الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

الملجأ الأمريكي الأخير…بقلم راتب شاهين

ماذا يبقى لأمريكا بعد الحروب؟ سؤال.. أمريكا ذاتها لا تريد الوصول إلى إجابته، فمرحلة ما بعد الحروب التي يغذّيها الغرب في العالم، غير موجودة في القاموس الاستراتيجي الدولي، فهي نظرة فلسفية لم ولن تصل إليها البشرية، لكن الوحوش الإمبراطورية عبر التاريخ والتي وصلت تناقضاتها الداخلية إلى مرحلة التدمير الذاتي، أدركت جدوى تصدير أزماتها عبر اجتياح الدول وافتعال الأزمات الخارجية، بدلاً من التجربة البيزنطية بالجدل (حول جنس الملائكة)، فيما العاصمة محاصرة من العثمانيين.
الولايات المتحدة الأمريكية التي قالت عنها الصين مؤخراً: إنها أكبر مصدر لعدم الاستقرار في العالم. وصلت إلى المغزى الذي يمد من عمرها الافتراضي، فكل شيء من صنع البشر له مدة صلاحية، بداية ونهاية، فالفوضى وعدم استقرار الساحة الدولية يمدّ من عمر الدول المريضة، التي تقف على الباب الأخير من تطورها، فالدول تستطيع التخطيط للبداية، أما النهاية فهي رهن العوامل الدولية المتغيرة، وأحياناً مصالح الدول التي تقف في الجانب الآخر أي المعادي لأمريكا، وربما مصالحها الآن بعدم الانهيار الأمريكي الكلي، لكن الواقع اليوم وبالحالة الأمريكية، فإن تدخلاتها الخارجية، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وبالإرهاب، تبقيها المتصدرة للمشهد الدولي وفي وضع يمنعها من الاقتناع بعدم جدوى مشاغباتها الدولية.
أمريكا التي تحتل المرتبة الأولى في العالم في قوتها العسكرية، ليست بوارد خوض الحرب المباشرة، لكنها أيضاً الأولى في زعزعة الاستقرار العالمي، فهي تدرك أن اقتراب الأفول والسيطرة الأمريكية على العالم، لا يؤخرها إلا الفوضى التي تشعل بؤرها في الشرق والغرب، فالهيمنة الأمريكية مرهونة بالفوضى، ويناقضها اقتراب الدول من بعضها وتجاوز خلافاتها، وبدء المحادثات بين الدول المتنازعة، لكن أمريكا دائماً ما تتدخل من خارج سياق المحادثات وتضغط على زر «الكونترول» وذلك لإيقافها، ولإعادة عقارب الساعة إلى أجواء التوتر، حتى يبقى لها مكان تلعب به على تناقضات المختلفين.
أمريكا التي تعاني من أزمات داخلية خطرة، أهمها العنصرية وتصاعد العداء العرقي والطبقي وبطء نموها الاقتصادي وخروجها من أسواق عالمية لمصلحة الصين، بحاجة لتشتيت الداخل الأمريكي عن أزماته، لذلك تلجأ إلى الهروب من الحقيقة، بافتعال الحروب والفوضى لإدامة تماسك شعوبها داخلياً وتمسكها بخيوط اللعبة العالمية خارجياً.

 

شاهد أيضاً

يكذبون.. شركاء في الإبادة…بقلم راتب شاهين

كثيرون هم التجار والانتهازيون، الذين حملوا لواء القضية الفلسطينية، والذين ينطبق ‌‏عليهم قوله تعالى: «وَأَنَّهُمْ …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024