الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

كتب تحسين الحلبي: مركز بيغن- السادات يعترف: لم نستطع تصفية منظمات المقاومة

اعتقد مسؤولوا الكيان الصهيوني أن عقد «اتفاقات سلام» مع دول عربية وخاصة المجاورة لفلسطين المحتلة سيجعلها تنهي الصراع العربي- الصهيوني وتحقق أهداف الكيان في المنطقة. ويبدو أن بعض مراكز الأبحاث الإسرائيلية، ومنها «بيغن- السادات للدراسات الإستراتيجية» الذي ينشر أبحاثه بالعبرية والإنكليزية بدأ يعترف بهزيمة الكيان الإسرائيلي أمام شعوب هذه الأمة ومنظمات المقاومة، ومحور المقاومة بالذات.

فتحت عنوان «جز العشب والإستراتيجية الإسرائيلية لمجابهة النزاعات المستمرة بلا حلول» الصادر عام 2013 في 33 صفحة، يعرض كل من رئيس مركز بيغن- السادات أفرايم عينبار، والباحث المشارك في المركز إيتان شامير، أهم الأدلة على هذه الحقيقة، فالمقصود من «جز العشب» على ما يبدو هو أن كل الحملات العسكرية ضد منظمات المقاومة منذ عام 2000 (أي بعد هزيمة الكيان في أيار من جنوب لبنان وفرار قواته من المنطقة التي احتلها) لم تقطع أو تصفي سوى ما يظهر من أعشاب فوق أرض الصراع بينما تبقى الجذور وتولد عشباً أشد قوة وهذا ما يؤكده البحث حين يُبين أن «وضع إسرائيل الاستراتيجي بعد التسعينيات وبداية القرن الواحد والعشرين تغير كثيراً وبدلاً من أخطار الجيوش العربية النظامية التي شكلتها الدول العربية المجاورة ظهرت أخطار مؤكدة من منظمات المقاومة المسلحة وانضمت إلى دعم هذه المنظمات ليس سورية وحدها بل دولة غير عربية مثل إيران».

لا شك أن هذه الحقيقة جعلت “قادة” الكيان يعيدون النظر بحسابات تقديرهم لميزان القوى وخاصة بعد أن تحولت إيران إلى داعم للقاعدة المركزية للمقاومة، أي سورية ومنظمات المقاومة الحليفة لسورية الممتدة من جنوب لبنان إلى فلسطين المحتلة.

ويعرض البحث كيف انطلقت انتفاضة الفلسطينيين في أيلول عام 2000 بعد أربعة أشهر على هزيمة الكيان في جنوب لبنان واستمرت من دون توقف, رغم أن شارون شن عام 2002 اجتياحاً عسكرياً لقرى الضفة الغربية باسم (حومات ماغين) أي (الجدار الدفاعي) وارتكب مذابح في جنين وغيرها ودمر أجزاء من القرى لتوسيع الجدار الفاصل.

ورغم هذه الوحشية تصاعدت المقاومة في قطاع غزة لتجبر شارون نفسه على الانسحاب من القطاع من دون شروط عام 2005، ثم تلقّى من خلفه في رئاسة الحكومة إيهود أولمرت هزيمة استراتيجية في تموز عام 2006 على يد المقاومة اللبنانية مرة أخرى، ما ضاعف تصميم قطاع غزة على تصعيد مقاومته للحصار عام 2008 فشن أولمرت عدواناً عسكرياً ضد القطاع باسم (الرصاص المصبوب) وذلك في نهاية عام 2008 استمر حتى بداية عام 2009 وتكبد فيه خسائر كبيرة، وأجبرته المقاومة على سحب قواته البرية الغازية. وفي عام 2012 شن نتنياهو الذي خلف أولمرت في رئاسة الحكومة عملية عسكرية واسعة باسم (عمود السماء) لضرب المقاومة ونزع سلاحها، وتكبد هو أيضاً هزيمة وقرر العودة لاجتياح قطاع غزة في 8 تموز عام 2014 فشن عملية واسعة وتدميرية وحشية ضد القطاع لكنه لم يستطع كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

واستمرت حرب استنزاف بالصواريخ بين فترة وأخرى تلتها حرب استنزاف من نوع آخر هي الحشود الشعبية على السياج الفاصل بين غزة وبقية الفلسطينيين في الجنوب، وتخللها ابتكار البالونات الحارقة التي أرهقت المستوطنات القريبة من تخوم القطاع بالأضرار المادية والمعنويات.

فالكيان الصهيوني لم يستطع تغيير إرادة الشعوب ولا منظمات المقاومة بل زادها الصراع ضده خبرة وصموداً قلّ نظيره في تاريخ الحروب الاستعمارية الاستيطانية وأصبحت منظمات المقاومة قادرة على فرض حسابات ومعادلات تهدد وجوده بصواريخها وبالمقاتلين الذين صنعوا كل هذه الهزائم لهذا الكيان.

وإذا كان “قادة” الكيان الصهيوني قد عملوا منذ بداية حروبهم على إيهامنا بأنهم “لم يُهزموا” فهم يدركون أن هذا التجاهل للحقيقة يثبتها في الواقع، وفي سجلاتنا وذاكرتنا، اعترافهم بأنهم انسحبوا من أراض احتلوها ومن مستوطنات نزعوها وذلك على يد المقاومة مرة في جنوب لبنان وأخرى في قطاع غزة بعد أن كانوا يوهمون الحكام العرب بأنهم لن ينسحبوا إلا بعد استسلامهم وتسليمهم بوجود هذا الكيان واحتلاله لفلسطين والجولان العربي السوري. ولكنهم في النهاية سينسحبون من فلسطين ومن الجولان دون قيد أو شرط بفضل قوى وأطراف محور المقاومة وانتصاراته على الكيان وحلفائه في الحرب الكونية على سورية.

كاتب من فلسطين

شاهد أيضاً

أسباب أزمة المشروع التحرري الفلسطيني، وإمكانية تجاوزها…بقلم د. إبراهيم أبراش

  مقدمة تمر (حركة التحرر الوطني الفلسطيني المعاصرة) بأزمة بنيوية ووظيفية عميقة: أزمة قيادة، وأزمة …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024