الثلاثاء , 24 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

زمن رخس الدم العربي !!…بقلم: محمد الرصافي المقداد

عندما يقتل الفلسطيني الأعزل بدم بارد من طرف جيش الاحتلال الصهيوني في مسيرات العودة التي ينظمها أهالينا في قطاع غزة، فتمر أحداث تلك الجرائم بلا ردّة فعل حاسمة توقف اراقة الدّم العربي المسلم بتلك الوحشية والفظاعة، وتعطي للعالم مثلا قائما وموقفا ثابتا من شأنه ان يردع آلة الاجرام الصهيونية عن اقتراف ما من شأنه أن يغضب العرب ويدفعهم الى ردّ الصاع صاعين. وعندما يستهدف مواقع الحشد الشعبي بالعراق ليلا من طرف الطيران الصهيوني أوّلا والأمريكي ثانيا فيرتقي العشرات منهم شهداء تحت أنقاض المباني في القائم على الحدود العراقية السورية، بلا جرم اقترفوه سوى أنهم أفشلوا مشروع أمريكا في اعادة المنطقة الى العصور الوسطى بتنظيم داعش الارهابي، أو أنهم كقوة رديفة للجيش العراقي مشرعنة بفتوى المرجعية، ومقننة من طرف مجلس النواب العراقي، ومثبتة في صلب القوات العراقية، وضعوا في حساباتهم مع انهاء فلول داعش، طرد القوات الأمريكية من العراق، والمشاركة في تحرير فلسطين عندما تتهيأ أسبابه. ثم لا نجد نحن العرب حكومات وشعوب لتلك الجرائم وقعا في نفوسنا، يعطي للعدوّ والصديق انطباعا، بأننا أصحاب مبادئ وقيم، عربية في اعرافها، واسلامية في أحكامها، وأننا لسنا من أهل الذلّ ولا نرضى به وإن عزّ الناصر، وعمل الأعداء جهدهم، على تعويدنا عليه وتثبيته فينا، ولا شك بأن العراقيين يدركون قبل غيرهم، ما في تاريخهم من عبر في هذا المعنى، لعلّ صيحة الامام الحسين بن علي عندما وقف في قلة الناصر وكثرة العدوّ، ليعلن مبدأ المقاومة العزيز: (إنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركزني بين اثنتين، بين السلة والذّلة، وهیهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحُجور طابت وحجور طهرت، وأُنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).

شرف العربي المسلم قيمه ومبادئه التي لا تقبل أن يخالطها شيء من الخنوع والذلّ، فكيف بنا وقد تغيّر حالنا في هذا الزمن حيث لا قيمة للعرب سوى ما تحمله أرضهم من ثروات ينعم بها الأعداء ويحرم منها أصحابها، بل انه أصبح لا يحسب لردّة فعله حساب، فهو في نظرهم بلا قيمة عندهم، يؤمر فيلبّي، وينتهك فلا يظهر غيرة ولا حمية، ميّت بين الأحياء، كما قال الشاعر عمرو بن معدي يكرب:

لقد أسمعت لو ناديت حيا+++ ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو نار نفخت بها أضاءت+++ولكن أنت تنفخ في رماد

صمت الشعوب وغيبتها عن حقوقها، صنعته سياسة حكوماتها، وبرّر ما يطرأ عليها من الأحداث الخطيرة، التي لا تجد أي ردّة فعل حيالها، وتحتاج الى استعادة الروح التي بها قامت حضارة عالية المضامين، تعلّم منها الغرب فتقدّم، وتركناها نحن فتأخرنا، وبسقوطنا رخصت فيه ارضنا ودماؤنا وقيمنا.

التعلّق بالقيم والمبادئ والعودة الى الهوية العربية الاسلامية، مهمّ في زمن رخس الدّم العربي، بدون ذلك، لا يمكننا بأي حال أن نغير من وضعنا وواقعنا، وهذا الدّور مناط بحكامنا أولا، من أجل ثقافة تعطي أولوية لقيمنا، التي تكاد تنمحي من أخلاقيات مجتمعاتنا، بسبب الغزو الثقافي الغربي، والتقليد الاعمى لمظاهره المخادعة. حركة الشعوب لا يمكن ان تقيّد بقيد، مهما كان ذلك القيد قويّا وصعبا، وارادتها ان قامت قادرة على كسر أي قيد يكبّل حركتها، زمن الاستعمار الاستيطاني قد ولّى، ولا مكان للقوات الامريكية على اراضينا، مهما كانت مبررات وجودهم، نحن قادرون على حماية اراضينا والدفاع عن حقوقنا، وقد ثبت بالأدلّة أن وجود تلك القوات، هو من أجل التآمر علينا، وتهديد أمننا، واستغلال ثرواتنا الطبيعية وفي مقدمتها النفط، كما عبّر عنه الرئيس الامريكي ترامب بكل وقاحة، بعد سيطرة قواته على ابار النفط شمال شرق سوريا، القريبة من قاعدة (التنف)، التي تتخذ منها مركزا استراتيجيا للتحكم بتلك المناطق.

 

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024