الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

الشّعب سيّد نفسه..”الإستفتاء” مرحلة حاسمة لبناء تونس جديدة !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

تونس تودّع سنة كانت صعبة على التونسيين وحملت الأشهر الأخيرة من العام 2021 معها كثيرًا من التحوّلات الهامة في المشهد السياسي الذي يبدو أنه سيكون على موعد مع تحوّلات جديدة ومفصلية في العام الجديد 2022 الذي أعتقد أنه سيكون عاما حاسما ومنطلقا لإرساء ديمقراطية حقيقية في دولة القانون والمؤسسات..

                 تونس تعيش هذه الفترة مرحلة تاريخية واستثنائية على وقع القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد ، والتي ستأخذ البلاد إلى مسار جديد، الرئيس قيس سعيّد دفعته الضرورة وخطر تهاوي الدولة ومؤسساتها لإتخاذ تدابير استثنائية وقتية بطبيعة الحال، تحتاجها البلاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتصحيح المسار السياسي الذي أضر بالاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية، تونس في حاجة إلى قيادة ثورية وطنية، وإلى نظام سياسي واضح غير مشتت، وتحتاج إلى قيادة من عمق الثورة ومن أعماق الشعب بعيدا عن الواجهات الصورية الكاذبة للدولة العميقة ، ومن الواجب الوطني أن تكون الطبقة السياسية في مستوى الرهانات، وعلى وعي بحجم التحدّيات التي تتطلّبها المرحلة،  فتراكم 10 سنوات من العبث السياسي، يقتضي الذهاب إلى الحلول، والفصل 80 من الدستور بداية انفراج وحل سياسي لأزمة سياسية كانت ستعصف بالبلاد ، وبالتالي إيقاف مسار الفساد والعبث بالدولة ومؤسساتها أولوية وطنية تعلو على كل شيء، الرئيس قيس سعيّد أنقذ الدولة من الكابوس الجاثم عليها والكاتم لأنفاسها،  وأنّ السبب في هذه القرارات هي المنظومة القديمة التي لم تصلح نفسها من داخلها عجزًا منها، فجاء الفصل 80 رحمة للعباد.. الدستور بشكل عام هو مجموعة من المبادئ الأساسية ، والهدف الأساسي منها هو صياغة قوانين وأنظمة تهدف إلى تطوير البلاد وخدمة الناس جميعا، وبالتالي الدستور ليس وثيقة مقدسة تسعى لترسيخ القديم وعرقلة تقدم المجتمع أو يُفصّل على مقاس مصلحة جهة معينة ، وأي دستور كهذا يجب التخلي عنه خدمة للشعب ولمصلحة تونس.. فالدستور قابل للتطوير بتطور الزمان، وللرئيس قيس سعيّد مشروعيّة شعبيّة ومداً شعبيًا تزول بموجبهما الشرعيّة الدستوريّة  ، الخطوة التي إتّخذها الرئيس تستند على مشروعيّة شعبيّة وبالتالي المشروعيّة الشعبيّة أسقطت الشرعيّة السياسيّة والدستوريّة وهذا الأمر لا يوجد به ثغرات يمكن من خلالها إيجاد حيلة للكذب على الرأى العام أو تضليله، فالأمر محسوم، والشرعيّة الوحيدة هي شرعيّة الشعب التي أسقطت الشرعيّة السياسيّة ، ولا يمكن الإدعاء بأن هناك شرعيّة دون العودة إلى الشعب ولابد من الإنصياع لإرادته لأنه هو الذى يمنح الشرعيّة برضاه وهو الذى يسحبها ..  فالشرعية ليست مطلقة بل محكومة برضا الشعب.. لذا أنا من الذين يؤمنون بأنّ قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيّد لحظة مفصلية في تاريخ تونس نحو ديمقراطية حقيقية يكون فيها الشعب التونسي بالفعل صاحب السيادة ومصدر السلطات ، ومن الذين يؤمنون بأنّ سلطات مجتمعة مؤقتا بيد رجل عادل إنحاز لشعبه ، أفضل ألف مرة  من أن يتقاسمها اللصوص والخونة والعملاء والفاسدون..

