السبت , 23 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

  المضحك من عملاء السفارات بتونس…بقلم محمد الرصافي المقداد

 

عندما يجتهد بعض مثيري الشغب والتضليل الإعلامي في تونس، من أجل تجميع عدد من الأشخاص (3 إناث و7 ذكور)، لا يتجاوز العشرة، لينفذوا وقفة احتجاجية أمام سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تنديدا بمقتل  الفتاة (مهسا اميني)، فذلك قطعا على ما يبدو ليس من تلقاء أنفسهم، بل استجابة لرغبة أمريكا ودول الغرب، رعاة الصخب والتشويش من أجل تشويه سمعة النظام الإسلامي، وتحشيد الأنظمة والشعوب ضده، فذلك مما درجوا عليه من 43 سنة استغلالا لأي حادثة داخل إيران، وقد سخروا له الأشخاص والجمعيات، ذات الصبغة الثقافية بالتدريب والتشجيع، وصرف الأموال لتغطية نشاطاتهم المشبوهة، وهؤلاء الذين حضروا أمام السفارة الايرانية بتونس، كان من باب أولى أن يهتمّوا بالشأن الداخلي للبلاد، وليس بما جرى في إيران، وطويت صفحته الخبيثة جماهيريا وأمنيا، وأصبح من الماضي، وبرهن على سفه عقول من أسس وحرّض، ويبقى المجال القانوني والحقوقي قائما لمحاسبة المتورطين فيه داخليا، والعرف الشائع بين الدول ذات النظم الشرعية، أنه لن تمر جريمة من دون عقاب، ولو سألت حاملي تلك الصور وشعاراتها، ما مدى معرفتهم بمحتواها، لما جروا جوابا مقنعا، ولكشفت ألسنتهم عن ثقافة معرفية ضحلة، لا تكاد تميز بن ما هو واقعي، وما هو خيالي، ينبئ بأنّ ما قاموا به من احتجاج، نابع من حقيقة لمسوها بعقولهم، ولم يكونوا تحت أي تأثير خارجيّ دفعهم للتعبير عنها، بذلك المستوى التعيس جدّا.

سؤال غير بريء، للشرذمة التي جمعت أفرادها المعدودين دون العشرة، عملاء لأمريكا والغرب، لماذا لم يحتج من هؤلاء أحد، أمام السفارة الأمريكية، عندما قتلت الشرطة الأمريكية الملوّن (جورج فلويد)، بطريقة فاشية وحشية، وهو البريء الذي لم يصدر منه ما يوحي بأنّه لم يمتثل لأوامر الشرطة؟ لقد كان من باب أولى أنى يقوموا بذلك – وهي القضية الانسانية التي اهتزّ لها العالم استنكارا – لو كان احتجاجهم أمام السفارة الإيرانية بتونس عفويّ وشخصي، وغير مُسيّس.

وما قامت به اليوم عدد من النسوة الديمقراطيات أمام المستشارية الثقافية، لم يكن بدوره بمعزل عن الهجمة التحريضية الغربية المضللة ضد إيران، حيث لم يعد لدوله من سبيل لإيقاف نجاحات إيران بغير التلفيق عليها، والدعايات الكاذبة ضدّها، ولا يمكن تفسير هذه المحاولات المتكررة ضدها والمستغِلّة لأيّ حدث داخل إيران ولو كان عرضيّا وطبيعيا، لاستثماره وتحويله إلى حدث سياسي تُبْنى عليه مسرحية ما.

تكالب أمريكا ودول الغرب على الإساءة للنظام الإسلامي، نابع من خشيته من استمرار نجاحاته الكبرى، سواء على مستوى انجازات علمية وصناعية مدنية وعسكرية، وثباته على مبادئه المعلنة منذ انتصار ثورته، ومنها قضايا تحرير الشعوب من هيمنة القوى الكبرى، وفي مقدمتها قضية فلسطين، ورؤيته الواضحة في أنّ حلّها الوحيد، يتمثّل في انهاء الوجود الصهيوني على أرضها، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، من هذه الحقائق التي أصبحت متاحة ليراها الجميع، الأصدقاء والأعداء على حدّ سواء، تُعْتَبر منغصات للنظام العالمي الجديد الذي تريده أمريكا فرضه على العالم.

