الانسان بالفطرة يميل الى ان يكون شيئا مرموقا وله قيمة ووضع جدير بالاحترام فى المجتمع الذى يحيا به ولكن اذا كانت النتيجة تختلف عن الفطرة بدرجة كبيرة جدا فالبتالى هذا يؤكد ان هناك اسباب ودوافع قوية اقوى من الشخص جعلته ينحدر الى هذه النتيجة التى بسببها نبذه المجتمع , ونجد فى حوارات المحققين او الصحفين مع المنحرفين اخلاقيا وخاصه نزلاء الاحداث والذين تربوا فى ملجأ الأيتام ثم اتجهوا الى الجريمة فيما بعد اسئله تتكرر كثيرا ومنها .. لم تشعر بالذنب عندما ارتكبت هذه الجريمه ؟ لم تتذكر الله وعقابه عندما فعلت هذا ؟ لم تشفق على الشخص الذى اهنته او ظلمته ؟ اين كان ضميرك عندما فعلت هذا ؟ وسوف اجيب على هذه التساؤلات من خلال النقاط التاليه :
التنشئة الإجتماعية
نجد فى المجتمع الطبيب والقاتل , الضابط والحرامى , شيخ مسجد وأخر محترف فى النصب والإحتيال ومتخصصين فى إيذاء الاخرين , ولكن لما هذا الاختلاف لماذا اصبح لدينا مواطن له وضع مرموق وقيمة اجتماعيه ؟ ولما اصبح لدينا ايضا المنحرف والمجرم ؟ ان هناك فرق كبير جدا بين الشخص الذى نشأ فى اسرة بين أم وأب قاموا على تربيته وتعليمه وهدفهم الاساسى فى الحياة ان يصبح هذا الابن شىء له قيمة مرموقه فى المجتمع فوقفوا بجواره بكل طاقتهم المادية والمعنويه وعلمهم وثقافتهم وغرثوا فيه حب العلم وحب الارتقاء بالذات حتى وصل الى هذه النتيجه وهى النتيجه الطبيعيه لشخص نشأ فى اسرة ربته على قيم ومبادىء وقدمت له كل اسباب ومقومات النجاح , اما المنحرف او المجرم الذى عادة مايكون تربى فى ملجأ للأيتام او الاحداث وهذه الاماكن والتى بدورها يعيش فيها الفرد فى ظروف قاسيه وربما يتعرض للاعتداء اللفظى والجسدى وربما الجنسى ايضا ويحرم تماما من جو الاسرة المعتاد , نشأ فيها الفرد وهو لايعرف من هو ؟ وماهو اصله وحقيقة قصته ؟ ولكن الذى يعرفه جيدا ويستشفه من معاملة الاخرين له انه شخص لاقيمة له وربما يكون جاء الى الدنيا بطريقة غير شريعة وغير مشرفه لاى انسان والقائمين على رعايته فى دار الايتام او الاحداث مجرد موظفين يؤدوا وظيفتهم ويتقاضوا راتبهم فقط وربما يكونوا غير مؤهلين علميا ونفسيا للتعامل مع هذه الشريحه من افراد المجتمع فيساعدوهم على تضخم كراهيه النفس وكراهيه الاخرين بلا وعى وتضخيم حجم السخط بداخلهم تجاة المجتمع , فلذلك وجود اسرة للفرد او عدم وجودها سبب اساسى فى النتيجه التى يصل اليها الفرد ان كانت نتيجه سويه او غير سويه .
وجود الضمير من عدمة
ان الضمير يتكون بداخل الفرد خلال التربية والتنشئة الإجتماعيه وذلك من خلال قيم ومبادىء واصول يتشربها من اسرتة منذ ان يصبح لديه قدرة على الفهم والادراك حتى يصير رجل فيبدأ بالتصرف من منطلق الاخلاق والقيم التى غُرثت بداخله بواسطة اسرته مع نفسه ومع الاخرين ومع المجتمع بصفه عامه اى ان وجود الضمير لاياتى من فراغ ويتراوح مدى قوة وتاثير الضمير على صاحبه بإختلاف تنشئتة الإجتماعيه وبالتالى فإن الفرد الذى كانت تنشئتة الإجتماعيه فى ملجأ للايتام او الاحداث او اساسا هو طفل شوارع وتم إلحاقه بهذه الاماكن لم يكن لديه اسرة او على الاقل فرد قريب منه يغرث فيه قيم ومبادىء ويعلمه كيف يكون لديه ضمير حى ليكون عضو صالح فى المجتمع ولذلك فان انعدام الضمير لدى هؤلاء الاشخاص لدرجة انهم يقدمون على ارتكاب الجريمه بمنتهى البساطه بلا ضمير يسيطر عليهم او يجعلهم يتراجعوا عن فعل الجريمه او يشعرون بالذنب بعد ارتكابها شىء طبيعى جدا ورد فعل طبيعى لفرد لم يجد من يغرث بداخله الضمير الحى الذى يلومه على ما ارتكبه من ذنب او اذى للاخرين .
