثل لازمة طال مداها عبر استفتاء شعبي نزيه وشفاف برقابة دولية وتنتهي معاناة شعب تم اذلاله وللأسف من قبل دولة عربية جارة لا لشيء إلا للاستحواذ على ثرواتها الطبيعية وترك السكان الاصليين يعيشون على ما تجود به دول العالم من صدقات لا تسمن ولا تغني من جوع في الخيام المفتقرة لأبسط حقوق الانسان.
mezoghi@gmail.com