الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

راجعوا حساباتكم و حكموا عقولكم قبل فوات الأوان.. يومها ستبكون كالنساء على وطن لم تحافظوا عليه كالرجال..!

#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |

تواجه تونس اليوم ازمة وبائية غير مسبوقة ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة، هذه الازمة الراهنة التي امتدت لتعصف بمناحي الحياة الصحية والاقتصادية والاجتماعية  على حد سواء، ولا يوجد طريق سهل يكفل الخروج من هذه الأزمة، ما يزيد المشكلات التي تواجهها الحكومة في هذا الشأن، إذ يتوجب عليها أولا اختيار الاستراتيجية الأمثل للتعامل مع الوباء وهو أمر ليس باليسير ، كما أنها تتحمل  مهمة هائلة تتمثل في بث الطمأنينة في نفوس المواطنين وإقناعهم بإتباع التعليمات الوقائية ، حتى إن كان هذا يعني امتثالهم لقرارات توجب عليهم الالتزام بـالتباعد الاجتماعي و سيناريوهات الحجر الصحي الموجه وما يترتب عليه من تكاليف باهظة يتحملها الشعب و بدوره يجب أن يدرك جيدا بأنه إذا لم يتقيد بهذه الإجراءات اللازمة للحد من إنتشار الفيروس سيعود الوضع إلى ما كان عليه و بالتالي العودة لسيناريو  الحجر الصحي التام و نتحمل تداعيات الإستهتار و اللامسؤولية صحيا و إقتصاديا و إجتماعيا و كذلك سياسيا..

الأزمة في بلادنا عميقة وشاملة وليست صحية فحسب وانما سياسية بالأساس ، لذا أرى ان التجاذبات السياسية الضيقة و الاضطرابات التي من شأنها زيادة المخاطر القائمة حاليا بفعل الوباء و بالتالي تساهم في إرباك المشهد السياسي و الوضع الصحي على حد سواء ..و يأتي ذلك وسط مناخ سياسي متوتر ومشحون بأجواء العنف والتحريض تعيشه البلاد، مرتبط بأزمة كورونا وبحجم الاختلافات الأيديولوجية والفكرية وبالتالي المشهد السياسي التونسي أصبح بين مطرقة كورونا و سندان الأزمة السياسية و هذه حقيقة مؤلمة تجبرنا على التعامل معها كأمر واقع لا مفر منه.

الأزمة الوبائية كشفت خطورة نظريات المؤامرة إذ  يصبح صعبا للغاية معرفة من يقف وراء هذه النظريات قادة سياسيون، أو شخصيات معروفة في مجالات السياسة، أو قوى سياسية من داخل أو خارج البلاد تريد خدمة أهداف سياسية محددة. إنتهاز أو إستغلال هذا الظرف الإستثنائي الذي انتشر فيه نظريات المؤامرة التي أحاطت بجائحة كورونا جعلت التصدي لهذه النظريات الخطيرة بأهمية التصدي للوباء، إذ لا يمكن التعويل على فئة صغيرة قد  تعصف بجهد شعب و مؤسساته و  كل ما من شأنه تشتيت وتسميم الأجواء السياسية والعمل على إرباك المشهد السياسي غير مقبول سواء كاﻥ ﺫلك ﻓﻲ هذا الظرف الإستثنائي أو في الظروف العادية..

