السبت , 23 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

العراق بعد تدخل المرجعية… بقلم جهاد العيدان

لايمكن القول انها قراءة لمرحلة مابعد الموقف الاخير للمرجعية , بقدر ماهي مكاشفة وقراءة للمخطط الخطير الذي يستهدف العراق والقوى العراقية الوطنية والتجربة الجديدة التي يمر بها العراق .

ماجرى في العراق هو مزيج متداخل من ارادات يكون الطرف الضعيف والمتضرر فيها هو الشعب العراقي برمته ومستقبل العراق ومصيره لان هناك من ينظر للامور بعواطفه التي تربينا عليها لتتحول هذه العواطف الى كارثة طامة يستغلها ضعاف الانفس والمتربصين في العراق واهله وبالتالي يستجيب لها عشوائيا المواطنون دون اي وعي او نظر للعواقب ودون اية حسابات سياسية او استراتيجية او مستقبلية , فالاحداث الاخيرة كشفت جملة حقائق يجب التوقف عندها:

اولا : سهولة جر الشارع العراقي لاي نزال او صراع داخلي دون ترو او نظر للنتائج , وان الشارع العراقي لم يتعظ من احداث الفلوجة والرمادي التي جلبت داعش والجماعات الارهابية وكلفت العراق مئات الضحايا ومليارات الدولارات , ولم تحقق سوى مصالح القوى الدولية والمتربصين بالعراق , وهذا هو موطن الضعف في البنية المجتمعية العراقية , لان الشارع العراقي معبأ بالحالة العاطفية البحتة مما يجعله قابلا للتاثير من قبل الاعلام الماجور خصوصا اعلام التيارات المتعلمنة وايتام النظام السابق الذين لهم خبرة في ادارة الفتن والاستفادة من توجيهات النظام السابق التي تتضمن ادارة ماسمي بمخطط الارض المحروقة بعد السقوط لذلك من السهل دخول عشائر عراقية في اقتتال داخلي كما حدث بالاسلحة الثقيلة بين عشائر في البصرة , وهذا يتحمله العراقيون بكل مشاربهم ومذاهبهم وانتماءاتهم , بينما نجد مثلا الشعب الايراني الذي تراهن كل قوى الاستكبار العالمي على جره الى تظاهرات وصراعات داخلية محصن تماما رغم هول المؤامرة ورغم الاموال الطائلة ورغم الحصار القاسي الذي يعانيه جراء الحظر الامريكي على بلاده , حيث تتسم التظاهرات الاخيرة بالفوضوية وغياب الرؤية والاهداف لدرجة ان البعض قدم مطالبات بحرمان شريحة رفحا من حقوقهم , والانزلاق نحو العنف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة ورفع شعارات بعيدة عن مطالب الطبقات المستضعفة وعدم وضوح القيادات التي هي من المفترض ان تكون مشخصة لدى جموع المتظاهرين , لذلك عندما اقترحت المرجعية تشكيل لجنة حكماء لمعالجة الوضع الراهن هي تدرك تماما غياب منطق العقلنة في الوضع العراقي وانه مفتوح امام الاغراض والنوايا السيئة التي تريد دمارا وفتكا بالعراق دون مراعاة الاصول والاسس القانونية المتاحة للمعالجات والحلول.

ثانيا : ان الذين نزلوا للشارع في الاحداث الاخيرة هم في الغالبية من فئة الشباب وهي بلا شك فئة مفصلية ومهمة كان من المفترض احتوائها في الوضع الجديد وتوفير سبل العيش الكريم لها بدلا من تحويلها الى لقمة سائغة بيد جهات حاقدة على العراق وشعبه وهو يذكرنا بالتفجيرات الارهابية التي كان الشباب وقودها نظرا للبطالة وغياب الثقافة وضعف التعليم وعدم توجه الحكومة لحالتهم باعتبارهم الجيل الجديد لما بعد النظام العبثي المنهار , هؤلاء من السهل شحنهم لاسباب تتعلق بالحيوية والفتوة خصوصا وان الجهات المتضررة لما بعد نظام صدام يهمها كسب هذه الشريحة وجرها الى اتون الجريمة والعبث والفتك والغوغائية .

ثالثا: ان العراقيين مازالوا يفتقدون لفن المعارضة وكيفية التحرك لنيل حقوقهم وكسب الشرعية لمطالبهم , بدلا من افشال هذه المطالب وتاليب الاخرين عليهم , وهي خصوصية جديرة بالدراسة ولاترتبط بالشارع العراقي بل في الاحزاب والحركات المشاركة في الحكومة حيث وجدنا هذه الاحزاب رغم انها في صدارة الحكم تتعامل مع الحكومة ليس من منطلق المسؤولية بل من زاوية المصالح تارة والمعارضة تارة اخرى , فهي مع الحكومة طالما كانت هناك مكاسب ومصالح وهي ضد الحكومة متى ماحصل خلل او فشل للحكومة , وهذا الامر يمكن رصده في تيار الحكمة وفي التيار الصدري الذي بدلا من ان يتحمل المسؤولية باعتباره هو من جاء بعبدالمهدي الى رئاسة الحكومة نراه يتخلى عن حكومة عادل عبدالمهدي في اصعب واعقد الظروف التي يمر بها العراق ويدعو لانتخابات برعاية الامم المتحدة التي هي نتاج القوى الدولية والصهيونية , وهذا ما يطلق عليه السياسيون بالاحزاب والحركات المراهقة .

