بقلم محمد إبراهمي: ناشط سياسي |
جائحة فيروس كورونا يغير العالم و الشعوب وهذه التغيرات لم تقتصر على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية في العالم بل القت بظلالها على النظام الدولي برمته وهددت مستقبل تحالفاته التقليدية في ظل هذه التحولات وتداعياتها الخطيرة على الصورة المعتادة لإصطفافات العالم.. فالعالم بعد كورونا لن يكون كما قبله..
كوفيد-19 و تحدياته في العالم :
يدخل فيروس كورونا المستجد شهره الرابع منذ ظهوره لأول مرة في الصين و تحديدا في مدينة “يوهان” واصبح خطرا جديدا يهدد البشرية و يواصل زحفه عبر العالم وقد يصبح الأسوأ في تاريخ البشرية وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا الجديد، والذي يتسبب في مرض نعرفه الآن باسم “كوفيد-19″، كجائحة عالمية، مما يعني أن الوباء أصبح منتشرا في العالم كله، و يثير قلق أقوى الدول والشعوب بإنتشاره السريع سمح ذلك بظهور عدد من البؤر الخطرة جدا في مناطق متفرقة من العالم، منها إيران وإيطاليا كبداية، ثم فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من بلدان العالم واصبح أزمة وبائية عالمية لها إنعكاسات سلبية على إقتصاديات الدول وحتما سيغير خارطة التحالفات المستقبلية و يغير العالم و بعض الدول ستسقط بضربة كائن مجهري وهو عدو مخفي يبرهن للعالم وللبشرية أهمية الوحدة والتلاحم بين مختلف فئات الشعوب و الدول و يبين نقاط القوة والضعف للبشرية جمعاء أمام الأوبئة والتغييرات الكبيرة التي تنتجها هذه الأمراض على العلاقات الاجتماعية وعلى نمط العيش وروابط التضامن والتآخي والتآزر. وبالرغم من خطورة الأوضاع الصحية وضرورة التعجيل بالسيطرة على هذا الوباء الجديد وإيقاف تطوره فانه يطرح علينا قضايا أساسية تتطلب معالجة جذرية وتهم نمط عيشنا وواقع علاقاتنا الاجتماعية وإنعكاساته على الأمن الإنساني وعلى مستقبل المجتمعات البشرية.. جائحة فيروس كورونا هذا الشبح العالمي، السري والخفي والكامن في الأجسام، قلب فجأة رأسا على عقب القيم والمعايير الأخلاقية والسلوكية التي تدعو إليها البشرية، باعتبارها المكتسبات الأرقى والأفضل لأزمنة الحداثة وما بعد الحداثة في العالم كله. وفجأة، وفي أيام معدودة، اكتشفت البشرية هشاشتها وهشاشة قيمها الراسخة امام هذا العدو المشترك و الشبح الخفي ولابد من استخلاص العبر من وباء كورونا العابر للقارات والجنسيات والأديان والأعراق،
كوفيد-19 فيروس كورونا المستجد يمثل حالة طوارئ صحية عامة و يهدد الأمن الصحي العالمي ، ولا خيار سوى الانتصار بأي شكل من الأشكال و في الوقت الحالي لا دواء ناجع سوى الحجر الصحي التام للتصدي و إحتواء هذه الأزمة الوبائية العالمية.
فيروس كورونا المستجد و تحدياته في تونس :
لعل الجانب الايجابي الوحيد لفيروس كورونا هو توحيد الشعب التونسي و الطبقة السياسية بالتضامن و التكاتف لمواجهة عدو مجهول و مشترك لا يفرق بين هذا او ذاك و اليوم تونس في أحوج الظروف من أي وقت مضى للتضامن لنقوي الوحدة الوطنية الصماء وهو واجب أساسي، أولا لمجابهة الكورونا بكافة السبل، و أيضا مكافحة الأسباب العميقة التي أوصلت الشأن الطبي والصحي في تونس إلى حالة كارثية يخشى عليه من مواجهة الأزمات الصحية والأوبئة على غرار كورونا، اليوم نحن نخوض معركة غير مسبوقة في تاريخ البشرية في سبيل التقليل من انتشار المرض و إحتواءه و أعتقد أن إجراءات الحجر الصحي التام خطوة نحو التصدي لهذا الوباء رغم ان قلة من الشعب لاتزال غير واعية بهذه الأزمة و لابد من قرارات جديدة و قوانين رادعة للحجر الصحي العام و ضروري التضامن و دعم المستشفيات المحلية بالوسائل الوقائية فهم في الصفوف الأمامية لمحاربة كورونا المستجد و مراعاة للمصلحة الوطنية لابد من تضافر جهود كل القوى السياسية و المجتمعية لتعبر تونس لشاطئ الأمان،ولن يكون ذلك إلا بالوحدة الوطنية الصماء و نضع أيدينا بيد الحكومة والتضامن فيما بينا و بين المؤسسة الصحية و الأمنية والعسكرية فهم دروع الوطن و حماة الشعب، ولا سبيل إلا الإنتصار على كورونا و لا يكون الانتصار الا بالتضامن الوثيق فيما بيننا، لا سياسة ولا مصلحة ولا قضية تعلو على اولوية الحياة و الصحة و سلامة الشعب و الوطن فوق كل إعتبار.. ولايمكن بأي شكل من الأشكال ان نضع البلاد بين مطرقة الجهل بمخاطر كورونا و سندان انتشار الفيروس.
جائحة فيروس كورونا يوحد العالم والشعوب لا سبيل للإنقسامات فالتضامن العالمي، هو السبيل الوحيد لمكافحة كوفيد-19 “القاتل” الذي أثر على العالم برمته و حتما سيزول و سيغير العالم و خارطة التحالفات المستقبلية.. فالعالم بعد كورونا لن يكون كما قبله..