عندما تتعدد التصريحات غير المسؤولة والاستغاثات من قبل رئيس دولة وفي مدى زمني قصير فهذا معناه أنه في مأزق حقيقي ولا يعرف كيف يخرج منه, وهذا ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من قبل رئيس النظام التركي رجب أردوغان الذي تحول كلامه لفقاعات صوتية فعلاً ففي الوقت الذي تقدم فيه الجيش العربي السوري تجاه الشمال الغربي لسورية من أجل تحريره من الجماعات التكفيرية الإرهابية القابعة هناك منذ سنوات, والفقاعات الصوتية لأردوغان مستمرة.
ومن المعلوم أن هذه المعركة الأخيرة أجلت طويلاً لاعتبارات متعددة منها إعطاء الفرصة لتنفيذ تفاهمات سوتشي، لكن التركي الذي ينفذ الأجندة الأمريكية- الصهيونية منذ تسع سنوات على الأرض العربية السورية ظل يماطل ولم ينفذ ما تم الاتفاق عليه لذلك حسمت الدولة السورية موقفها وقررت أخيراً اللجوء للحسم العسكري كما فعلت في كل معاركها السابقة في مواجهة الجماعات التكفيرية الإرهابية على كامل الجغرافيا السورية.
ومع انطلاق العملية العسكرية للجيش العربي السوري برز تفوقه العسكري على الجماعات التكفيرية الإرهابية إذ كان الطريق إلى إدلب وشمال وغرب حلب – برغم تمركز الإرهابيين في هذه المنطقة سنوات- مُمهداً لتحرير البلدات والمدن الواحدة تلو الأخرى وتمكن الجيش من تحرير أغلبية المواقع الاستراتيجية حتى وصل لمدينة سراقب التي تتقاطع عندها أهم الطرق ومنها الطريق الدولي الذي يربط شمال سورية بجنوبها, إذ يمتد من حلب في الشمال إلى دمشق في الجنوب مروراً بحماة وحمص في الوسط, وهنا ومع هذه الانتصارات المدوية أعلنت سورية تحريرها ريف حلب الغربي، وتأمين حلب التي كان أهلها عرضة بشكل دائم لقذائف الإرهابيين المنتشرين في الريف الغربي.
ومع إعلان التحرير الثاني لحلب ألقى السيد الرئيس بشار الأسد كلمة متلفزة وجه فيها التحية لكل أفراد الجيش العربي السوري والمواطنين والحلفاء وأكد أن «الجيش العربي السوري لن يتوانى عن القيام بواجباته الوطنية, ولن يكون إلا كما كان, جيشاً من الشعب وله فالتاريخ لم يعرف جيشاً انتصر إلا عندما توحد معه الشعب في معركته, وعندما توحد هو مع الشعب في رؤيته وقضيته, وهذا ما رأيناه في حلب وغيرها من المدن السورية, حين احتضنتم الجيش حماكم ودافع عنكم وضحى من أجلكم..».
ومع إعلان التحرير تم افتتاح مطار حلب الدولي وتوافد المسؤولون إلى حلب وخرجت الجماهير للاحتفال, لكن في الوقت ذاته لم تتوقف مسيرة الجيش العربي السوري تجاه إدلب ما جعل أردوغان يفقد صوابه بعد نجاحات الجيش السوري الأخيرة فخرج يهدد ويتوعد بشكل هيستيري.
واستمراراً للفقاعات الصوتية يخرج أردوغان مؤخراً ليقول مهرطقاً لبعض أطراف المعارضة التركية التي سألته عن أسباب التدخل في سورية وليبيا «إننا نخوض نضال الاستقلال مجدداً, وإذا تهربنا من خوضه في سورية وليبيا والبحر المتوسط وعموم المنطقة فإن الثمن سيكون باهظاً في المستقبل».
وبالطبع، تعبّر كل سياسات أردوغان منذ انطلاق موجة «الربيع العربي» المزعوم في مطلع عام 2011 وحتى الآن عن مغامرات غير محسوبة فقد كان ومازال ألعوبة في يد سيده الأمريكي ينفذ تعليماته من دون تعقل أو تفكير, وتالياً، أصبحت كل خياراته عبثيةً بعد أن هُزم المشروع بكامله في سورية ولن يتمكن أردوغان من تحقيق مآربه الشيطانية في سورية ولا في ليبيا, وسوف يدفع قريباً ثمن فقاعاته الصوتية باهظاً بعد تعالي أصوات المعارضة التركية في الداخل التي تتحين الفرصة للإطاحة به وبحزبه.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
*كاتب من مصر