الأربعاء , 6 نوفمبر 2024

على البرلمان الأوروبي..التوقف عن تنصيب نفسه وصيّا على تونس…بقلم محمد البراهمي*

القول السائد في الغرب بأنهم يؤمنون ويعيشون في عصر تطور الديمقراطية، هو كذبة كبيرة يصدّقها الكثيرون من العرب ، أما الشعوب الغربية أنفسهم لا يصدقونها..

البرلمان الأوروبي يصوت على إيقاف دعم وزارة العدل والداخلية و يطالب السلطات التونسية بالإفراج عن الموقوفين.. المطالبة الإفراج عن الموقوفين هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس، والتي تستهدف استقلالية القضاء المستقل ، والتشكيك في شرعية وقانونية الإجراءات القضائية المتخذة بشأن قضايا بعضها صدرت فيها أحكام ، والبعض الآخر ما زال معروضا على أنظار القضاء، و ما قام به البرلمان الأوروبي من تنصيب نفسه كهيئة للتدخل في القضاء التونسي المستقل بشكل سافر ومنحاز، ينبني على تحامل غير مبرر على المؤسسات القضائية، ولا يولي أدنى اعتبار لاستقلال القضاء.. و إنّ سلوكات بعض الأطراف في البرلمان الأوروبي تجاه تونس تؤسس لتقاليد جديدة من التدخل في الشؤون الداخلية للدول..

غريب أن يذرف البرلمان الأوروبي دموع التماسيح على ما يدعيه ويُصدر بياناً بشأن ما أسماه بانتهاك حقوق الإنسان في تونس تلك الدولة المسالمة التي تحترم حقوق الإنسان في عدة مجالات، منها التعبير عن الرأي ويشتمل دستورها بكل ما تعنيه الكلمة من معاني حقوق الإنسان، وتوفر لشعبها ولمن يقيم فيها بيئة آمنة؛ لذا كان حقاً مشروعاً عليها، تكفله لها القوانين الدولية ودساتير العالم أجمع.. كان الأجدى ببرلمان الاتحاد الأوروبي أن يصدر بياناً يدافع فيه عن حقوق الإنسان في دول تُنتهك فيها حقوق الإنسان بالفعل.. الغريب و ليس غريباً أن البرلمان الأوروبي تداول مسألة داخلية للدولة التونسية دون توفره على الوسائل اللازمة للتحقق من ادعاءاته، بخلاف تقارير تأتي نتيجة لإستجداءات مغرضة ولا وطنية من شخصيات وأطراف اتخذت العمالة والارتباط بالأجنبي منهجاً للممارسة السياسية ضدّ سيادة تونس و شعبها.. التقرير الأخير للبرلمان الأوروبي و التدخل في الشؤون الداخلية هو جزء من سياسة عدائية مستمرة أصبحت تشكل مشروع عقيدة ديبلوماسية دائمة تنتهجها أطراف فاعلة في المجموعة الأوروبية مختبئة وراء ستار المنظومة التشريعية الأوروبية لإتخاذ قرارات و مواقف و تقارير معادية بهدف الضغط و تحجيم الدور الإقليمي و الدولي المتصاعد لتونس ، وسط مناخ إقليمي و عالمي مضطرب يجعلها مستهدفة بشكل دائم من طرف الدوائر الإستعمارية الجديدة بغية تركيعها و فرض إملاءات إستعمارية تخدم مصالحها الضيقة بإستخدام شماعة حقوق الإنسان و قضايا حرية التعبير و الهجرة الغير شرعية و إتهامات لا أساس لها و محاولة إختراق منظومات سياسية إستنادا على مزاعم غير حقيقية ومعلومات مغلوطة وغير موثقة مصدرها منظمات خارجية فاقدة لكل مصداقية و تقارير شركات حقوقية عابرة للقارات تخدم مصالح محاور عالمية و كذا مقاولات حقوقية محلية تخدم أجندات محلية و أجنبية ..

التدخل في الشؤون الداخلية لتونس يشكل إنحرافا عن قيم الإتحاد الاوروبي و مبادئه التي طالما تغنى بها و يشكل تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة تمتلك قيادتها شرعية و إجماعا شعبيا على الإلتفاف حولها مما يحصن إستقلالية قراراها الوطني بعيدا على الإصطفافات الجيوسياسية أو التقليدية ، حيث أن البرلمان الأوروبي ما فتئ بهكذا تحركات مريبة يحاول أن يمارس الوصاية على دولة مستقلة في إختياراتها و بتدخل سافر في شؤونها الداخلية… ما لا تدركه النخبة السياسية الأوروبية أن التعامل وفق مناهج زمن الوصاية الإيديولوجية و المركزية الأوروبية قد إنتهى في تونس بقرار سيادي و شعبي.. تونس الجديدة ليست بحاجة إلى دروس، من هذا البرلمان الأوروبي الذي يسوده الفساد والرشوة، والذي عليه أن يصحح نفسه أولاً ، قبل أن يعطي لنفسه الحق في الإفتاء في شؤون دولة سيدة في وقت يلتزم فيه الصمت المريب والمخزي تجاه اغتيال حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة حيث يتعرض هذا الشعب إلى حرب إبادة معلنة، دون أن يرتفع لهذا البرلمان صوت، أم أنها سياسة الكيل بمكيالين التي لا يعتبر فيها أبناء الشعب الفلسطيني من أبناء البشر، لا حق لهم في الحرية ولا في الإنسانية وتعمى أنظار القانون الدولي عنهم.. فلقد كان أولى بالبرلمان الأوروبي أن يتحدث عن حقوق الإنسان في الدول التي تُنتهك فيها حقوق الإنسان بالفعل وإلا فليصمت، فتونس ليست قطعة من أوروبا.

إن الشعب التونسي الذي إنتفض ضد من انتهكوا حريته وكرامته وحقه في الحياة، له وحده الحق في الحكم على سياسات بلده والاقرار بشأن حاضره ومستقبله، وهو يرفض بالمطلق أن يمنح البرلمان الاوروبي أو غيره بكل وقاحة حرية الحكم على ما يجري في تونس من خلال قرارات مفضوحة وغير موضوعية، متجاهلة القدرات الراسخة والمشهود بها عبر التاريخ للشعب التونسي في التزامه بقيم الحرية وحقوق الانسان، كما أنها تتغاضى عمدا ولأهداف مغرضة مسيئة وتشويهية، عمّا أنّ تونس بعد الخامس و العشرين من جويلية 2021 من حرص أكيد على إقامة مجتمع الحريات سواء تعلق الأمر بالنشاط السياسي والنقابي أو بحرية التعبير والصحافة، وما يشهده الوضع الحقوقي من تحسن ملحوظ، لدعم المكاسب التي تحققت وتعزيزها في دستور 25 جويلية .

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

* ناشط سياسي تونسي

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024