تضييق الخناق على المقدسيين يأتي بعد سلسلة من الاعمال الاجرامية التي يقوم بها العدو لأجل تهويد القدس وجعلها عاصمة للدولة العبرية امرا واقعا في ظل تخاذل المجتمع الدولي,اما العرب والمسلمين فإنهم يكتفون ببيانات الشجب والاستنكار والإدانة.
الخطوة التي اتخذها الرئيس الامريكي ترامب لم تكن مفاجئة بل كانت متوقعة وفاء بالتزام قطعه على نفسه ابان حملته الانتخابية,و كان واضحا منذ البداية بأن قرار نقل السفارة مسألة وقت فقط لا غير، العرب بعد حرب 73م التي كانت لتحريك المياه الراكدة ولم تكن اساسا للتحرير وفي اقصى مبتغاها كانت لاسترداد بعض الاراضي المحتلة من دول الطوق العام 67 م, غالبية الحكام العرب بمن فيهم القيادة راهنوا على واشنطن لأجل الضغط على ربيبتها اسرائيل من اجل الانسحاب الى حدود العام 67 م, لقد تخلى العرب نهائيا عن القضية الفلسطينية فكان مؤتمر مدريد العام 1991م.الذي اختصر القضية الفلسطينية في غزة وأريحا.
قرار نقل السفارة أتخذه الكونجرس الأمريكي العام 1995 , حينها لم تقم البلاد العربية والإسلامية بأية تحركات للتأثير في الرأي العام الأمريكي حتى يتم التراجع عن هذا القرار. فلم تقم بإنشاء لوبي عربي لأجل الضغط على الادارة الامريكية اقله بان تكون محايدة فيما يختص بالشؤون العربية والإسلامية, بل نجدها تغدق الاموال ليتعافى الاقتصاد الامريكي وينخفض مستوى البطالة وتزداد عجلة انتاج الصناعات الحربية التي يشتريها بني يعرب للاقتتال فيما بينهم,الادارة الامريكية تعلم مسبقا بان هناك العديد من الدول العربية والإسلامية تسعى الى حل القضية الفلسطينية بأي شكل من الاشكال,لتقيم علاقات دبلوماسية مع كيان العدو.القدس لم تعد تعني الكثير لحكامنا الميامين,وفي سابقة خطيرة وغير معهودة بل جد جريئة تمنى ولي العهد السعودي على رئيس السلطة الفلسطينية بأن تكون بلدة أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية وتهدده بالبحث عن بديل له في حال عدم تجاوبه.
امريكا كانت جادة في تصفية القضية الفلسطينية, حيث وفي زمن بسيط استطاعت تحييد مصر وإقامة علاقات وطيدة بين نظامها وكيان العدو عبر اتفاقية كامب ديفيد, اما العراق فقد تم الزج به في حرب طويلة الامد مع ايران انهكت قواه, ما جعله لقمة سائغة في افواه الذين يدورون في فلك المستعمر من ابناء العراق, فقضوا على الدولة في فترة وجيزة وأصبحت مرتعا لكافة التنظيمات الارهابية.
الغرب ومن خلال تجاربه ان العرب والمسلمين والقيادات الفلسطينية السائرة في ركب التسوية ونخص بالذكر منها (فتح)كبرى حركات التحرر المسيطرة كليا على منظمة التحرير التي اعترفت بحق الكيان الصهيوني في الوجود,يدرك تماما بان مواقفها لن تتعدى الشجب والاستنكار والتنديد,وان الجماهير العربية التي اصبحت مكبلة في قوتها اليومي ستقوم في بضع ايام بتنظيم مظاهرات,ويرجع كل الى مكانه.
الذي لاشك فيه ان اعلان القدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال سيمهد الطريق لحل مشكلة اللاجئين,وذلك من خلال توطين من تبقّى من فلسطينيين بالداخل في سيناء المجاورة, اما اللاجئون بالخارج فهناك جهود مضنية بان يمنحوا جنسيات البلدان المتواجدين بها.
الذين يتباكون اليوم على اعتبار القدس عاصمة لكيان العدو,نقول بان فلسطين محتلة منذ 70 عاما, وفي كل يوم يقوم العدو بقضم اراض جديدة من خلال بناء المستوطنات فلم يبقى من الضفة إلا الجزء اليسير,ما ينبئ باستحالة قيام الدولتين.
يبقى الرهان على الشعب الفلسطيني (شعب الجبارين)الذي يجب ان يقود التحرك الشعبي في كل ارجاء الوطن العربي والعالم الاسلامي, ومن ثم قلب الطاولة على امريكا ومن يدور في فلكها من الحكام العرب والمسلمين. وستبقى القدس مسرى الرسول الاكرم مدينة للسلام وسيندحر الاعداء, والعملاء الى مزبلة التاريخ.