عندما تَقصِف الطّائرات الإسرائيليّة أهدافًا عسكريّةً في مُحيط مدينة حمص، وتُعزِّز الولايات المتحدة قواعِدها في “عين الأسد” والتّاجي والتنف بصواريخ “باتريوت”، ورغم انشِغالها بآثار فشلها في التصدّي لفيروس كورونا الذي يَحصُد أرواح مُواطنيها بالمِئات، وقريبًا جدًّا بالآلاف، فإنّ هذا يعني، وللوهلةِ الأولى، أنّ هذين البَلدين يُشَكِّلان مصدر الخطر الأكبر على مُخطّطات ومشاريع البلدين في مِنطَقة الشرق الأوسط.
هذا القصف بشقّيه الأمريكيّ والإسرائيليّ ليس دليل قوّة، وإنّما انعكاسٌ لقلقٍ يتفاقم، وخوفٍ كبير على المُستقبل، وتحلِّي السّلطات السوريّة بالصّبر، وضبْط النّفس، وكظم الغيظ، هو قمّة الحكمة لتَجنُّب الانجِرار إلى مُواجهةٍ كُبرى يتمنّاها الطّرفان.
الطّائرات الإسرائيليّة أغارت أكثر من 230 مرّةً على سورية على مدى السّنوات الماضية، ولكنّها لم تُحَقِّق أيّ من أهدافها، فسورية ما زالت قويّةً مُتماسكةً، ونجحت في استِعادة أكثر من 80 بالمِئة من تُرابها الوطنيّ، وحافَظت في الوقت نفسه على هياكل الدّولة ومُؤسّساتها العسكريّة والأمنيّة على وجه الخُصوص.
أمّا إذا انتقلنا إلى القواعد الأمريكيّة في العِراق، فإنّ صواريخ “الباتريوت” لن تحميها، وإلا لحمت نظيراتها السعوديّة، فقد نجح تحالف المُقاومة في كشف “عوراتها” وتحطيم أسطورتها، وانسحاب القواعد الأمريكيّة عن العِراق تنفيذًا لطلب البرلمان مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
فيروس كورونا بات يَنخُر مفاصل حامَلات الطائرات الأمريكيّة وجُنودها، والجيش الأمريكي سيتحوّل في الأيّام القليلة المُقبلة إلى فرق إسعاف طبّي لمُواجهة هذا الوباء، ولا نستبعد أن تلجأ جماعات إرهابيّة في المُستقبل لاستِخدامه ضِد الولايات المتحدة، بعد حالة الذّعر التي أحدثها في العالم بأسرِه.
الولايات المتحدة الأمريكيّة خسرت الحرب ضِد هذا الوباء، وباتت نُقاط ضعفها السياسيّة والعسكريّة ماثلةً للعيان وكُل الذين يُحاولون الدفاع عنها، والتّقليل من مكانة الصين وقوّتها وتفوّقها، يلعبون في الوقت الضائع.
العِراق سيستعيد عافيته، وسيتجاوز كُل المعوّقات الحاليّة الداخليّة التي تقف خلفها الولايات المتحدة ورجالاتها، وسورية ستعود أقوى ممّا كانت، وسترد حتمًا، وبقوّةٍ، على هذه الاستِفزازات الإسرائيليّة، وهي التي خاضت أربع حُروب ضِد دولة الاحتلال الإسرائيلي، غير الحُروب الصّغرى في لبنان.
شرفٌ كبير للبلدين أن تكونا مُستَهدفتين من محور الشّر الأمريكيّ الإسرائيليّ في وقتٍ يقف بعض العرب في طابور طويل أمام بنيامين نِتنياهو طلبًا لتقبيل يدَه ونيل رضاه، وهو غير القادِر على حِماية نفسه، ويرتعد رُعبًا من قطاع غزّة وصواريخه المُباركة.
نكتب عن سورية والعراق في زحمةِ طُغيان فيروس الكورونا لأنّنا لا يُمكن أن ننساهما، ونقف في خندقهما في مُواجهة العُدوانات الإسرائيليّة الأمريكيّة، الدولتان العربيّتان وشعبهما الوطنيّ الأصيل ستخرجان من وسط رماد كورونا، وهذه الاعتِداءات قويّتان صامِدتان أكثر من أيّ وقتٍ مضى.. والأيّام بيننا.