قرار المحكمة الجنائية الدولية بشان اختصاصها بقضايا جرائم الحرب على الاراضي المحتلة الفلسطينية يعد مدخلا قانونيا يبنى عليه في مواجهة الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني منذ النكبة.
هذا القرار يؤكد على ان الاراضي التي احتلت عام 1967 هي اراضي محتلة بما فيها القدس الشرقية وتخضع لولاية المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة اسرائيل كدولة احتلال . سارعت الحكومة الاسرائيلية الى تصنيف هذا القرار على انه معاد للسامية لانها تدرك ان هذه الخطوة تشكل مدخلا لتقويض الاساس القانوني للفكرة الصهيونية باقامة الدولة اليهودية على كامل فلسطين وبذات الوقت يفتح آفاقا للشعب الفلسطيني وقواه السياسية وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية لمحاسبة الاحتلال الاستعماري الاحلالي على كل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني التي تندرج تحت عدة عناوين : سرقة الارض والمياه والارث الثقافي والانساني والجرائم الانسانية وعلى راسها الاضطهاد السياسي والثقافي والاعتقال العشوائي لمناهضي الاحتلال والممارسات ضد النساء والاطفال الفلسطينيون واعتقالهم وسياسات الاعتقال الجماعي وسياسة الاغتيال الميداني التي طالت طلاب المدارس والجامعات . القرار يجب ان يكون نقطة اجماع فلسطينية من اجل البناء عليها لمحاكمة الاحتلال الاحلالي والتركيز على مصطلح احلالي لما يحمل من دلالات سياسية وانسانية وثقافية وتاريخية التي هي عناوين للجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة على سبيل المثال لا الحصر: ان الجرائم التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في مخيم جنين تطرح عنوان الجريمة المركبة المتسلسلة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة حيث المخيم كمكان هو شاهد على النكبة وبذات الوقت كان مسرحا لجريمة انسانية بحق ابناءه الذين هم بالاصل يعانون من جرائم الاحتلال الاحلالي. مجرد اعتبار ان الضفة قانونيا هي تحت الاحتلال الاحلالي هو جريمة بحد ذاتها. هذا القرار يفرض على السلطة الفلسطينية وفصائلها ان يكون على جدول اعمال اجتماعاتهم لتنسيق الجهود من اجل تقديم الملفات الجنائية الاتهامية للمارسات العدوانية الاسرائيلية الاحلالية بحق الشعب الفلسطيني وشهداءه واسراه ومعتقليه. القرار يفتح الباب للمساءلة القانونية للممارسات العدوانية الاسرائيلية اليومية بحق الشعب الفلسطيني من قتل ميداني وتشريد ومصادرة الاراضي والسيطرة الممنهجية على الموارد الطبيعية ومنع الفلسطينيين من حقوقهم المدنية والقانونية. القرار يجب ان يكون مدخلا لعمل مشترك فلسطيني اردني لطرح ملفات الجرائم بحق الاماكن الدينية ومصادرة الاراضي الاميرية التي كانت تخضع لملكية الدولة الاردنية ما قبل 1967. ان فتح سجل الملكية للاراضي الاميرية هو عنوانا لتقويض الاساس القانوني لبناء المستوطنات على اراضي مصادرة بقوة الاحتلال الاحلالي. اما الجرائم المرتكبة بحق المقدسيين والقدس وتراثها الديني ومصادرة اراضيها وبناء المستوطنات عليها واعتبار القدس الشرقية هي محتلة من قبل الاحتلال الاحلالي يفرض على السلطة ان تنسق الجهود مع الحكومة الاردنية لتنسيق الجهود القانونية كون القدس والضفة كانت جزء من المملكة الاردنية الهاشمية كوحدة جغرافية متكاملة ويخرجها من تحت عنوان التفاوض عليها بل يطرح التفاوض على ما اخذ عام 1948 ويفرض العودة الى قرار التقسيم. القرار يجب ان يكون مدخلا للاجماع الفلسطيني للبناء عليه في مواجهة الاحتلال الاحلالي. القرار يفتح الباب امام المعركة القانونية في ظل ميزان القوى القائم وعلى السلطة الفلسطينية ان تقدم اوراقها وملفات الجرائم التي ارتكبت منذ عام 1967 ان كانت سياسية او ثقافية او انسانية بشقها الاقتصادي والممتلكات ومصادرة الاراضي والاعتقال الجماعي والاغتيال الميداني واهمية نقد النظام القضائي الاسرائيلي واعتباره نظاما يخدم سياسة الاستعمار الاحلالي مستندة الى الارضية القانونية التي اسس لها قرار المحكمة الجنائية الدولية. ردة فعل الادارة الامريكية على قرار المحكمة الجنائية الدولية يؤكد ان سياسية الادارة البايدينية الجديدة لن تختلف من حيث الجوهر مع السياسية الترامبية . البايدينية ستحاول الضغط لوقف تقديم ملفات الجرائم الاسرائيلية للمحكمة الجنائية وهذا يتطلب من القوى السياسية الفلسطينية وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ان تسارع الى تشكيل هيئة قانونية-سياسية ثقافية تضم قانونيين فلسطينيين وعرب ودوليين متخصصين في القانون الدولي والجرائم بحق الانسانية وبمساعدة مستشارين سياسيين وثقافيين لخوض المعركة القانونية لتجريم الاحتلال الاحلالي ومحاسبته كاحتلال وكافراد على جرائمهم واعتبار ان اصل الجريمة هي الاحتلال الاستعماري الاحلالي وكل ما صدر عن الفلسطينيون هو يندرج تحت عنوان الدفاع عن النفس والارض والانسان والحق في تقرير المصير. هذا القرار يجب ان يشكل منطلقا للبناء عليه من اجل توحيد جهود النضال السياسي والقانوني والميداني لمحاسبة الاحتلال الاحلالي على جرائمه تقديم المفات للمحاسبة هي في الجوهر اختبار للمؤسسات الدولية خاصة الامم المتحدة لتفعيل عشرات القرارات التي تخص الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية والانسانية والقانونية.