الاحساس بالأخرين
ينشأ الطفل فى أسرة تحيطه بالرعايه والحب والحنان وتسعى جاهدة لتحقيق كل رغباته ويتفانى الاب والام بكل قوتهم فى تحقيق السعادة وتلبية طلبات هذا الطفل فيجد الطفل نفسه كائن محبوب مدلل وبالتالى ينشأ بينه وبين اسرته ارتباط عاطفى ويبادلهم الحب والحنان واظهار مدى تعلقه العاطفى بهم وبالتالى يتربى الطفل على احساس الحب المتبادل بينه وبين اسرته وايضا بينه وبين افراد عائلته من ناحية الام وناحية الاب ومع مرور الوقت وبعد غرث بذرة الحب والعطاء بداخله يدرك معنى الاحساس بالاخرين لان الحب والاحساس شعور متبادل نتيجة الارتباط العاطفى بينه وبين افراد اسرته وعلى حسب درجة العطاء والاحساس به يصبح لدية قدرة على العطاء والاحساس بالاخرين , ولكن ماذا عن الطفل الذى جاء الى الدنيا فوجد نفسه بلا اسرة وبلا عائله تحبه وترعاه ووجد نفسه فى ملجأ ايتام يتعامل بفطور وقسوة واهانه واستحقار من كل الافراد القائمين على رعايته فلا يصبح لديه ارتباط عاطفى بينه وبين اى شخص وايضا لايدرك معنى الارتباط العاطفى فهو ليس لديه اى عاطفه تحيط به فكل من حوله مجرد موظفين يقومون باعمالهم فقط ؟ ثم يخرج الى المجتمع الكبير فيصبح شخص منبوذ اجتماعيا ويتعرض للاهانه المعنويه نظرا لانه تربى فى ملجأ ايتام او تخرج من إصلاحيه وبالتالى ينفر منه المجتمع ويهينه بكل اشكال الاهانه سواء لفظيه او معنويه او جسديه فهل هذا الشخص الذى ربما كان مرفوض وغير مرغوب فيه منذ ان كانت والدته تحمله فى بطنها والتى لايعرفها لاترغب فيه ثم جاء الى الدنيا ليجد نفسه وحيد بلا مصدر للامان والحنان والحب ولم يعرف سوى الاهانه وجرح المشاعر فقط هل هذا الشخص ممكن ان يكون لديه احساس بالاخرين ؟ او يستطيع ان يتعاطف مع الاخرين ؟ بالطبع لا لانه لم يعرف يوما معنى للعطف والاحساس ولم يجد من يعلمه للاحساس معنى وبالتالى يكون الاحساس بالاخرين معدوم نهائيا لانه لم يشعربه احد يوما ما .
الناحية الدينيه
اى إنسان لدية شخصية متعددة الجوانب ولعل الجانب الدينى احد واهم جوانب الشخصية وهذا الجانب مثله مثل باقى الجوانب التى تتكون لدى الفرد خلال عملية التربية والتنشئة الإجتماعية ويكتسبة الفرد من خلال اسرته المحيطة به والتى تزرع فيه حب العبادة وحب الله والخوف منه وتضع فى عقله الخطوط العريضه لعلاقته بربه والخوف منه , اما الفرد الذى وجد نفسه فى الشارع بلا اسرة او فى ملجأ او إصلاحيه فلم يجد احد يعلمه ويغرث فيه القيم والمبادىء الدينيه وحب الله والخوف منه ومنطق الله فى التعامل مع عبادة وبالتالى هؤلاء الاشخاص يقدمون على فعل الخطأ او الجريمه بلا رادع نابع من صميم انفسهم او ضميرهم لانهم افتقدوا من يعلمهم ويربيهم على الايمان والخوف من الله وبالتالى لايشعر مثل هذا الشخص الذى افتقد الاسرة التى تربيه وتعلمه وتغرث فيه القيم والمبادىء بالخوف من عقاب الله عند الاقدام على الجريمه او بعد الانتهاء منها.
