بلغت الثورة الإسلامية الإيرانية عامها الواحد والأربعين وطوال عمرها لم تتوقف شدة المواجهات بين الثورة وخصومها لحظةً واحدة، وتتصاعد في هذه الأيام الحملات الشرسة التي تمارسها إدارة ترامب بصورة لا مثيل لها ضدها، والعلامة الفارقة لهذه الثورة أنه كلما اشتد عليها الحصار والتحدي عليها ازدادت نهوضاً وقدرة على المواجهة وكسر الحصار بإنجازات باهرة، فهي في عزّ الضغوط الأمريكية أنجزت وتنجز مشاريعها العملاقة ومنها مشروعها للوصول إلى الفضاء وإطلاق حزمة من الأقمار الاصطناعية تم تصنيعها بإمكاناتها الذاتية وعقول علمائها الذين أدهشوا العالم بما أبدعوه من اختراعات علمية في مجالات الطب والصناعة والزراعة والدواء وتصنيع الأسلحة.
وفي هذا العام، ورغم كل أنواع الحصار والضغوط تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي حافظت الثورة على إجرائها في مواعيدها بعد أن أسقطت طوال الانتخابات السابقة مراهنات أعدائها على إحداث تصدعات وانقسامات وانشقاقات بهدف إضعاف الجبهة الداخلية وزعزعة الاستقرار، كما فشل الضخ الإعلامي والدعائي المعادي وذلك لإبعاد الاهتمام بالانتخابات وتقليل نسب المشاركة الشعبية، لكن النتائج على صعيد الإقبال والمشاركة كانت تفاجئهم في كل مرة وحتى إنها تتجاوز نسبة المشاركة في أي دولة غربية تفاخر «بعراقتها في ممارسة الديمقراطية».
أعوام كثيرة من الصبر الاستراتيجي والعمل الدؤوب انتقلت خلالها إيران إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال إنجازاتها الكبيرة فارضة نفسها دولة إقليمية مهابة الجانب، وعزز هذا من دورها في محاربة الإرهاب إلى جانب سورية والعراق ومد يد العون والدعم للمقاومة اللبنانية والفلسطينية فاضحة تخاذل أنظمة الحكم المتواطئة مع العدو الإسرائيلي ضد القضية الفلسطينية.
وعندما حاولوا اختبارها بالنار واغتيال بعض قادتها جاء الرد العسكري صاعقاً سواء بإسقاط أحدث طائرات التجسس الأمريكية أم بضرب أهم قواعدهم في العراق، وبذلك يمكن القول إن إيران نجحت في كل الاختبارات، وباتت تمتلك رصيداً كبيراً من الخبرة والقدرة على التغلب على ما يحاك ضدها والمضي في صناعة المستقبل المشرق من دون توقف.
tu.saqr@gmail.com