لا تقلقوا على سورية…لكن حذاركم من شعوبكم 

د. أنور العقرباوي-فلسطيني واشنطن 

ليس أغرب من المفارقات في ردود الأفعال على سقوط طائرة الإستطلاع الروسية، إلا عندما تكاد الأضداد أن تتقاطع فيما بينها، بين  متربص إنتهازي يواري نفاقه في النحي باللائمة، على تقصير روسيا في تزويد سورية بما يلزمها من وسائل الدفاع عنها، وساذج لا يشوب حرصه على أمنها ومنعتها أي مساءلة، وهو دون الروية من التهور والمسارعة يطلق عنان الأحكام المسبقة على حلفائها، لولا إدراكنا للإختلافات الجذرية فيما بينها، التي لا يمكن لها على أي حال أن تجمعها!

وإذا كان لا بد لنا من مداخلة وسط هذا الضجيج المفتعل، بين اللذين لا يحلو لهم من المتربصين سوءا غير الإصطياد في الماء العكر، وأولئك اللذين اساؤا التقدير وهم يدركون أن صمود سورية وانتصاراتها لم يكن ليأتي من فراغ أو عدم، فلعله من المفيد التذكير بالحقائق وما ترتب عليها من ردود أفعال ومواقف:

  1. ولعل أهم تلك الحقائق التي لا يقدر أحد على إنكارها، أنه لولا صمود سورية شعبا وجيشا وحكمة القيادة فيها، لما كانت روسيا كي تتخذ قرارا مفصليا بالتدخل المباشر إلى جانبها، بعد مرور نحو أربع سنوات (30/09/2015) من الحرب عليها، وإلا لما سقطت بغداد في غضون أسابيع، لو تمكنت من الصمود في وجه الغزو الأمريكي وقتا، يبرر الإنتصار لها والوقوف إلى جانبها.
  2. إن قضية إسقاط الطائرة الروسية وما سوف يترتب عليها من مواقف ومضاعفات، إنما هو شأن يخص الشرف العسكري الروسي في رد الإعتبار إليه، ولسنا هنا في معرض التذكير بما حصل عندما أسقط الأتراك طائرة حربية لها، وما نتج عنه من تبدل في المواقف ولو كان مرحليا أو تكتيكيا.
  3.  وبالتمعن الدقيق في ردة الفعل السورية المدروسة والمتأنية، فإنه يكفي محور المقاومة شرفا ولأمته العربية والإسلامية معه، ما جاء على لسان الرئيس السوري، بشار الأسد في رسالة التعزية إلى نظيره الرئيس الروسي، بوتين التي ذكره فيها “أن الحادثة قد جاءت نتيجة الصلف والعربدة الإسرائيلية المعهودة والتي دائماً ما تستخدم أقذر الوسائل لتحقيق أهدافها الدنيئة وتنفيذ عدوانها في منطقتنا”، كي يذكرنا ويذكر العالم أجمع ومعهم عرابوا التطبيع مع العدو الصهيوني من المستعربين، عن حقيقة الصراع في المنطقة والهجمة الشرسة على سورية. 

وفي الختام نقول، فإذا كان الباطل إنما مصيره المحتوم هو الإضمحلال، اللذي لن يجد غير السيل كي يذهب معه زبدا رابيا، فأنما الحق اللذي روته سيول الدماء من قوافل الشهداء، إنما هو اللذي ينفع الأرض عندما ستنبت من جديد غدا، سورية المزدهرة الحرة والمعافية!

لا تقلقوا على مستقبل سورية، فإنها ستكون بألف خير، لكن طمنونا عن أخباركم في محور الإبتذال أنتم، قبل أن تدوس شعوبكم على شرفكم، إن كان لديكم في الأصل بعضا منه؟! 

   

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023