          للأسف الشديد لم تستوعب طغمة الفساد، حتى الآن، هدف الانتفاضة النهائي الذي هو التغيير الشامل، والذي يأتي على أسس العملية السياسية الجارية في اتجاه بناء دولة المواطنة، وتخلصيها من المحاصصة والفساد، كما انها لم تدرك الغاية من  الانتفاضة وتمسك التونسيين بالنهج الوطني الديمقراطي الحقيقي، في مقابل نهج المحاصصة الذي دأبت القوى المتمعشة من نظام فاسد ومن مداخلة الدّاخل والخارج على السير فيه ، فأنتج كل هذا الخراب الذي شمل مرافق الحياة جميعا طيلة العشريّة السّوداء.. لقد استعصى على عقل الطغمة الحاكمة تتبع التنامي في الاحتجاجات الشعبية، وتحولها الى انتفاضة واسعة في 25 جويلية الماضى ، لقد تخلّف العقل البليد للطغمة الفاسدة عن فهم اصرار المنتفضين العجيب على بلوغ الهدف المنشود لإسقاط المنظومة الفاشلة والمفلسة برمّتها ، وأصيب المتنفذون بالانفصام عن الواقع، فلم يروا الجديد في المشهد السياسي ولم يلحظوا التغير في موازين القوى الذي حققته الانتفاضة، فوضعتهم مكشوفين امام مأزقهم وحصرتهم في زاوية ازمتهم المعقدة، وتركت لهم خيارا واحدا لا غير، هو خيار الرحيل وليس سوى الرحيل، الشعب لا ينتظر منهم حلا.. لقد صمّت الطغمة الفاسدة آذانها ازاء صوت الشعب الهادر، ولم تدرك ان لا عودة الى من اتبعوا نهج المحاصصة، وأن لا مجال للفاسد ومفاسده ولا مكان للفاشل ولا فرصة للأتباع والذيول، لن يمكن القبول ببقاء الطغمة الحاكمة واتباعها واذنابها متصدرين حكم تونس ، وهم من تسببوا في الازمات وانتجوها، إنّ الشعب لا ينتظر منهم سوى الرحيل ومحاسبتهم .. نعم، الحل لم يبق بيد طغمة الفساد وعليها ان تعي ذلك، إنّما الحل بيد الشعب التونسي الذي لخص ذلك  في خارطة الطريق، وفي التفصيلات التي بلورتها ساحات الاحتجاج وطرحتها بوضوح كامل، وهي تشدّد على رحيل منظومة الخراب ومحاسبة طغمة الفساد والافساد.. في الوقت المناسب وبعد عشريّة سوداء، تحرّك الشعب ونهض من غفوته وإستفاق من خدره ونفض غبار سنوات الظلام والظلم والجور التي تسبب بها الأخوان وديمقراطيتهم المزيّفة وشركائهم من أشباه السياسيين وأحزابهم، وتحرّك بإرادة وطنية  حقيقية وعزيمة لا تلين وأحدث التغيير المطلوب وأزاح هؤلاء اللصوص والعملاء والخونة الذين دمروا الشعب وخانوا الوطن وباعوه بثمن بخس وآذوا شعبهم أشد أذىً وظلموه أعظم ظلم  وسحقوه ودمروه..

