تأسس الكيان الصهيوني منذ أول قيامه على القتل وارتكب أبشع المجازر، وتاريخه يشهد عليه مجزرة تلو الأخرى، من مجزرة سوق حيفا سنة 1937، إلى مدرسة الأونروا فجر اليوم، ودماء يسفكها قطعانه المحترفون في فنون القتل(هاغاناه Haganah) (1) الذين اصبحوا فيما بعد، العمود الفقري لقواته العسكرية، مجرمي حرب متمرسين في أعمال إبادة ممنهجة، وتشريد الفلسطينيين اصحاب الأرض الحقيقيين، حسب أولويّة بسط اليد على الأراضي المغتصبة، وفيما تستمر آلة الجريمة الصهيونية في قتل المدنيين الفلسطينيين، على مرأى ومسمع من دول العالم جميعها المتقدّمة، التي تدعي التحضر والدفاع عن المبادئ الإنسانية وحقوقها المُلْزمة، ومع ذلك يقفون متفرّجين لا يحركون ساكنا إزاء ما يجري، بل ويشتركون في إثم ذلك بتقديم العون والمساعدات العسكرية والمالية، منذ أن قام الكيان سنة 1948 .
وفجر هذا اليوم ( 10/8/2024) ارتكبت القوات الصهيونية مجزرة جديدة، في منتهى الفظاعة أسفرت عن استشهاد 100فلسطيني في مدرسة ترعاها منظمة الأنروا UNRWA لإيواء اللاجئين فجر هذا اليوم، فيما يخيم الصمت المطبق الادارة الأمريكية، في حين أن مسؤول السياسة الخارجية والأمنيّة بالإتحاد الأوروبي (جوزيب بوريلJosep Borrell) كتب على صفحته بموقع إكس ( لقد تم استهداف ما لا يقل عن 10 مدارس في الأسابيع الأخيرة، ولا يوجد مبرر لهذه المجازر، لقد اصابتنا حالة من الفزع الشديد بسب عدد القتلى الإجمالي.(2)
ومع هذا التصريح الواضح من رجل سياسة أوروبي غربي، وما خطّه قلمه تعبيرا عن صدمته يبقى الموقف الأوروبي بعيد عن إقرار حق من حقوق الشعب الفلسطيني، وحجر عثرة باق مع الموقف الأمريكي البريطاني، ما يؤكّد للعالم العربي والإسلامي الشعبي والحكومي، أنّه مع ما يصدر هنا وهناك من تعابير، ومواقف شخصية لبعض السياسيين الغربيين، تبقى مشاعر شخصية لا يمكن التعويل عليها في أن تغيّر شيئا من سياسة الاتحاد الأوروبي حيال القضية الفلسطينية، ومجرّد ابداء المشاعر والتعاطف السلبي لا يجدي نفعا في إيقاف آله القتل العشوائي، التي ما تزال تعمل من أجل إبادة سكان قطاع غزّة، في مخطط إجرامي يهدِف إلى إخراجهم من هناك بالقوّة المفرطة.
الشعب الفلسطيني المظلوم وقضيته العادلة، لا يحتاجان إلى تعاطف من أيّ كان، كل ما يحتاجانه فقد مساندة فعلية وقوية، تجبر المحتل على الخضوع إلى إرادة هذا الشعب المنتهك، الذي ارتكب العدوّ الصهيوني بحقّه جميع الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي، تحت مسمّى جرائم حرب بحقّ المدنيين العزّل، وهي جرائم متراكمة بقيت بلا محاكمة ولا اصدار قرارات ملزمة بشأنها، حتى أنّه تمرّ جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (الشهيد إسماعيل هنية) في طهران، دون أن يراجع الغرب الداعم للكيان الصهيوني مواقفه، كأنّ لسان حالهم جميعا متفق على أن مقاومة الاحتلال الصهيوني الغربي في نظرهم إرهاب، وإنّ تصنيفهم ذلك لن يوقف مدّ المقاومة، ولن يحول دون بلوغها أهدافها في تحرير فلسطين، مهما بلغت التضحيات وتكالب الأعداء وتحالفوا ضدّ عناصره.
