يعتبر عيد الأضحى المبارك عيدًا ذا قدسية خاصة لدى المسلمين حول العالم، ويظل لهذا العيد مذاقًا خاصًا في قطاع غزة، على وجه الخصوص. لقد وفرت الهدنة التي تلت معركة «سيف القدس» في أيار/مايو 2021، أجواءً هادئة نسبيًا للغزيين استطاعوا خلالها الاحتفال بعيد الأضحى للعام الجاري، إذ أدى حوالي 150 ألف فلسطيني صلاة العيد في المسجد الأقصى المبارك، وفي قطاع غزة، شارك مئات الفلسطينيين في أداء شعائر صلاة العيد في الساحات العامة بمحافظات القطاع، ودعا المصلون بالحرية للأسرى والرحمة للشهداء ورفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع وزيارة القدس، التي يحرمهم الاحتلال منها والصلاة في المسجد الأقصى.
طقوس الاحتفال
لأهالي قطاع غزة طقوس وعادات يتوارثها جيل بعد جيل ويحيونها عيدًا بعد عيد، ففي عيد الأضحى المبارك يحرص الكبير والصغير على أن ممارسة تلك الطقوس والتي أبرزها شراء الأضحية، وإقبال الصغار على شراء الحلوى والملابس الجديدة، ليظهروا بكامل أناقتهم في هذه الأيام.
وبعد انتهاء الأهالي من أداء صلاة العيد يقبلون على تهنئة ومباركة بعضهم البعض، ثم ينطلقون إلى مكان الأضاحي سواء في الأماكن التي حددتها البلديات أو كلٌ في مكانه الذي حدده مسبقًا سواء الشارع العام أو في المنازل. كما يحرص كل مضحٍ للذهاب إلى «المسلخ» بعد الانتهاء مباشرة من صلاة العيد، ليأخذ حصته من الذبيحة، بعد تقطيعها وتعبئتها؛ تمهيدًا لتوزيعها على الأقارب والأحباب بأسرع وقت؛ خوفًا من تلفها جراء ارتفاع درجات الحرارة.
أسعار الأضاحي
أعلنت وزارة الزراعة في قطاع غزة، في بيان لها، عن توفر لحوم الأضاحي بشكل جيد وبأسعار مناسبة في أسواق القطاع وتفي باحتياجات المواطنين.
ولفتت الوزارة إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى 17 ألف رأس من العجول وما يقارب 22 ألف رأس من الأغنام في موسم الأضاحي لهذا العام 2022.
وأشارت إلى أن الكميات المتوفرة حاليًا من العجول والأغنام في مزارع التربية في قطاع غزة تصل لحوالي 18 ألف رأس من العجول، و22 ألف رأس من الأغنام. موضحة أن أسعار العجول هذا العام تتراوح ما بين 17إلى 20 شيكل للكيلو جرام (أي ما يعادل من 5 إلى 6 دولار أمريكي).
وبذلك يصل سعر الأضحية في القطاع إلى قرابة 350 دولارًا أمريكيًا.
لم الشمل
اكتملت فرحة هذا العيد برؤية وتجمع أفراد العائلة مع بعضهم البعض. فمنذ خمسة عشر عامًا، ظلت العائلات الغزية تحتفل بالعيد وهي منقوصة لغياب أحد أفرادها المغتربين، نتيجة للحصار وإغلاق معبر «رفح» المصري لشهور طويلة، وانتشار جائحة كورونا، كل تلك الأسباب كانت كافية لجعل المغتربين لا يقدرون على زيارة أهاليهم في القطاع؛ خوفًا من أن يظلوا عالقين داخله مدة طويلة فيخسرون أعمالهم.
لكن تحسنت الأوضاع نسبيًا هذا العيد في القطاع مع تحسن الأوضاع على المعابر، فأصبحت مدينة غزة هذا العام قبلة المغتربين، وتوافد العشرات منهم للاحتفال بالعيد وذبح الأضاحي برفقة عوائلهم وأقاربهم. فلقد توافد العشرات من الأسر المغتربة في أوروبا ودول الخليج بعد غياب عن أرض القطاع لأكثر من عشر سنوات، وعلى الرغم من مشقة الطريق وارتفاع التكلفة لدخول البلاد إلا أن الجميع فضَّل قضاء عيدهم برفقة أهاليهم في غزة.
لقد نجح الغزيون في إسعاد أنفسهم والاحتفال بالعيد على الرغم من الظرف الاقتصادية الصعبة إثر الحصار والحرب الروسية في أوكرانيا، وربما ساعد أيضًا إعلان دولة الاحتلال عن زيادة تصاريح العمل لسكان قطاع غزة، أهالي القطاع في القدرة على شراء بعض مستلزمات العيد، إذ يتلقى الفلسطينيون العاملون في دولة الاحتلال أجورًا أعلى بكثير مما يتلقونه في القطاع المكتظ، البالغ عدد سكانه 2,3 مليون نسمة.