ما لم يحسب له الغرب، المتورط بجميع دوله، في موجة التحريض الجديدة ضد النظام الاسلامي في إيران، أنّ تقاليد الشعب الإيراني في لباسه المتعفّف قديمة مازال محافظا عليها، رغم محاولة  (رضا شاه) منع ارتداء الحجاب، واستصدر من أجل تحقيق ذلك قانونا سنة 1936 (1)، لكنه مُنِيَ بفشل ذريع في بلد أغلب اهله متدينين محافظين، فقاوموه ولم يستجيبوا له، سوى الفئة الموالية للسلطة الغاشمة وقتها، فإذا لم ينجح دكتاتور إيران في مسعاه لمسخ نساء ايران وتغريبهن عوض إسلامهن، فكيف بأعداء الإسلام الحقيقيين في الداخل والخارج أن ينجحوا، والسلطة قائمة بالأساس على أحكام الدين وقيمه؟

الفئة الغبية في مجتمعاتنا التي يستغلها الغرب كما استغلها الكيان الصهيوني في التمهيد لاغتيال الشهيد (محمد الزواري)(2)، من واجب الحكومة أن تنتبه لهؤلاء وتحذر منهم، فإن آخر ما يهمهم أمران، الوطن فلا وطن لهم سوى من يدفع لهم، وهي الدول الغربية التي تبنّتهم، ووفرت لهم المال ووسائل التغطية الثقافية، لا مكان للدين والالتزام في حياتهم، قصارى ما في عقولهم نزوات وشذوذ عن الآداب والقيم، فلا دين لهؤلاء في حياتهم، وبالتالي لا أخلاق لهم.

واتساءل أين وزارة الداخلية من هذا الذي حصل أمام السفارة الإيرانية؟ أليس ما قامت به تلك الشرذمة من المواطنين مسيء للعلاقات بين بلادنا وإيران، ويعتبر تدخّلا في شأن داخلي يخصها ولا يحقّ لأحد أن يحتج عليها فيه بالأسلوب الذي أظهره هؤلاء الأفراد ولافتاتهم المسيئة جدا لدولة لها حرمة لا يمكن تجاوزها، فهل تعتقد الحكومة التونسية أن ما حصل وهو مهزلة مقبولا عندها ومسكوتا عنه لديها، مقبولا لدى إيران ومسكوت عنه؟

ما يجب أن يقال اليوم، وقبل أن يغرقنا شواذّنا من عملاء السفارات في أزمة دبلوماسية، نحن في غنى عنها – وكلامي موجه إلى الذين لم يعاصروا الثورة الاسلامية الايرانية، ولم يتعرفوا عليها من خلال كتابات علمائها وفلاسفتها ك(الإمام الخميني)، والشهيد (مرتضى مطهّري)- فإن لم يتسنى لكم قراءة كتب هؤلاء العظماء، فاقرأوا ما كتبه (محمد حسنين هيكل) عنها في كتابه (مدافع آية الله)(3) فإن في قراءة ما كتبه كبير الإعلاميين والصحفيين العرب بحيادية ومصداقية، كافيا لإعادة عقول تائهة ومضللة إلى واقع حقيقي، بعيدا عن المغالطات  التي عادة ما يقدّمها الغرب للمهووسين ببهرج ثقافته الزائفة، فيوقعهم في الخطأ.

المصادر

1 – كشف الحجاب في إيران

https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – رسمي: 3 ايقافات في صفوف المشتبه بتورطهم في اغتيال الزواري.. واليوم استنطاق موقوفين اثنيْن

https://www.hakaekonline.com/ar/article/55731/

3 – كتب محمد حسنين هيكل مدافع آية الله قصة إيران والثورة

https://www.noor-book.com/tag/

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024