رغبة استمرار الآلة العسكرية الصهيونية في مواصلة المجازر ظاهرة، ولا تحتاج إلى دليل يقوّي حقيقة صفة الاجرام المتعمد بحق المدنيين، وهذه الجريمة النكراء التي حصلت اليوم تضاف الى قائمة حبر الإبادة التي باشرتها تلك القوات، بعدما عجزت عن مواجهة قوة وبسالة المقاومة الفلسطينية في غزّة، فاتجهت إلى الانتقام من الأهالي العزّل، ومن حاول تبرير هذه الجرائم من الساسة الغربيين، فهو شريك فيها، قد أظهر معدنه في الإجرام، مساندة وتغطية وفعلا، بدافع عنصريتهم البغيضة، التي عُرِف بها الغربيون على مدى تاريخهم الأسود.
حين ترى أمريكا ودول الغرب أن ما تقوم به القوات الصهيونية من اجرام وحشي بحقّ الفلسطينيين واللبنانيين، هو بمثابة دفاع عن الكيان القائم داخل فلسطين المحتلة وممن يتهدده من الخارج، فيحقّ لهم ذلك، بل وتزودهم أمريكا وحلفاؤها بالذخائر والطائرات وتدعمهم حتى بالبوارج الحربية إرهابا لشعوب المنطقة، وفي اعتقادها أنها تفعل ذلك لضمان أمن دائم للكيان، لكنّ حسابات دول الغرب مخطئة تماما، فقد ولى زمن الخوف بعد تمدد مجال مقاومة المحتل الصهيوني وداعمه الغربي، وقد ولّت فكرة الجيش الذي لا يقهر، والقوّة العظمى التي ترتعد لها فرائص الجبناء، من صنع العزّة يرفض بطبعه هذه المقولات الانهزامية المتخاذلة، ويراها بالية بفعل مردود المقاومة الباسلة، التي كان لفكر الثورة الإسلامية الإيرانية دور أساسي في نمائها وتطوّرها، لتصل الى المستوى من كفاءة المواجهة الذي بلغته هذه السنوات .
حاضنة المقاومة لن تنسى مجازر الكيان الغاصب ومن أسهم فيها، وهي مسجّلة لديها جريمة جريمة، من أكبرها دير ياسين(3) إلى غيرها من مجازر لبنان وفلسطين، والعار سيلحق كل من دعم هذا الكيان الغاصب، ووقف الى جانبه حتى من طبع معه من حكام العرب، مقدما له شرعية مزيفة، مصيرها الزوال بعارها وشنارها،
وفيما تبقى مجزرة مدرسة الأنروا شاهدة على وحشية الصهاينة، بتواطؤ أمريكي غربي دعما وتغطية بالتغطية، ما يعطي الصهاينة مجالا أكبر لتكرار جرائمه البشعة بنفس الغطاء الغربي، إرهابا وإبادة للشعب الفلسطيني واللبناني وبقية شعوب المنطقة، ودليلا على جبنه وفشله، عسى أن يتحقق للكيان الغاصب حلمه في البقاء على أرض فلسطين، باستحكام قبضته الاجرامية على الفلسطينيين خصوصا، من أجل اخضاعهم لمشيئته أو تشريد من رفض منطقهم حتى بمجرّد الاستنكار، وعليه فإنّ السبيل الوحيد لدحر المخطط الغربي في الهيمنة على مناطقنا، والسيطرة على شعوبنا ومقدّراتنا، يكمن في مشروع المقاومة المسلحة، الذي سيؤدّي حتما إلى استعادة كامل حقوقنا،، بسواعد وعقول رجال الله الباذلين أرواحهم ودماءهم في سبيله، النصر قادم وعد من الله سبحانه، ومن أصدق من الله قيلا.
المراجع
1 – هاغاناه https://ar.wikipedia.org/wiki/
2 – تنديد عربي بمجزرة الفجر: ذروة الإرهاب الإسرائيلي … واستخفاف بالقانون الدولي
https://aawsat.com/
3 – دير ياسين https://ar.wikipedia.org/wiki/