الجمعة , 29 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

عندما تنشّ الذّيول القُرادَ عن رؤوسها… بقلم: محمد الرصافي المقداد

موالاة أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أصبحت الغطاء الذي يتلحّف به حكامنا في عالمنا الاسلامي، على الرغم من أنّ النهي عنها واضح، لا يعتريه شك، قال تعالى:(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء)(سورة آل عمران الآية 28)

من تابع نشوء دويلات الخليج وسياساتها المتّبعة منذ ان عرفت المدنية ودخلت مجالها السياسي، لاحظ بكل يسر ارتباطها الوثيق بقوّتين أساسيتين، اسهمتا بشكل كبير في تأسيسها، باعتبارها مناطق حيوية لاقتصادياتهما، بما حوته في مخزونها من طاقة (نفط وغاز)، ومن أجل ذلك تتشبث أمريكا وبريطانيا في إبقاء هذه الدويلات تحت هيمنتها ووصايتها، ولا اعتقد أن وضعها سيتغير في المستقبل القريب الا اذا حدثت معجزة.

ومعلوم أن القوات الأمريكية والبريطانية في دول الخليج الفارسي وعلى راسها السعودية والامارات وقطر والبحرين والكويت، موجودة متمركزة في قواعد عسكرية برية وبحرية وجوية من أجل تأكيد السيطرة على حقول النفط والغاز وكما يروّج ساستهم بدعاية تأمين خروجه من هناك الى تلك الدول وحلفائهما من الغرب، ومن جانب آخر فإن دور تلك القوات يكمن في الحفاظ على تلك الحكومات من السقوط بثورات شعبية وان كان مستبعدا حصول ذلك الأمر، لعدم قدرة شعوبها على القيام بشيء من ذلك القبيل.

الولاء الأعمى لحكام دول الخليج لأمريكا وبريطانيا، جعلهم يقبلون كل شيء يملى عليهم من قادتها، بل تراهم يتنافسون في كسب ودّهما، ولو كان ذلك على حساب كرامتهم وشرفهم، ان بقي لهم شرف وكرامة، وعلى حساب القضية الفلسطينية، وانهائها تماما لصالح الكيان الصهيوني، كما هو معلوم من جهودهم الحثيثة للتطبيع معه، والتي وصلت الى حد الدّفع نحو ابرام صفقة القرن، التي ولدت والحمد لله ميتة، بفضل استماتة الاخوة الفلسطينيين على رفضها، واعتبار مشاركة أي طرف فيها خيانة.

تنافس دويلات الخليج، وأجدر بها أن تسمي بالتصغير، لحقارة ما قامت به طوال تاريخها، على تقديم عرابين الولاء لأمريكا وبريطانيا، رسم تهافتها العجيب منذ أن استقر ترامب في البيت الأسود الأمريكي، وجدير به أن يوصف هكذا بلا تحامل عليه، فتاريخه هو الآخر – بالاعتبار الحقوقي للإنسان – مصبغة سواد، تُحوّل في رمشة عين الثلج الى فحم حجري.

خلال زيارته الخيرة الى دويلة قطر اعرب الرئيس الامريكي عن تمام رضاه ب الثماني مليارات دولار التي قدمتها قطر مساعدة منها الى أمريكا لإتمام توسعة قاعدة عيديد التي تشغلها القوات الامريكية، وفي نبرة كلها تهكّم قال: ( لقد كان استثمار ما يصل إلى 8 مليارات دولار جديدة، في الواقع يمكن أن نقول إن كلها كانت من أموالكم وليست أموالنا.)

أما حاكم قطر فإنه لم يتمالك أن اطلق لسانه بعبارات الثناء والولاء في محضر ترامب، معربا شخصيا عن سعادة عارمة، وهو يتطلّع الى غرمائه في مجلس التعاون، ملمّحا أن بلاده قادرة على دعم الاقتصاد الأمريكي، عند أي أزمة أو عجز يعتريه، فكان مما قاله متوجّها به الى ترامب: (ينبغي أن تكونوا جميعا سعداء، خاصة أنت سيادة الرئيس (ترامب)، عندما تسمع أن هناك عجزا تجاريا بين بلدينا، وأننا من يدعم هذا العجز، ويدعم اقتصاد الولايات المتحدة، فنحن نتطلع إذن لاستمرار هذه الشراكة والتحالف والصداقة بين بلدينا)

ويدرك الرئيس الامريكي تماما، أنه عندما يسوق في حديثه، مصطلحات الشركاء والحلفاء والاصدقاء، إنما يريد ان يظهر قطر في مقام لا يراها جديرة به في قرارة نفسه، وانما هو الدهاء وخبث السياسة، التي تقتضي أن تُمنح تلك الالقاب، من باب خداع الرأي العام العالمي، واظهار العملاء بمظهر مشرّف.

ما تلفظ به ترامب من سعي بلده بالتعاون مع قطر في محاربة الارهاب، هو مجرّد ادّعاء خال من أي حقيقة، حيث ثبت بالأدلّة التورط الامريكي في صناعة الارهاب الوهابي التكفيري، والمشاركة المؤثّرة والفاعلة لقطر، في تدمير كل من سوريا وليبيا، من خلال تغذيتها لمجاميع الارهاب في البلدين، وذلك هو التعاون الذي قصده ترامب وليس شيء آخر، وضمان السلم في العالم ليس بالمقصد الأمريكي، في نشر القواعد العسكرية في مختلف القارات، خصوصا حول الجمهورية الاسلامية الايرانية، يجعل المنطقة في حال توتّر واستنفار دائم، بما يعنيه من تهديد للسلم والامن العالمي، في ظل وجود قواعد عسكرية أمريكية وغربية هناك.

امير قطر لم يلتفت الى جرائم قواته التي ارتكبتها في اليمن بحق أهله، طوال مشاركتها العدوان عليه، ولا اعتبرَ من المآسي التي عانت منها ولا تزال، اقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، ولا الازمات الاقتصادية التي تمر بها الدول العربية والاسلامية، بسبب تكاثر ديونها، وعجزها عن سداد حتى فوائضها، فقط اهتمّ بدعم المحاربين الأمريكيين القدامى، في تنشئة مؤسسات خيرية لفائدتهم، كأني به يكافئهم على ما ارتكبوه من جرائم، بحق اخواننا في افغانستان والعراق وسوريا، وقبل ذلك في فييتنام، المحرقة التي لا يجب أن تنسى من ذاكرة الانسانية.

وبتعبير آخر لا يقلّ سخافة عمّا سبق، اعتبر أن أمريكا تأتي في المرتبة الأولى، من الواردات التجارية الى قطر، وان الاستثمارات القطرية في امريكا، ستخلق أكثر من نصف مليون وظيفة، وهي أموال العرب والمسلمين تذهب هدرا، في تقوية اعداء الاسلام والانسانية، ولا تجد طريقا الى تنمية البلاد الاسلامية، الا بنوع من التقطير وحصر مجالاتها، لتبقى دولنا وشعوبنا واجيالنا تعاني من ازمات البطالة، وانسداد الافاق المستقبلية، وتذهب أموال الأمة بعيدا عنها، تنفيذا لنزوات العملاء.

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024