في خضم الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة تناسى اللاعبون السياسيون الأساسيون فلسطين وباتت نسياً منسياً تتقاذفها المصالح والمساومات والخيانات وتجارة الدم والحقوق.
مع كل فترة زمنية معينة يخرجون علينا بأجندة سياسية محددة تناسب المرحلة من «أوسلو» إلى «وادي عربة» إلى مصطلح نحن «أولاً» مثل «الأردن أولاً»، «السعودية أولاً» وهكذا.. أي إن فلسطين أمست ثانياً وربما عاشراً وقد تكون أزيلت عن سلم الأولويات عند معظم العرب والمسلمين.
ومع قدوم ما سمّي «الربيع العربي» انشغل الأعراب في دعم الإرهاب وقتل الشعوب العربية وتدمير دول المواجهة التي تساند الشعب الفلسطيني وتقف معه في خندق واحد ضد المخططات والأطماع الإسرائيلية مثل سورية، إضافة إلى بعض الدول التي تعادي «إسرائيل» فكراً ونهجاً وتطبيعاً مثل العراق وليبيا واليمن.. بغية تهميش القضية الفلسطينية وجعل تلك الدول تلتفت إلى بلسمة جراحها والتي استنزفت طاقاتها من الداخل خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة.
جل أمنيات الكيان الصهيوني هو تقسيم سورية وإضعافها لكونه يدرك أن القضية مغروسة في وجدان كل سوري وهي القضية المركزية الأولى لسورية والتي تعمل جاهدة على إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإعادة الجولان العربي السوري إلى حضن الوطن.
«إسرائيل» تسعى لإقامة ما يسمى «الدولة القومية الخاصة باليهود» وهذا الهدف لا يمكن أن يحدث مادام في فلسطين المحتلة فلسطيني واحد، لكن عندما تصبح سورية مقسمة إلى عدة دول تقوم على أساس طائفي أو عرقي فهذا يخدم كيان الاحتلال بحجم خدمة «وعد بلفور» له.
المتآمرون على المنطقة أدركوا أن المؤامرة انكشفت والمشروعات سقطت على صخرة دول المقاومة فأتوا بما يسمى «صفقة القرن» بما تحويه من تنازل عن الحقوق وتهجير وتوطين للفلسطينيين بمباركة من «محمد بن سلمان» ولي عهد نظام بني سعود وبعض جواره من مشيخات النفط.
لكن المتتبع لسيرورة التاريخ يدرك حقائق لا يمكن تجاوزها وهي أن لا ترامب ولا ابن سلمان ولا قوة على وجه هذه الأرض قادرة على إسكات نضال الشعب الفلسطيني المقاوم رغم كل الخيانات والخذلان من الأعراب وستبقى «فلسطيني أولاً».