بقلم: محمد إبراهمي |
هل كانت هذه مجرد صدفة نتيجة تراكم الإستبداد والظلم ام سيناريو مرسوم بعناية قاد إلى إنهاء إستقرار الدول العربية وإلهائها في صراع دائم مع شعوبها لخدمة أطراف دولية بما يسمى مسار “ثورات بالربيع العربي” ولكنه في الحقيقة هو مسار “ثروات الربيع الغربي”.
فبعد ان ثارت الشعوب العربية على حكامها وأحدثت منعرجا كبيرا وتغييرا جذريا، بعض شعوب هاته الدول لازالت تصارع الأنظمة التي ركبت على أحداث ثورتهم وبعضهم اندثر تحت الحكم العسكري وانتهت الديمقراطية تحت القوة المفرطة والدكتاتورية الناشئة وطبعا بمساعدة دائمة من الأطراف الخارجية التي تسعى لتخريب موجة الربيع العربي وإجهاضه، أولا لكي لا تنتقل عدوى الإنتفاضة اليهم وإعتقدوا أنها تهدد إستقرارهم ونظامهم وربما هذه لعنة الدكتاتورية ستلاحقهم نتيجة التدخل السلبي في شؤون الدول المنتفضة “فمن حفر جبا لأخيه وقع فيها”، وثانيا لإلهاء هاته الدول وإضعافها لخدمة مصالح الغرب فبعضهم يسعى لنهب ثروات هاته البلدان والبعض الآخر يسعى لكي تسقط الدول المنتفضة والغارقة في المديونية والفوضى الشعبية في مربع التطبيع وتمرير بما يسمى” بصفقة القرن”.
ان في ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﺟﻨﺒﻴﺔ ﺍﺳﺎﺀ للوﺿﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ودهاء وﻣﻜﺮ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ في إستعمال كل الأساليب الدنيئة لإجهاض الثورة وأي إنتقال ديمقراطي . .
في قراءة للربيع العربي الثاني ومع تطور الحراك الشعبي الانتفاضي في السودان، يطرح السؤال عن عودة الربيع العربي وإمكانية انتقاله من جديد إلى دول أخرى وقد تعلم الشعب السوداني من فشل الثورة المصرية وباتت بالحكم العسكري وتولدت إنتفاضة جديدة بعد تنحي عمر البشير وتولي المجلس العسكري الإنتقالي الحكم ويرى الشعب السوداني ركوب على ثورتهم وتم الإجهاز عليها وإنقلاب عسكري ثاني على الإنقلاب الأول لنظام البشير الذي كان الجيش المساند الرسمي للشعب ثم إنقلب الأمر ضد إرادة الشعب السوداني وبدوره يطالب بشدة بالحكم المدني وتعود السودان لدولة مدنية كما يحلمون بها وتولدت مظاهرات وإحتجاجات تحت القمع الدموي من قبل المجلس العسكري وسط تعتيم إعلامي، وعلى خلفية الأزمة السياسية السودانية والتدخل العسكري في قمع المحتجين المطالبين بدولة مدنية ومحاكمة رموز نظام البشير والإسراع في حلحلة الأزمة قبل تفاقمها والرجوع لطاولة الحوار، فإن لم يستجب المجلس العسكري لمطالب المتظاهرين فإن ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﻨﻲ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ وربما تأخذ الأزمة منحى خطيرا يصل إلى العصيان المدني الشامل إلى ان يتم ﺗﺴﻠﻴﻢ السلطة إلى ﻟﻠﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ﺩﻭﻥ ﺷﺮﻭﻁ ﺃﻭ ﺗﺴﻮﻳﻒ ..
فالتعتيم الإعلامي والتدخل الخارجي السلبي يعقدان الوضع ولازالت تتفاقم الأزمة السياسية وتتجه لنفق سياسي مظلم وربما لا يوجد حل في الأفق القريب ..، ولابد من حل جذري وإحترام لإرادة الشعوب في إقرار مصيرهم دون قمع وإستبداد..
فالثورات تترنح بين النجاح الجزئي والفشل الكامل !
الثورة التونسية ربما فشلت من خلال التراكمات والصراعات ودون تحقيق أهدافها ولابد ان نعترف بهذا الفشل .. فاﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ من جديد والإصطفاف لحماية المسار الإنتقالي فهو ثمرة الثورة المجيدة فالشعب ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﻭﻳﻌﺎﻧﻲ ﺃﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻭﺗﺸﻮﻳﺸﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﻳﺤﺲ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻢ ﺍﻟﻐﺪﺭ ﺑﻪ ﻭﻃﻌﻨﻪ ﻣﻦ الخلف وسرقت منه ثورته، وربما مسار الثورة التونسية في طريقها إلى النجاح إن حافظت النخب والأطياف السياسية والحزبية والشعب في حد ذاته على الإنتقال الديمقراطي السلس والسليم ودون التدخل الخارجي في الشأن الداخلي، فالأحداث الأخيرة وبث للإشاعات والبلبلة تخدم أطراف إقليمية ودولية لضرب الإستقرار في البلاد وخصوصا الإنتقال السياسي .. واهم من يريد الإستفراد بالحكم والشعب سيكون بالمرصاد لكل من تخول له نفسه الإنحراف بمسار البلاد وأمنها .. مرت 8 سنوات ويكفي تجارب سياسية فالشعب يريد الفعل والجدية ودولة عصرية ولا يريد مشاريع وهمية ومراهقة سياسية .. فيكفي إنتهازية ومصالح شخصية فللدولة سيادة أبدية وللشعب إرادة ثورية..
عاشت تونس
عاشت الجمهورية