           لقد شكّل المنافقون السياسيون على الدوام أحد أهم العناصر المكونة للطابور المعادي للوطن ووحدته، وتكاملت أعمالهم ومساعيهم وأهدافهم التدميرية مع الأعداء، لكن نشاطهم كان وسيظل أشد خطراً من غيرهم من الأعداء الظاهرين على السطح نظراً لقدرتهم الكبيرة على تزييف وعي الناس وقلب الحقائق وتمتعهم بقدرات وإمكانات ووسائل غير محدودة وغير مرئية لصناعة الأزمات وافتعال الإشكالات.. بالله عليكم من أي طينة أنتم !!..فهل وصل الغباء والإستحمار بهؤلاء السياسيين  حتى يدّعون الخوف على  الديمقراطيّة في دولة كانت تُدار بمنطق الغنيمة ، بعد كل هذا الدمار والخراب والفساد الذي استشرى في كل مفصل من مفاصل الدولة ومؤسساتها، ممّنْ ينقذون البلاد وهم من سرقوها وكيف يصلحون البلاد وهم من أفسدوها وكيف ينقذونها وهم من دمروها وضيعوها ؟ فهل يعقل بعد كل هذا أن يتجرأ بعض السياسيين المتمعّشين من نظام فاسد ويقولوا أنّهم يريدون إنقاذ البلاد والديمقراطيّة المزيّفة ؟ ومن يصدقهم القول في ذلك بعد كل الذي حصل ويحصل من فسادهم وسرقاتهم الكبرى ؟  يجب أن يدركوا أن تونس لها دولة وليست ضيعة محروس.. هؤلاء المتمعّشون من منظومة الخراب الذين بكوا بحرقة على الديمقراطيّة في تونس ، كان يمكن أن نعذرهم ونصدق دموعهم لو كانوا ديمقراطيين، أباً عن جد، وممّنْ يشهد لهم تاريخهم الطويل بأنهم لم يحتالوا على الدستور، ولم يزوّرا، ولم يمارسوا الغدر والسرقة والاختلاس وخيانة الأمانة، دموع التماسيح لا تجدي نفعاً ولا تقنع أحد ، فبكائهم ليس إلاّ لضياع السلطة من سيطرة أيديهم فلو كانوا حريصون على الدولة كما يدّعون ما طوّعوها لمصالحهم الذاتية وما خانوا العهود للشعب بأنهم سيحققون احلامهم وإنتظاراتهم، دفاعهم عن الدولة بات امراً مستهلكاً له مقاصده ومغازيه، هؤلاء المتباكون لم يفهموا بعد وربما لم يستطيعوا أن يدركوا أنهم انتهوا سياسيا وأخلاقيا وشعبيا ولو كانت لديهم ذرة حياء أن يحترموا أنفسهم ويحترموا عقول الشّعب ، ومن المفارقات المخجلة أن يهرول المخدوعون خلف الفاسدين والمفسدين ويصدقونهم بحثا عن الخلاص من المأساة التي صنعها لهم الفاسدون أنفسهم..من المفارقات المخجلة أن نرى وقاحة أولئك الذين من يصنّفون أنفسهم بالديمقراطيين  أحزابا وشخصيات ، يدافعون عن منظومة فاسدة، وعن ديمقراطيّة مزيّفة، وعن شرعيّة برلمان مهزلة حوّله رئيسه الإخواني إلى ما يشبه المزرعة الشخصية له وللمؤلّفة قلوبهم حوله من رموز الفساد والإفساد والتطرف والإرهاب، حجّتهم في ذلك أن الرئيس قيس سعيّد قام بتحريض الشّعب عليه تمهيداً لما أسموه بالانقلاب على الشرعيّة الدستوريّة ، إنّه التضليل واللعب على وتر قلب الحقائق وتزييف الواقع ، فإذا كان هناك انقلاب فإنّه انقلاب الشّعب على الإخوان وحلفائهم ودستورهم وبرلمانهم وحكومتهم العاجزة بعد أن افتضحت حقيقتهم وحقيقة ما يرغبون في القيام به من خلال السلطة.. إن هذا التدني السياسي والأخلاقي يؤكد أن هؤلاء ليسوا معارضين لقرارات رئيس الجمهورية كما يزعمون وإنّما هم حفنة باعت نفسها وباعت وطنها لمن يدفع أكثر حيث لا مبدأ يجمعهم ولا عقيدة توحدهم وإنّما يوحدهم ويجمعهم مرض الحقد والكراهية ضد تونس.. نحن أمام أُناس لا ولاء لهم إلاّ لعواصف الفوضى والبحث عن الغنيمة، ومازالوا يحلمون بعودة منظومة العشريّة السّوداء.. من المعروف أن منظومة الفساد الفاشلة تتقن استعمال الانتهازيين من الاتجاهات السياسية الأخرى من حقوقيين وسياسيين  وغيرهم وتشركهم في معاركها ضد خصومها السياسيين ثم تلفظهم.. حطب معركة سياسية  “بالوكالة” ومن بين هؤلاء المتباكون على ديمقراطية الإخوان المزيّفة ؛ المتلونين و”قلاّبي الفيستة” من كانوا يهلّلون لــ 25 جويلية ثم أصبحوا معارضين لأن تونس ليست غنيمة ليتقاسموها.. هؤلاء وغيرهم صاروا يتمسحون على أعتاب الاسلاميين لعلهم يتكرمون عليهم ببعض المناصب بعد أن  فقدوا الأمل في الحصول عليها ، هؤلاء الانتهازيون لم يصلحوا يوما ولن يصلحوا أبدا وقد فاتهم الركب من زمان فظلّوا في عداد الراسبين في امتحان الوطنية وامتحان “الرجولية” وامتحان التاريخ، تونس أكبر منكم وأكبر من مشغّليكم ومموّليكم.. ليس غريبا أن يستنفر المنتفعون، المتمعشون من منظومة الفساد من واقع الفساد والإفساد حين تهدّد مصالحهم ليشغّلوا تلك الاسطوانة المشروخة الّتي يلجأ إليها المتمعشون من منظومة الفساد فيصمّون أذاننا باجترار كلمات معتادة عن مؤامرة كونيّة تستهدفهم بمشاركة الإنس والجنّ وكائنات فضائية إن استلزم الأمر، وليتمّ استحضار تلك المعادلة الّتي لا بدّ منها  وهي حماية الديمقراطية المزعومة_الوهمية والدستور الذي وُضع على المقاس، عن أيّة ديمقراطية يتحدّث عنها المتمعّشين من نظام فاسد ومن مداخلة الدّاخل والخارج، ومن المرتعشة أيديهم والمرتجفة قلوبهم، المرعوبين من تحرّك لمياه راكدة ستعصف بالفساد والمفسدين واللوبيات التي تقف خلفهم من وراء الستار المتمعشون منهم .. ليس غريبا أن يجتمع هؤلاء وغيرهم ضدّ الرئيس قيس سعيّد وقراراته التي تعصف بأوكار الفساد بمن فيها من مفسدين..

