الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

لسنا شعبا أبلهََا ولا انتم فلتات زماننا…بقلم محمد الرصافي المقداد

إن أسوأ ما ابتليت به حرية الشعوب (الديمقراطية)في هذا الزمن تسلل الانتهازيين والنفعيين، بدعم من أصحاب الاموال، ليمارسوا عليها دور الراعي والمسؤول والرقيب، وآخر همهم مصلحة الشعب، بل لعلها لا وجود لها أصلا في قاموس أولوياتهم.

لم يطل بنا الزمن، لمعرفة بعض اسرار عملية التصويت، التي جرت في البرلمان يوم الخميس 30/7 ، فسرعان ما كشف عدد من النواب، أن مصدر الاوراق الملغاة التي انقذت رئيس البرلمان راشد الغنوشي، من سحب الثقة منه، هم نواب من حزب قلب تونس، هذا الحزب الذي تأسس على شعبية السلال الغذائية، والمساعدات الغير بريئة، التي كان يقدمها نبيل القروي بواسطة جمعيته (يرحم خليل) الى فقراء المناطق النائية بالشمال والشمال الغربي، وحتى الوسط والجنوب، وقد انخدع بها أهالي تلك المناطق، وفي ظنهم انها نابعة من حسن نية، لا خلفية وراءها، فصوتوا له وللحزب الذي أسسه، صحيح انه استطاع ان يخدع هؤلاء الغلابى، لكن ألاعيبه لم تنطلي على أهل الدراية والخبرة في عالم السياسة والاجتماع بتونس .
توجيه هذه التهمة لم يكن اعتباطيا، وانما باستنتاجات عقلية ودلائل عملية، أكدت تماما صحتها، ومن مصلحة من لا تزال ملفات فساده ممسوكة ضده، تنتظر البت فيها قضائيا، واصدار احكام عادلة فيها، ومن عادة (بزناسة السياسة) ان يستغلوا الفرص التي تتاح لهم، خصوصا اذا كانت استثنائية، مثل جلسة سحب الثقة الانفة الذكر، وغنم ما لم يتيسر غنمه في غيرها، واعمار امثال هؤلاء الاشخاص، معدودة بالفرص المستغلة، وليس بالسنوات المقضاة.
لقد كشفت  استقالة النائبة ليليا بالليل  من حزب قلب تونس ومن كتلته البرلمانية، عن فرصة البزنسة والسمسرة التي عرضت على حزبها، فرفضت الدخول فيها، وعبرت بلسان فصيح، أنها لن تقبل بالتصويت لفائدة بقاء الغنوشي رئيسا للبرلمان، موقفها مبني منطقيا على اتفاق حاصل من قبل بين   اعضاء الحزب، على سحب الثقة من رئيس البرلمان، وتضامنا مع  الاحزاب التي تقدمت باللائحة، ولم يكن ما طرأ من تغيير اتفاقهم، سوى صفقة تمت بين رئيس الحزب  خدمة مقابل خدمة أخرى، مقاسمة بين صالحه ( تجميد  ملفات التهرب الضريبي)، وصالح النهضة في الابقاء على رئيسها في موقعه بالبرلمان، لان اسقاطه سيستتبع اجراءات أخرى أكثر ضررا من سحب الثقة.
لقد كشفت لنا جلسة سحب الثقة، مشهدا برلمانيا سيئا جدا، يتبارى تحت قبته نواب، أثبتوا بالأدلة أن مصالحهم تاتي في المرتبة الاولى، قبل مصالح الشعب والبلاد، وهذا داء يجب استئصاله بكل حزم، تفاديا للاسوأ، وعلى الشعب وحده مسؤولية قطع دابر هذا الفساد البرلماني، بالتعبير بمختلف الطرق السلمية على رفضهم للحالة الوبائية التي ألمت بالبرلمان في دورتي ما بعد الثورة.
وفي تدوينة مطولة على صفحتها بالفايسبوك، اثارت القيادية في التيار الديمقراطي سامية عبو التجاوزات والاخلالات التي ارتكبتها كتلة حركة النهضة، ولم يكن ذلك دون موافقة رئيسها راشد الغنوشي، فذكرت:
تآمروا على الثورة ذات يوم في باريس، تحالفوا مع اعدائها، اسقطوا قانون تحصينها، صوتوا ضد تحديد السن القصوى للترشح لرئاسة الجمورية، تنفيذا لصفقة مع الباجي قائد السبسيي، عارضوا ومانعوا قانون تطهير القضاء، تحالفوا مع نداء تونس ( التجمع متجمع )
صادقوا على قانون المصالحة، تصدوا فأجهضوا قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، دافعوا على مصالح اللوبيات النافذة، على حساب مصالح العامة، حكموا فتحسن حالهم، وساءت حالة تونس، ويسألون لماذا نقول عنهم انهم خونة وأعداء الثورة.
واضافت النائبة عبو:
استعملوا كل الوسائل القذرة ، هيمنوا على القضاء، هيمنوا على مفاصل الدولة، إخترقوا الاجهزة الأمنية، إخترقوا الاحزاب، إشتغلوا بالذباب، شوهوا الخصوم، وظفوا الاعلام، ابتزوا الفاسدين، اتهموا الآخرين بقذارة مارسوها، وأتقنوها، تاجروا بالدين ، بالمفقرين ، بالمعطلين، ويسألون لماذا نقول عنهم تنظيم الإخوان،
معركتنا واضحة، وعدو الثورة والشعب امامنا، فإما دولة القانون المؤسسات، وإما النهضة، فإما حياة وإما فلا.
ولخصت عبو تدوينتها بالقول: النهضة استعملت جميع الأساليب القذرة، وهي عدو الثورة والشعب.
ما جرى تحت قبة البرلمان، يقترب في واقعه، من معركة كسر العضام بين الكتل المتصارعة فيه، وتزداد كل مناسبة حدة وقوة، وسوف لن يرفع فيها طرف العلم الابيض مستسلما، اما خارج البرلمان، فان الشعب سئم في متابعته لجلسات برلمانه، من حالة الانفلات والتعطيل المتكررة الطارئة عليه، وما تسببته من ضياع اوقات، ليس من السهل تعويضها، على بلد يمر بازمات حادة، تتهدد مستقبله، وعليه ان يجد لها حلا سريعا، ولو يكشف عنه الغطاء، ليرى ما وراء الكواليس  لهاجم البرلمان وقام بتاديب وطرد الفاسدين.
لقد مرت السنة النيابية هذه ثقيلة بتجاذباتها، مستفزة في ادائها، مخيبة لامال الشعب الذي انتظر اداء حقيقيا  يجسد بحق، مسؤولية نواب البرلمان في حسن خدمة تونس، بعيدا عن أي عائق يحول دون ذلك، وهذا ما يجعلنا نتساءل ان كان ما حصل سيتكرر في السنة النيابية المقبلة؟
خاتمة القول ما عنونت به مقالي هذا، موجها أصحاب العشرين ورقة (18+2) والتي تقول: لسنا شعبا ابلها ولا انتم فلتات زماننا، فاحذروا من غضبة الشعب اذا نفد صبره  ان كنتم لا تأمنون مكر الله، وهو يراكم بجميع سوآتكم وعوراتكم.

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024