قد لا يكون مبررا فعليا، عمل جردة حساب للأرباح والخسائر، نتيجة للأحداث الجارية في الأردن، في ظل شح المعلومات الرسمية، وعدم الثقة فيما يتسرب منها، إلا أن ذلك بتقديرنا أنه لن يمنع، من منطلق الحرص على إستقرار البلد الذي نكن له كل المحبة في قلوبنا، من تسليط الضوء على بعض النقاط المهمة، التي تنير الطريق لنا، على درب وطن عزيز يوحدنا ولا يفرقنا!
ولعله من المفيد التأكيد، حتى نكون على بينة من التاليه أدناه في عرضنا، أننا لسنا هنا بصدد الخوض، في “التكهنات” التي تتناقلها الكثير من الجهات، أو لا قدر الله التعرض بالسلبية، على مواقف وردود الأفعال “العشائرية”، أو ما تتناوله صفحات وقنوات “المعارضة” الخارجية، وإن كان ذلك لا يحول دون التحذير من “اللغط”، الذي سواء عن عفوية أو سوء تقدير، سوف يبقينا نراوح مكاننا!
لقد برهنت الأحداث التي مرت على الأردن، ولا يزال صداها يتفاعل في أكثر مكان، أن أهمية بعض الدول لا ينطوي بالضرورة، مع مستوى قوتها أو تقدمها على الصعيد العالمي، بالقدر الذي تبرز فيه مكانتها إزاء الدور المنوط ببعض الحكام فيها، الذي أثبته تكالب الكثير من الدول والغربية على رأسها، في الوقوف إلى جانب النظام الهاشمي، ودعمه إزاء “الفتنة” الأخيرة المزعومة، التي لا يخفى غرض المناورة منها، وتدركه العشائر والقبائل الأردنية قبل غيرها، الذين بدورهم لا ينقطعون في التودد للنظام، طمعا في هباته وعطاياه، حتى إذا ضاقت بهم الأحوال المعيشية، عادت “الملكية الدستورية” مطلبهم المتجدد، وهو الشيء الذي يدرك النظام أبعادها وعواقبها، في حال إنتقال الولاية الفعلية للحكم إلى الشعب، وما يمثله ذلك من نقض لالتزاماتهم بحكم دورهم الوظيفي، الذي على أساسه يستمدون شرعيتهم منه!
وبعيدا عن التكهنات وردود الأفعال كما أسلفنا أعلاه، فإن أكثر ما يثير السخرية والشفقة والحزن في آن، على ضوء ما هو واضح للعيان، هي تلك المزاعم التي ما يلبث النظام يرددها، في أنه كان ضحية مواقفه من فلسطين الرافضة لصفقة القرن، من خلال “الفتنة” التي تم وأدها، في الوقت الذي لا يخفى على أحد بأن صفقة القرن، قد تجاوزت مع حملات التطبيع التي كان عبد الله الثاني عرابها، أكثر ما كان متوقعا منها، وياللمفارقة في التزامن حين أعلن عن وقوع تلك “الفتنة”، مع نفس الوقت الذي تنازل فيه عبد الله الثاني، عن سيادة الأردن للأمريكيين، دون حتى أدنى مقابل، طالما العرش ثم العرش بأمان، ومن بعده حتى لو كان الجوع والفقر والحرمان، في الوقت الذي راحت فيه ولاتزال العشائر والقبائل الأردنية، حتى “المعارضة” الداخلية والخارجية، في إشغال نفسها بالخلافات الداخلية للعائلة الحاكمة، بدلا من التركيز على المستقبل الذي ينتظرهم، في ظل الإستعمار الأمريكي الجديد، الذي جاء به الهاشميين!
وعودا على بدء، فلعله من المبكر جدا، حصر الأرباح والخسائر نتيجة “الفتنة” المزعومة، إلا أن ذلك لا يمنع ملاحظة وتسجيل ما وصلت إليه الأحداث، من بروز نجم الأمير حمزة من بعد طول غياب، ناهيك عن إهتزاز مكانة عبد الله الثاني المحلية والدولية، حتى لدى المحافل التي كانت لسبب أو دون أي سبب، تغدق عليه جوائز “السلام” المشبوهة، في الوقت الذي أثبتت فيه العشائر والقبائل الأردنية، فشلها في الإقتناع بأنه لا يمكن لها، أن تكون بديلا عن الوطن، وكذلك فعلت “المعارضة” التي بدورها أظهرت، عجزها عن بلورة برنامج واضح يلبي طموحات الشارع، الذي بدونه لا شرعية لها، قبل أن يصبح كل الأردنيين لا قدر الله، أعداء أنفسهم!
فلسطيني واشنطن