الخميس , 19 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

حركة حماس والأزمة السورية عام 2011: انقلاب السياسة أم سياسة الانقلاب

توقفت طويلاً أمام تصريحات خالد مشعل الرئيس السابق – وربما اللاحق مع انه عملياً ليس بحاجة لهذا المسمى حيث انه غادر هذا المنصب شكلياً و ليس فعلياً – للمكتب السياسي لحركة حماس (الشهر الماضي تشرين ثاني 2020 ) حول موقف ومبررات و دوافع حركة حماس للخروج من سوريا .

لن أخوض في طبيعة و ظروف ودوافع العلاقة ما بين حركة حماس وسوريا منذ بدايتها مع مطلع تسعينيات القرن الماضي و صولاً لأحداث عام 2011 , حيث ان لكل طرف من طرفي العلاقة مصالحه و دوافعه في التحالف مع الآخر . و النتيجة ان سوريا تمكنت أو على أقل تقدير حاولت أن تمسك بمفاتيح الساحة الفلسطينية والقضية الفلسطينية – بعد مؤتمر مدريد و اتفاقية أوسلو و العلاقة المتوترة تاريخياً مع ياسر عرفات – لاسيما من أجل تحسين موقعها و موقفها في الصراع العربي الإسرائيلي , و في نفس الوقت اكتساب “الشرعية الشعبية” في الشارع العربي , من خلال دعم و تبني المقاومة ضد إسرائيل سواء في لبنان أو فلسطين . وعلى الجانب الآخر فان حركة حماس وجدت في سوريا الفرصة المواتية من حيث موقعها ووجود مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها , وخاصة بعد فقدانها القاعدة السياسية و الإعلامية و ربما العسكرية بخروج قياداتها من الأردن عام 1999.

لقد شهد العام الأول للأزمة السورية صمتاً حمساوياً ربما مبرراً بحجة ان ما يجري في سوريا هو شأن داخلي سوري , لكن ومع مطلع عام 2012 تحول هذا الصمت المؤقت و “الحياد الغامض” الى انقلاب كامل في المواقف و السياسات , فقد حان موعد خروج خالد مشعل و حركة حماس من سوريا , أليس الخروج تدخلاً بالشأن السوري وانحيازاً لطرف على حساب الطرف الآخر , و تخلياً عن نظام احتضنكم و قدم لكم كل أشكال الدعم المادي و المعنوي: السياسي و الإعلامي و العسكري , بل و رفض جميع المطالب و الشروط و التهديدات الأمريكية للتخلي عنكم و عن حزب الله , وهذا باعتراف قيادات حماس السياسية و العسكرية و على رأسها خالد مشعل و اسماعيل هنية و محمود الزهار وقادة كتائب القسام . أين الوفاء لهذا النظام فإذا كان حليفاً وصديقاً وفياً لكم في أزماتكم لماذا تخليتم عنه في أزماته ؟ وإذا لم يكن كذلك كيف صمتم عنه كل هذه السنين الطويلة .

هل خروجكم من سوريا هو نأي بالنفس عن التدخل بين أطراف الأزمة , أم انحياز لجزء من الشعب على حساب الجزء الآخر, ولماذا اعتبرتم الجزء “المنتفض “هو الذي يمثل الشعب السوري , و ماذا تسمون اذن الجزء الباقي , أم أنكم أسقطتم عنه صفة الشعب بسبب موالاته للدولة و للنظام ؟

أين كنتم من الشعب و مطالبه و مظالمه مع نفس “النظام “؟ لم ارتضيتم الصمت , بل و كلتم المديح للأسد (الأب و الابن) الذي لم يبخل على حركة حماس – بحسب تصريحات قيادة

حركة حماس – تحديداً منذ إبعاد مرج الزهور , مروراً بخروج بقياداتها من الأردن , و ليس انتهاء بأكثر من عدوان إسرائيلي عل قطاع غزة .

من ضمن المبررات التي ساقها خالد مشعل لتبرير الخروج , أن “النظام السوري” طلب الدعم العلني لسياساته , ففضلت حركة حماس الخروج , لماذا لم تقم باقي الفصائل الفلسطينية -والتي مازالت موجودة لحد الآن في دمشق – بالخروج تحت نفس الذرائع و المبررات و الضغوطات , بل لماذا لم تقم حركة الجهاد الإسلامي و حزب الله بذلك , على الرغم من أنهما حزبان ينطلقان من أيدلوجية إسلامية , ويرفعان بل و يمارسان المقاومة تجاه إسرائيل . أليس من حقنا أن نتساءل دينياً و سياسياً و أخلاقياً أي الموقفين هو الأكثر التزاماً و صواباً .

لم يمتلك مشعل الشجاعة و الجرأة الكافية ليخبرنا لماذا كان الخروج باتجاه قطر تحديداً راعية “الربيع السوري ” و “الربيع العربي ” ألا يعتبر ذلك تناقضاً مع شعاراته و تصريحاته ” ان حماس لن تكون مع النظام ضد الشعب ولا مع الشعب ضد النظام ” هل وجودك في قطر و تركيا حياداً , وكلاهما لم يخف دعوته و رغبته وسياسته بإسقاط النظام .

إذا كان ما قمتم به عام 2012 صواباً لماذا تحاولون الآن و بشتى الوسائل و السبل إعادة العلاقة مع “النظام ” بأي شكل من أشكال , لاسيما ان النظام هو نفسه و سياساته هي نفسها , إذن ما الذي تغير؟ الذي تغير سقوط أنظمة الإسلام السياسي , و تراجع شعبيتها و بقاء الأسد في الحكم مع ان كل المؤشرات التي كانت لديكم , أو التي تم إيصالها لكم من” الدول الراعية” ان الأسد في طريقه للرحيل فبادرتم للخروج استباقاً للأحداث , و زاد من نشوتكم وصول محمد مرسي للحكم , وخطب و خطابات إسماعيل هنية في مساجد مصر بدعم الثورة و الشعب السوري , و هو نفسه الذي يقوم الآن بالطلب من أطراف داخلية و إقليمية التوسط لعودة و إعادة العلاقة مع “النظام “. أين الشعب السوري و كيف أسقطتموه من معادلتكم الآن , بل أين معادلتكم نفسها بان لا تكونوا مع طرف على حساب آخر . هل هي انقلاب السياسة أم سياسة الانقلاب.

شاهد أيضاً

تعليقات على بعض ما جاء في المقابلة الصحفية التي أجراها السيد خالد مشعل مع صحيفة ميدل إيست أي…بقلم د. بهيج سكاكيني

في مقابلة صحفية مطولة مع جريدة ميدل ايست أي أجراها السيد خالد مشعل الذي شغل …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024