التكوين النفسى
طالما ان الطفل الذى نشأ فى الشارع او فى ملجأ او فى إصلاحية لم يجد لدية اسرة تعلمه وتربيه وتغرث فيه القيم والمبادىء فمن الطبيعى ان يكون مجرد من الضمير , لم يكن له اسره تغرث فيه علاقته بربه بالطبع سيكون شخص لايخاف الله , لم يكن لديه اسرة تكسبه الحب وتعلمه الاحساس بالاخرين بالتالى لن يكن لديه اى احساس بالاخرين اطلاقا لانه لم يتعلم هذا او يكتسبه , طالما انه لم يعرف فى حياته سوى الاهانه والاعتداء بكل اشكاله واساليبه فبالتالى سيكون شخص عدوانى عنيف همجى حاد الطباع لايعرف شفقه ولا رحمه يكن بداخله طاقة من الحقد والغل والسخط على المجتمع فلن يتردد فى إيذاء الاخرين وطالما انه نشأ على الحرمان والحرمان هو الذى شكل وكون الجوانب الاساسيه فى شخصيته وتكوينه النفسى فهو لن يعرف سوى منطق الحرمان بكل انواعه سواء العاطفى او المادى وبالتالى لن يتردد فى اشباع احتياجاته حتى لو كانت على حساب ايذاء الاخرين فلم يكن هناك احد يشعر به او يقدر احتياجاته او يرحمه بل لم يجد من الاخرين سوى الحرمان مع الاهانه وبالتالى هذا الشخص بتكوينه النفسى يميل الى البعد عن المجتمع والميل والقرب الى الاشخاص التى تشبهه فى النشأه والتكوين النفسى وفلسفة الحياة لانه لن يشعر بالنقص معهم ولن ينظروا له نظرة دونيه لانهم مثله فى كل شىء بالاضافه الى انه لن يحافظ على نفسه او صحته وربما يميل الى تدمير الذات بطريقه لاشعوريه لانه منذ ان كان جنين فى بطن امه وهو غيرمرغوب فيه وبالتالى ليس لديه الاحساس بقيمة الذات والرغبه فى الحفاظ عليها .
إختيار ام إضطرار
اذا جئنا بطفل صغير وقولنا له ماذا تحب ان تكون عندما تكبر ؟ سنجد الاجابات اما طبيب , مهندس , طيار , صحفى , ضابط ,… وكذلك الفتيات ايضا فالانسان بطبيعته يميل الى المهن البراقه التى لها مكانه عاليه ومميزه فى المجتمع فاذا اصبحت النتيجه عكس الفطره بمسافه تقدر ببعد السماء عن الارض فهذا يعنى ان هناك اسباب ودوافع وظروف دفعت الشخص بكل قوتها وجبروتها لينحدر ويصل الى تلك النتيجه الغير سويه اطلاقا ولكن على الانسان عندما يصبح اكثر نضوجا ويتمتع بقدر عالى من الحريه ان لايستسلم للظروف ويحاول جاهدا ان يغير الواقع ويصنع من نفسه انسان جديد جدير باحترام نفسه والاخرين فإذا كانت البدايه من صنع القدر فلنجعل النهايه بصنع ايدينا وقوة ارادتنا ورغبتنا فى ان نكون اعضاء صالحين فى المجتمع وكلا على حسب قوة ارادته ورغبته فى تغير الواقع .
دور المجتمع والحكومة فى حياة هؤلاء الافراد
ان الشخص الذى تربى فى ملجأ او فى إصلاحية المجتمع لن يقبله بسهوله واحتمال اكبر انه لن يقبله ابدا لانه معروف تاريخه جيدا ولن يثق فيه المجتمع او يحترمه ولذلك على المصالح الحكوميه المسؤله عن مثل هؤلاء الافراد ان توفر لهم وظائف فى مصانع او ورش لتضمن لهم مصدر رزق حلال وحتى لايدفعهم الاحتياج الى فعل الحرام وارتكاب الجرائم من اجل لقمة العيش و على المجتمع ايضا الا يتصرف ويقيم الفرد على اساس النتيجه التى وصل اليها متجاهلا الاسباب التى ربما تكون رغما عن إرادته بكل المقاييس ويحاول ان يعطى لهم فرصه ليبدئوا حياة طيبه شريفه ولتكن صفحه جديدة بالنسبه لهم مع انفسهم ومع المجتمع .