الدكتور بهيج سكاكيني |
ذكرت بعض الانباء عن تأجيل تشكيل حكومة فصائل م.ت.ف. نظرا لعدم موافقة اغلبية التنظيمات على مثل هذه الحكومة لما قد يودي هذا الى استفحال الانقسام في الساحة الفلسطينية. ويبقى موقف “التجمع الديمقراطي الفلسطيني” الذي تشكل في مطلع هذا العام من الجبهة الشعبية والجبهة الديمرقراطية وحزب الشعب وفدا وشخصيات وطنية موقفا هاما إن لم نقل اساسيا ورئيسيا لما قد تؤول اليه الاحوال في هذا المجال. وبغض النظر عما ستؤول اليه الاحوال في هذا الاطار لا بد من تسجيل بعض النقاط حول هذا التجمع لقوى وأحزاب يسارية.
1.إن مثل هذا التجمع كان ضرورة موضوعية منذ فترة طويلة أملتها الظروف التي مرت وما زالت تمر بها القضية الفلسطينية وخاصة ضمن واقع عربي متشرذم ونظام عربي رسمي مهرول للتطبيع مع العدو الصهيوني متآمر على القضية الفلسطينية ويدفع لانهائها تحت مظلة ما سمي “بصفقة القرن”. هذا الى جانب وجود اطراف فلسطينية لديها استعداد للتساوق مع هذا المخطط ولكنها ما زالت تبحث عن نصيبها من هكذا صفقة.
2.وجود هذ التجمع بحد ذاته لا يمكنه الوقوف والتصدي للسياسة الانهزامية وحالة التردد عند البعض وتفضيل المصالح الحزبية والتنظيمية الضيقة لدى البعض على العمل السياسي الجماعي والجماهيري. لذلك من الضروري بمكان لهذا التجمع من طرح برنامج واستراتيجيات للعمل النضالي الجمعي يلتزم به الجميع والكف عن تدوير الزوايا من هنا وهناك ليحصل هذا التنظيم او ذاك على مصالح خاصة او مراكز معينة ضمن السلطة والحكومة. الى جانب ذلك يجب إعادة اللحمة مع الشارع الفلسطيني والجماهير الفلسطينية التي في غالبيتها فقدت الثقة في الفصائل ودورها. هذه الجماهير في غالبيتها تعيش ربما حالة من الاحباط وهذه الحالة لا يمكن التخلص منها الا بوجود عمل دؤوب على الساحة وفي الميدان وفي برنامج تقتنع به الجماهير سواء على الجانب السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي لتدافع عنه لانها ترى في ذلك مصلحتها ومصلحة الوطن.
3. ان هذا التجمع فيما إذا نجح في التماسك وأثبت قدراته على الارض وخاصة في التزام أطرافه ببرنامج موحد للعمل وقدرته على تحريك الجماهير الفلسطينية سيعيد الى اليسار الفلسطيني ‘عتباره الذي وبصراحة أصابها الوهن لسنوات, وهذا سيجبر كل من فتح وحماس التعامل معه الند للند وبإعتباره طرفا ثالثا مؤثرا ووازنا على الساحة الفلسطينية ومن هنا قد يلعب دورا أهم في إنهاء حالة التشرذم والانقسام وتفضيل مصالح التنظيم او الحزب الضيقة على مصلحة الوطن والقضية ومقاومة الاحتلال. ولا نبالغ عندما نقول ان تعامل فتح او حماس مع كل فصيل على حدة قبل التجمع وربما للان لم يكن الا بمقدار ما يخدم مصالح هذين الفصيلين في صراعه مع الاخر. والى حد كبير كان الاستفراد بهذا التنظيم او ذاك واللعب على التناقضات بين أطراف اليسار كان يصب دائما في مصلحة الطرف المهيمن والمستئثر بالقرار الفلسطيني هنا او هناك.
4. حالة التردد والانتظار الذي ابدتها بعض أطراف التجمع حيال ما طرح من قبل مركزية فتح والسلطة (وحقيقة لا يمكن فصل الاثنين عن بعضهما) حول تشكيل حكومة الفصائل الى حين معرفة رئيس الحكومة والمهام المنوطة بها لن تصب في مصلحة التجمع الذي بدأ الكثيرون ينظرون اليه كطوق نجاة وطرف ثالث يحمل الامل للجماهير الفلسطينية للخروج من الحالة البائسة لمجريات القضية الفلسطينية. إن كان البعض ينظر الى المنصب ومصالح حزبه الضيقة فالافضل أن لا يكون في التجمع. من الضروري لهذا التجمع ان ينجح وأن تتوفر النية الكافية والصادقة والامينة لنجاحه من قبل أطرافه جميعا, لان عدم نجاحه سيشكل كارثة جديدة للشعب الفلسطيني. الكل يتحدث عن الانقسام بين فتح وحماس فقط لنكن صريحين مع بعضنا بالقول ان هنالك ايضا حالة إنقسام في الساحة اليسارية الفلسطينية نظرا للعصبوية التنظيمية والحزبية التي حالت دون توحيده بالرغم من وجود العوامل الموضوعية التي تدفع للوحدة ومنذ زمن طويل.
5. يجب على التجمع بإحزابه وتنظيماته وشخصياته الوطنية الخروج عن سياسة الطبطة وعدم تسمية الامور بمسمياتها وإمتلاك الجرأة الكافية على حسب المثل للقول للاعور اعور بعينه دون مواربة أو محاولة إيجاد الحجج لتبرئة ساحة البعض, او السكوت عما يجري وخاصة من فساد في مؤسسات السلطة سواء السياسية أو الادارية أو المالية أو القضائية أو الامنية, هذا إن اراد التجمع ان يكتسب ثقة الجماهير والالتفاف حوله عندما يشعر رجل الشارع ان التجمع يدافع عن مصالحه وأمنه وأوضاعه المعيشية ايضا الى جانب العمل السياسي للتجمع.
6.وحدة اليسار تحت مظلة ” التجمع الديمقراطي الفلسطيني” يجب ان لا يكون مقتصرا على داخل فلسطين المحتلة بل يجب ان يتعداها الى الخارج في الشتات الفلسطيني اينما تواجد وداخل المخيمات الفلسطينية وذلك للبناء على ما دار في الداخل وتحويل التجمع الى كتلة سياسية تؤخذ بعين الاعتبار من خلال فرض وجودها وتأتيرها وإرتباط الجماهير الفلسطينية بها.