رابعا : الحكومة تعاملت بالكثير من الانفتاحية لدرجة اطلاق سراح المتظاهرين واعتبار قتلاهم شهداء ومشمولين بالرواتب والمكتسبات ,

ان اية قراءة للاحداث الاخيرة بشكل موضوع تقودنا للقول ان غالبية الشعب العراقي مازال يجهل دهاليز السياسة ومايجري في الوضع العراقي لان عادل عبدالمهدي وللانصاف ليس هو المسؤول الاساسي عن هذا الوضع بل الذين جاؤوا به وتخلوا عنه ,فهم الذين لم يسمحوا له حتى باستكمال كابينة الحكومة كما لم يسمحوا له في تحقيق حكومته الحاسوبية التي كان الرجل يتوقع حصولها بناء على الوعود التي اعطيت له , بل ان هؤلاء عابوا عليه تصريحاته بخصوص مسؤولية كيان الاحتلال الصهيوني وسفره الى الصين وعلاقته مع ايران .

ان الطبقة السياسية الحاكمة هي المسؤولة كما اشارت المرجعية الى ذلك باعتبار ان البرلمان هو نتاج هذه الطبقة ويجب عليها ان تراجع مواقفها وان تتخلى عن سياسة التنافس اللامشروع والسلبي الذي اوقع البلاد في كوارث , كما ان الدستور العراقي الذي وضعه بريمر هو المسؤول عن شرذمة الوضع العراقي وهو الذي ساهم في المحاصصة والمحسوبية وجر العراق الى صراعات داخلية .

كما ان امريكا واتباعها هم المسؤولون عما الت اليه الامور فهي مازالت تتصرف كالمحتل في العراق , والوضع السياسي القائم هو نتاج احتلالها وانها لم تسمح للاحزاب الاصيلة وصاحبة التجربة والتي قدمت التضحيات الجسام على مذبح الحرية بان تقود عراق مابعد صدام , حتى انها تجاهلتها في المؤتمرات التي كرست لاسقاط النظام العفلقي في العراق , وهذا مااشار اليه السيد نوري المالكي الذي حاول مرارا ايجاد حكومة اغلبية من اجل انقاذ العراق واخراجه من اتون الصراعات الحزبية التي اوجدها الاحتلال , وحتى المفوضية العليا للانتخابات وتجربة الانتخابات هي برايي المتابعين للشان العراقي غير امينة وغير صادقة في النتائج لان هناك شركات امنية امريكية واسرائيلية لديها القدرة على اختراق الحاسوبات وتغيير كل المعادلات وهذا ماكشفته مؤخرا قضية المرشح للانتخابات التونسية نبيل القروي الذي صعد رغم انه معتقل ومتهم بقضايا فساد مالية حيث كانت شركة امنية صهيونية تسانده في هذا الجانب ؟؟؟؟

ان امريكا مازالت تمارس سياسة ولي الامر على العراق وتسعى لان يكون ساحتها الامامية للصراع مع ايران وهي التي ملاته بالقواعد العسكرية وهي التي جعلت اقليم كردستان العراق يتمرد على الحكومة المركزية وهي التي تسعى الى تقسيم العراق وتشظيته , وهي التي تمنع اية مشاريع لتطويره وتنميته , كما تمنع استكمال ايصال الكهرباء والماء والتصنيع والمدارس وتسمح فقط للجهات المشبوهة والمرتشية بادارة العديد من هذه المشاريع لافشال تجربة نظام الحكم الجديد في العراق وتغذية مقولة ان الشيعة ليسوا قادرين على ادارة الحكم وان مكانهم هو اللطم والبكاء وزيارة القبور ؟؟؟؟

انظروا فقط للاعلام الخارجي ولردود افعال الدول التي تقف الى جانب الاحداث الاخيرة وهي كيان الاحتلال – امريكا – بريطانيا – السعودية – الامارات – قطر – بقايا وايتام النظام العفلقي – دوائر صهيونية – لتعرفوا طبيعة وخطورة المخطط الهدام الذي يجري اعداده وتمريره عبر المخدوعين والمساكين والمغرر بهم لمزيد من التدمير ولمزيد من الخضوع لامريكا ودفع العراق للتطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني .

 

شاهد أيضاً

التيار والاطار  ….والدولة الوهمية…بقلم ميلاد عمر المزوغي

طرفا النزاع  في العراق (الصدريون وغرمائهم التقليديون الاطار التنسيقي) يواصلان حشد جمهورهما والنزول للشوارع والحجج …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024