الأحد , 24 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

كتب عبد الناصر بن عيسى: سيقتلون القتلى ويدمّرون الدمار!!

الذين سُمح لهم بدخول غزة، خلال أيام الهدنة القصيرة جدا، لم يشاهدوا دمار مباني غزة، بقدر ما شاهدوا دمار أخلاق الصهاينة، فمن غير المعقول، أن نصنّف هؤلاء الذين حوّلوا كل ما ينبض بالحياة إلى خراب، ضمن البشر الذين عاشوا وسيعيشون من زمن آدم إلى آخر الأزمان، فإذا كان الذي يقتل نفسا، بحكم قاتل الناس جميعا، كما جاء في القرآن الكريم وفي كل الكتب السماوية بما فيها توراة اليهود، فإن الصهاينة قتلوا أو حاولوا قتل الناس جميعا وكل الكائنات الحية، ونسفوا أو حاولوا نسف حتى الجماد فيها.
الصور التي قدّمتها التلفزيونات العالمية بما فيها تلك التي كانت “تسبّح” ليلا نهارا، باسم “حقّ الدفاع عن النفس”، كانت تروي في كل بيت مهدَّم وركن محروق وأب مكلوم، وحشية هؤلاء الذي يصنَّفون من البشر ويزعمون التحضّر، وهم في الحقيقة، نسخٌ مشوَّهة من تيمورلنك والمغولي هولاكو وموسيليني وهتلر، إن جاز الوصف، مع الاعتذار عن مقارنة في غير محلها، لأن المنحدر الذي نزل إليه الصهاينة، سيُتعب كل الأنذال في العالم.
لو قُدّر للروائي شكسبير أن يدخل غزة في دمارها الحالي، لفاقت كتاباته مسرحيته الشهيرة “ماكبث” التي قدّم فيها طاغية ما أنجبت الأرضُ مثله، ولو قُدّر للفنان التشكيلي سلفادور دالي أن يعيش هذا الزمن الدموي الأغبر، لنافس لوحته الزيتية الخالدة “وجه الحرب”، ولو طال العمرُ بنزار قباني لقدّم لماجدة الرومي أحزن من قصيدة “قومي من تحت الردم يا بيروت”، ولو عاش النحات أوغوست رودين في زمن جحيم الحرب على غزة، لحطّم منحوتته الشهيرة “بوابة الجحيم”، وقدّم بدلا عنها الجحيم نفسه، الذي نحته الصهاينة.
لا يمكن لأي لئيم في العالم، بل لا يمكن لكل طواغيت الدنيا، من مات فيهم ومن ينتظر، أن يأتوا بأحقادٍ تشبه التي أخرجها الصهاينة في حربهم على غزة، ولو اجتمعوا.
وفي المقابل، شعر الناس وتحسّسوا مقدار الصبر الذي اتَّصف به أهل غزة، فقد علمتنا الحياة أن نَصِف انهيار مسكن بالفاجعة، فإذا بنا أمام انهيار كل المساكن، وعلّمتنا أن نصِف موت نَفَس واحدة بالمصيبة، فإذا بنا أمام موت الناس جميعا، والأمرّ أن كل هذه المواجع حدثت بفعل فاعل، مرفوع عنه القلم الزائف للغرب، في حكاية نكاد نجزم بأنها ستُعجز كُتَّاب الرواية ومخرجي الأفلام، الذين تعوّدوا على المبالغة في تصوير المآسي التاريخية، فوجدوا المبالغة في الإجرام، تقدِّم لهم ما لم يتعلموه في حياتهم.
سؤالٌ يطرحه كل مُشاهد لهذا الدمار، عن النسخة التي سيقدّمها الإرهابيون الصهاينة بعد انقضاء الهدنة، فهل سيقتلون القتلى، ويدمرون الدمار ويحوّلون المقابر إلى مقابر؟ ويجيب نفس المشاهد في نفس الوقت، بأن ما يحدث في غزة هو جريمة في حق الجريمة، وحقارة أعجزت الحقارة.

شاهد أيضاً

ألمانيا تدفع ثمن أخطائها الإستراتيجية من غزة إلى أوكرانيا…بقلم م. ميشال كلاغاصي

لطالما دعيت بالمحرك الأوروبي بفضل صناعاتها التي ضمنت لها مكانةً إقتصادية هامة, وقوةً عسكرية لا يستهان بها, استطاعت من خلالها رسم حكايتها مع التاريخ القديم والحديث, هي ألمانيا التي خاضت حروبها العالمية وكادت...

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024