أعدت التقرير: دنيا عبد القادر |
شهدت الفترة من 22 آذار/مارس الماضي وحتى 7 نيسان/أبريل الجاري، عمليات طعن لصهاينة على يد فلسطينيين، الأمر الذي تبعه سلسلة عمليات انتقامية من قوات الاحتلال ضد المنفذين الفلسطينيين والمدن التي يقطنونها، وتزامن مع هذا التصعيد دخول شهر رمضان المبارك، والذي يحتاج فيه أهالي فلسطين –سواء في الضفة أو قطاع غزة- مزيدًا من تخفيف قيود الاحتلال للقدرة على تأدية شعائر هذا الشهر الفضيل، لكن العمليات التصعيدية الحاصلة الآن حالت دون تحقيق ذلك.
وأصبح أهالي قطاع غزة، يخشون انتقال تلك التصعيدات وانتهاكات قوات الاحتلال إلى القطاع، في الوقت الذي يُريدون فيه إصلاح ما دمرته الاشتباكات الفلسطينية الإسرائيلية، في أيار/مايو 2021 والتي عُرفت بـ«معركة سيف القدس».
إذ خلفت تلك الاشتباكات أضرار جسيمة لحقت بمناطق ومنشآت عديدة في القطاع، ولم يستطع القطاع التعافي منها حتى الآن. وقد أظهرت استطلاعات رأي تليفزيونية أُجريت في «سوق الزاوية» أحد أكبر وأعرق أسواق غزة، في نيسان/أبريل 2022، اتفاق معظم آراء المواطنين على غلاء الأسعار وأنهم يتمنون رمضان هادئًا تتحسن فيه أوضاع القطاع.
أوضاع القطاع الاقتصادية
في تقرير لها، وصفت إدارة «مركز الميزان لحقوق الإنسان» أن الوضع الاقتصادي والمعيشي في قطاع غزة خلال عام 2021، بالأسوأ منذ سنوات، جراء حرب أيار/مايو في العام الماضي، إذ أظهر التقرير ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.
كما نجم عنها خسائر كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة، ومرافق البنية التحتية، وترافق ذلك مع فرض القيود على الحركة من وإلى قطاع غزة، وحظر إمدادات الوقود وغيرها من السلع والمواد الأساسية. إذ تضررت 1,439 منشأة اقتصادية بشكل كلي وجزئي، كما تضررت 7700 وحدة سكنية من بينها 1314 بشكل كلي، و6386 بشكل جزئي. فضلًا عن تدمير 59 منشأة إنتاجية والاستغناء عن 5000 عامل. وتراكم أعداد المصانع المتوقفة عن العمل ليصبح عددها 569 مصنعًا.
في السياق ذاته تراجع إسهام قطاع الزراعة في إجمالي الناتج المحلي من 5,7% إلى 5,04%، وتعرضت الأراضي الزراعية ومزارع الثروة الحيوانية إلى 524 حادثة قصف، واستمر تقييد وصول المزارعين إلى أراضيهم في المنطقة العازلة، واستهدف الصيادين في 315 مرة مع استمرار حظر استيراد مستلزمات زراعية أساسية مثل الأسمدة.
وأصبح حوالي 64% من الأسر في القطاع تعاني من انعدام الأمن الغذائي، بواقع 40,65% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بينما 23,6% تعاني بدرجة متوسطة.
وبالنسبة لما يتعلق بمعدل الفقر بلغ 59% جراء جولة الصراع الأخيرة وتفشي جائحة كورونا، أما معدل البطالة فقد وصل إلى 47%، وسجلت بطالة الخريجين الذين يحملون مؤهل دبلوم متوسط فأعلى 74%، وارتفعت نسبة الذين يتقاضون أجرًاً شهريًاً أقل من الحد الأدنى للأجور، 1450 شيكلًا، إلى 81%.
بالإضافة إلى ذلك كله مواصلة سلطات الاحتلال في الاستيلاء على أموال المقاصة –وهي الأموال التي يدفعها التجار الفلسطينيين إلى سلطات الاحتلال باعتبارها مسيطرة على المعابر ومن المفترض أن تقوم سلطات الاحتلال بتحويلها للسلطة الوطنية الفلسطينية لتُوضع في خزينة السلطة لكن عادة ما تُماطل سلطات الاحتلال في تنفيذ ذلك- وهو ما فاقم من أزمة السلطة الوطنية المالية.
تصاريح العمل
في ظل تلك الأوضاع السيئة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، تُعتبر تصاريح العمل بالنسبة لأهالي القطاع حلًا مؤقتًا ولازمًا لتحسين أوضاعهم، فلقد أعلنت سلطات الاحتلال، في 27 أيار/مارس الماضي، زيادة حصة القطاع من تصاريح العمل، لتصبح 20 ألف تصريح بدلًا من 12 ألف، كما كان في السابق. لكن يخشى القطاع من أن تؤدي تلك التصعيدات إلى تراجع الاحتلال عن قراره وخفض حصة القطاع.
إعادة إعمار غزة
في محاولة لإصلاح ما دمرته الحرب كان قد أعلن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، في 15 أيار/مارس الماضي، عن «المبادرة المصرية» والتي يتم فيها توجيه حوالي 500 مليون دولار لصالح إعادة إعمار القطاع، فضلًا عن مشاركة الشركات المصرية المتخصصة بالبنية التحتية وشركات المقاولات في تنفيذ عمليات إعادة الإعمار. بالإضافة إلى عزم البنك الدولي على تقديم حوالي 23,5 مليون دولار، لإعمار القطاع وحل أزماته خاصة أزمات الطاقة والكهرباء.
هدنة مطلوبة
كل ما سبق يعني أن القطاع بحاجة إلى هدنة طويلة المدى وتهدئة الوضع في القطاع، لأنه لن يمكن الاستفادة من زيادة تصاريح العمل ومن أموال الإعمار المُقدمة من مصر والبنك الدولي من دون أن يكون هناك هدنة يستطيع فيها القطاع أن يُبني نفسه من جديد. خاصة في ظل شهر رمضان الكريم ومع اقتراب موسم الحج والذي يأمل فيه القطاع القدرة على الذهاب والإياب من وإلى أراضي مكة المكرمة بسلام.