هذه العواصف الهوجاء المتمثلة في التجاذبات السياسية و الأزمة الإقتصادية و الجائحة الوبائية و التي التقت فيما بينها في نفس الزمان و المكان لتتحالف في جوانب عدة.. و هذا التنافر السياسي الذي تعيشه البلاد في ظل  التحريض على العنف و التهديدات لبعض النواب  و الدعوات لإسقاط الحكومة و البرلمان و السياسات الخاطئة و الممارسات المشينة التي وصلت حد الإهانة، إهانة وطن بكامله  و تسميم المشهد السياسي في تونس و في حال استمر الحراك التحريضي فإنه سيمثل خطر على كيان الدولة و محاولات الجر إلى مستنقع التصادم مع الدولة  و تتواصل العداوة المقيتة ضد مصالح الوطن ضف إليها حملات التشويه و التفكيك و الالتفاف التي ما تزال قوى الشر المتربصة بالدولة تحاول الجر بالبلاد للوراء و تقزيم دورها في التصدي للجائحة.. ولا شك بأنه سيدفع بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه ، و بالتالي يتطلب على الجميع تحمل  عبئ المسؤولية لإذلال الخلافات و تفاديا لتفاقم الأزمة، و الأجدر و الأصوب أن تبادر الدولة بإجراءات تعيد بها الثقة للمواطن و  إذلال التعقيدات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية في هذا البلد الجريح و هذا ما سيدفع بكل الأطراف إلى البحث عن نقاط التلاقي و الحلول اللازمة لأزمة ثلاثية الأبعاد التي تهدد البلاد على جميع الأصعدة بعيدا عن التجاذبات السياسية الضيقة و سياسة الجذب للوراء و الدعوة للفوضى و خطابات الكراهية و العنف..

فيما يخص الإجراءات الحكومية الأخيرة المتعلقة بتخصيص إعتمادات مادية لإنقاذ القطاع الإعلامي الخاص  و التي اثارت جدلا واسعا وتجاذبات بين مختلف الأطياف السياسية

و جزء كبير من الرأي العام , خاصة وأن أغلب هاته الوسائل الإعلامية تنشر و تقدم مادة إعلامية رديئة و زد على ذلك أن بعض مالكي هذه المؤسسات تحوم حولهم عديد الشبهات لكن هذا من الجانب السلبي و يخص أصحاب هاته القنوات فقط و لكن من الجانب الايجابي الآخر  يجب التأمل و الوقوف و النظر إلى مصير الصحافيين و التقنيين والإداريين العاملين فيها و الذين يمثلون الحلقة الأضعف إجتماعيا و أول المهددين بالتسريح و البطالة جراء تدهور الأوضاع المالية لهذه القنوات  و بالتالي الحكومة ذهبت في خيار مكره  من خلال  تقديم الدعم لهذه المؤسسات شريطة التعهد  بعدم تسريح أجرائها …وفي الأخير هو إجراء ظرفي و ينبغي على الحكومة  تفسير أكثر هذه الإجراءات ولذلك فقد كان من الضروري أن يصدر رد فعل حكومي سريع لتبرئة ساحة الحكومة وتهدئة الرأي العام وطمأنته و امتصاص العاصفة ولكي لا يستثمرها البعض لتصفية حسابات سياسية ضيقة..

في أزمة “كورونا” لبسنا أقنعة الوقاية وسقطت أقنعة الزيف التي كان يرتديها الكثيرين وكأن هذه الأزمة جاءت لتمنح كثيرا من البشر فرصة مراجعة النفس بعيدا عن التبوريب السياسي و المراهقة السياسية و الصراعات العقيمة..

تونس و شعبها في أحوج الظروف من أي وقت مضى للتضامن و التكاتف و الوحدة الوطنية للخروج من هذا المأزق الوبائي بأخف الأضرار . وليست الوطنية أن تدعي أنك تدافع عن الوطن وأنت ترفع رايات لها أهداف أخرى، و تبث البلبلة وتشتت جهود المؤسسات الوطنية لمحاولة شغلها عن مهامها الأساسية..

الجميع في مركب واحد لمواجهة كورونا و تداعياتها الوخيمة على الوطن و الشعب و ليس بالوقت المناسب للإيديولوجيات و التجاذبات السياسية الضيقة

فراجعوا حساباتكم و حكموا عقولكم قبل أن تندموا وقبل فوات الأوان.. يومها ستبكون كالنساء على وطن لم تحافظوا عليه كالرجال..!

 

 

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024