من خلال بحث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مبررات لتردي الحالة الإقتصادية والتضخم الكبير وتراجع المكانة التجارية للولايات المتحدة الأمريكية , وانعكاس ذلك على الداخل الأمريكي فقراً وبطالةً , نتيجة سياسات إداراتها السابقة والحالية , واندفاعها نحو خوض الحروب والمعارك العسكرية خارج حدودها , وتمويل قواتها البرية والبحرية والصاروخية , وبرامجها العسكرية السرية والكيميائية والبيولوجية والفضائية …إلخ , للحفاظ على هيمنتها على العالم , وعلى طريقتها بكسب “رزقها” كدولة مارقة , أو كعصابة لصوص , لا يوقفها قانون أو رادع أو قيم ومبادئ لطالما تشدقت بها …
هذه الطبيعة الشريرة لم تسمح حتى لساكني ومواطني الولايات المتحدة بالنجاة من براثنها , فالضرائب ترهقهم والفقر يلاحقهم , فيما تنحصر الرفاهية في طبقةٍ سياسيةٍ حاكمة , تمثل المحافظين الجدد وزعماء المال والإعلام وشركات النفط ومافيات المال المشبوه , والصناعات الحربية , والمتحكمين والمختصين بجمع الأموال وبصناعة البؤس بلا رحمة أو شفقة.
وبغض النظر عمن هو المسؤول عن انتاج ونشر فيروس كوفيد – 19 وأجياله اللاحقة , رصد الأمريكيون والعالم , التأخير المتعمد لأكثر من ستة أسابيع لإدارة دونالد ترامب في التحرك الأول لمواجهة الجائحة , وتم منح الفيروس فرصة الإنتشار وإيقاع أكبر عدد من الإصابات داخل البلاد , ومن بعدها بدأ المتحكمون بعملية جني الأرباح الداخلية من خلال التكاليف الباهظة للفحوص الطبية وحجوزات المشافي لفترة الحجر الصحي , ناهيك عن ثمن جرعات اللقاح المضاد , مبالغٌ ضخمة عجز عنها غالبية الأمريكيين وكان الموت من نصيبهم.
من جهةٍ أخرى , كان من تجليات جريمة خنق الأمريكي الأسود جورج فلويد , تداعيات كبيرة , أهمها مشاهد العنف ومداهمة المولات والمتاجر , وعمليات التكسير والنهب , قام بها مواطنون أمريكيون فقراء , استغلوها فرصةً للإنتقام من المتحكمين ولسد جزءاً من حاجتهم.
ولم يتغير الحال مع وصول الرئيس بايدن إلى سدة السلطة , الذي وعد بنسف سياسات ترامب , لكنه سار على النهج ذاته , لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك , وشن الحرب على روسيا والإقتصاد الروسي من البوابة الأوكرانية , واعتمد على جيوب شعبه لمعاقبتها , وخاطبهم مع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة , “لا شك بانكم ستعانون من غلاء الغاز والنفط , عليكم بالصبر والتضحية” , ولم يخبرهم عن ارتفاع كافة أسعار السلع الغذائية , ولم يخبرهم عن حالة الغموض التي باتت تقود حياتهم ومصيرهم , وأنه يترتب عليهم أن يدفعوا ثمن قرار النخبة الحاكمة بمعاقبة روسيا , والتضحية من أجل كتيبة آزوف للنازيين والمتطرفين الأوكران ، الذين قتلوا أعداداً لا حصر لها من الروس في دونباس منذ عام 2014 و “ثورة الكرامة” التي ترعاها وتمولها وزارة الخارجية الأمريكية وفيكتوريا نولاند.
لقد أفضت مجمل السياسات الأمريكية , إلى دب الرعب والخوف في قلوب الامريكيين كسواهم من الشعوب , ما جعلهم يتهافتون نحو المتاجر وشراء ما تبقى فيها قبل أن تتحول إلى متاجر فارغة , وبدأ عدد كبير من الأمريكيين يشعرون بالمعاناة والجوع .. يبدو أن بايدن كان صريحاً مع شعبه وطالبهم بالتضحية , في حين سقطت “نبؤة” السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين بساكي بقولها: “لاداعي للقلق ، فلن يشعر الأمريكيون بالجوع”.
وما بين النخبة الحاكمة وأكاذيب وكلائها في إدارة بايدن , ونفاق وسائل الإعلام التابعة , لإخفاء تراجع وتردي الإقتصاد الأمريكي ومعدلات التضخم الحقيقية التي بلغت 16% , وسط الإعلان الرسمي المزور عن نسبة 7.9 % خلال شهر شباط / فبراير الماضي.
كان من السذاجة واستخفافاً بالعقول , أن تسوق الإدارة والرئيس الأمريكي أن سبب الاّلام والتضخم في الولايات المتحدة , هي روسيا والرئيس بوتين وحربه على أوكرانيا , في وقتٍ تنهمك فيه إدارته بإبداع وتطبيق المزيد من العقوبات على روسيا , وتسعى لإخراجها من مجموعة العشرين , ولإجبار مجموعة السبع على رفض دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل , في حين لم يتوقف الرئيس بايدن عن ترداد “ما يهمنا هو أن نبقى موحدين” , ويطرح السؤال نفسه , إلى متى ستستمر هذه الوحدة وراء رجل يبحث عن المزيد من إراقة الدماء وتدمير حياة الدول والشعوب ؟ , كما فعل سابقاً كرئيسٍ للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ، وصوّت لغزو العراق وقتل أكثر من مليون عراقي , وكما يفعل اليوم في روسيا وسوريا وإيران واليمن والعراق وليبيا ولبنان وأفغانستان وأوكرانيا وغير دول ! , ولا زال يلهث وراء إقامة تحالفاتٍ عربية – إسرائيلية – أمريكية , لإستهداف إيران ودول وأحزاب وحركات وفصائل محور المقاومة في الشرق الاوسط .
الوسوماوكرانيا ميشيل كلاغاصي
شاهد أيضاً
72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل…بقلم م. ميشال كلاغاصي
ساعات قليلة تفصل العالم عن متابعة الحدث الكبير, ألا وهو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, و”العرس الديمقراطي” …