              الشعب التونسي سيّد نفسه ويقرر مصيره بنفسه ، والإستفتاء هو الخيار الحاسم بعد المرحلة الحاسمة في 25 جويلية وما قبلها من اجل إحداث تغيير جذري وبناء أنظمة ديمقراطية حقيقية بمشروع شعبي متكامل لتونس جديدة، إذا أردنا فعلا التغيير.. الإستفتاء إذا وقع سيكون تحولا سياسيا استراتيجيا غير مسبوق في تاريخ تونس من ناحية التعبير عن الديمقراطية السيادية الشعبية وتنفيذ أطوارها السيادية اللاحقة واهمها الطور الديمقراطي التنموي الوطني ولا يتم ذلك إلا بهذا القرار وهو اولا واخيرا رهن قرار الجماهير الشعبية،وفي الجهة المقابلة هناك من يريد تحويل هذه الفرصة إلى ازمة ومأزق وغلقها في وجه الشعب بل في وجه الوطن على اعتبار ان كل الناس يعلمون حقيقة هذه الفئات  وانها لا يمكن ابدا ان تأتي بحلول لاحقة اذا تم التفويت والتفريط في فرصة الاستثناء  والإستفتاء..في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية لا نشك لحظة واحدة في أن شعب تونس العظيم بجميع اتجاهاته السياسية والشعبية يقف صفًا واحدًا خلف الدولة وجميع مؤسساتها لمواجهة الخطر الداهم، والتصدي لجميع التحديات والمخاطر والمؤامرات التي تواجه تونس داخليًا وخارجيًا، وآن الأوان لإستكمال أهداف مسار الـ 25 جويلية والدّفع به إلى الأمام من أجل تونس أفضل والقطع مع منظومة العشريّة السّوداء.. يولد الافراد من أرحام أمهاتهم  فيما تولد  الشعوب  من رحم الأحداث  التي تمنحها الحرية الكافية للإمساك بزمام أمرها  وتسقط  كل  ألوان الوصاية عليها ،في الخامس والعشرين من جويلية 2021 كُسِر إحتكار السيادة  وقرر  الشعب  أنه سيّد نفسه وان لا سيّد عليه الاّ هو، لقد تحررت الإرادة الشعبيّة من سطوة قوم احتكروا السلطة، ونسبوا لأنفسهم السيادة والسلطة والتعامل مع الدولة بمنطق الغنيمة ولا شيء غير الغنيمة..،

“آن الأوان والفرصة متاحة ليقرر الشعب التونسي مصيره، من خلال إستفتاء ، فإن تعديل النظامين السياسي والإنتخابي وتعديل الدستور أو صياغة دستور جديد بناءا على استفتاء شعبي سينهي المنظومة السابقة الفاشلة وسيحرر البلاد من الفاسدين والعملاء.”

عاشت تونس حرّة مستقلّة

عاش الشعب التونسي العظيم

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024