رائحة الرشاوى التي اغدقها اصحاب رؤوس الاموال والمتنفذين في الدولة, وبالأخص جماعة الاخوان المسلمين على اعضاء لجنة الحوار (75)ازكمت الانوف,اسدل عنها الستار بدلا عن التحقيق بشأنها, مرر مجلس النواب الحكومة ونالت ثقته لتعمل في كنفه ,لم يترك لها الحبل على الغارب كما حدث لحكومة السراج التي اهدرت الملايين ولم تقم بحل المشاكل الحياتية للمواطن بل فاقمتها.
ستة اشهر بالتمام والكمال, تربع خلالها على عرش ليبيا, تنقل بكافة ارجاء البلد, حضر المهرجانات المحلية , وعد الشباب بمنح لتسهيل الزواج خصص صندوق لهم ضخ به مليار دينار, الغرض اعتبر ساميا, نعتقد ان الشباب في امس الحاجة الى توفير سكن لائق وفرص عمل تحقق له عيشا كريما.
لقد جيء بالمجلس الرئاسي وحكومته لأجل تنفيد بعض المهام التي من شانها تهيئة الظروف لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية موفى العام الحالي وحل المختنقات المتمثلة في السيولة النقدية وتوفير الوقود وخفض الاسعار وتوفير الطاقة الكهربائية. وتوحيد المؤسسات ومنها البنك المركزي والمؤسسة العسكرية والامنية,احتفظ الرجل لنفسه بوزارة الدفاع لأنها حسب رايه مثار جدل, في حين ان وجوده على راسها وابقائه على المسميات(الشخصيات) العسكرية والامنية التي كانت تتبع السراج اعتبر استفزازا للطرف الاخر وساهم في احداث شروخ في العلاقة بين الطرفين.
الطائرة الرئاسية لم تنطفئ محركاتهالم يكن يوما يحلم باقتنائها, سافر الى حيث شاء, وقع معاهدات اقتصادية مع تركيا وكان قبله السراج قد رهن ليبيا للأتراك باتفاقيتيه المذلتين,وكانت نتيجتهما جلب المرتزقة السوريين واقامة قواعد تركية في غرب البلاد, اراد الدبيبة ان يكون اكثر شطارة من سلفه, سافر الى القاهرة وقع بها عديد الاتفاقيات بمليارات الدولارات وذلك لإحداث توازن في تدخل الاطراف الاقليمية لينال رضاها, ربما حاول من خلال زيارته للقاهرة الطلب اليها للضغط على حلفائها بالداخل.
عدم اكتراث الدبيبة بدعوة مجلس النواب لمساءلته او لنقل استيضاح بعض الامور وقدومه متأخرا الى مقر مجلس النواب, جعل البرلمان يرفع الجلسة للانعقاد باليوم التالي, فما كان من الدبيبة الا الرجوع الى طرابلس وكأنما الامور بها لا تستحمل, لاشك تصرفات لا تليق برئيس حكومة ملزم بتوضيح الامور تحت قبة البرلمان.
قرار سحب الثقة من الحكومة لا نقول كان مستبعدا من قبل الدبيبة وحاشيته بل كان مستحيلا, واقصى ما كان يدور في خلدهم هو مساءلتها وبإمكانهم المراوغة حيث الردود المنمقة والوعود التي ندرك جميعنا انها لن تتحقق في ما تبقى من عمر الحكومة العتيدة وهي 3 اشهر.
سحب مجلس النواب الثقة من الحكومة, حتما سيكون هناك تشكيك في النصابكما عودنا اسلافه,زيدان يعتبر نفسه الى الان رئيس الحكومة الشرعيوكذا الغويل والحاسي, والسؤال هل سيلتزم الدبيبة بقرار الاقالة ويعتبر حكومته تصريف اعمال ويبتعد عن ابرام الاتفاقيات, أم انه سيحذو حذو اسلافه والتشبث بالسلطة والاحتماء بالمليشيات التي من المفترض فيه ان يكون قطع شوطا كبيرا في حلها وتهيئة منسبيها لان يكونوا افرادا فاعلين بالمجتمع من خلال اعادة تأهيلهم ودمجهم بمؤسسات الدولة. للأسف كل من تبوا مركزا لم يتركه الا بشق الانفس.
ربما يتحدث البعض بان الدبيبة افضل من سابقيه, فلماذا يحاكم ويحاسب ويترك اولئك يسرحون ويمرحون وينعمون بما سرقوه من قوت الشعب الليبي؟ ان سياسة( كول ووكل) لا تبني دولة ,لا شك بان النائب العام لم يقم بدوره بشان الجرائم المالية والامنية,ربما لأنه خائف على حياته او انه منغمس معهم, أيا يكن الامر فان محاسبة هؤلاء المجرمين ستتحقق عندما تقوم الدولة وينال كل جزاءه.
نجزم بان البرلمان باتخاذه قرار سحب الثقة هو السبيل الوحيد لوقف الايادي العابثة بمقدرات الوطن, ربما يكون للمجتمع الدولي راي بشان قرار سحب الثقة وبالتالي فان مصير الوطن رهن اللاعبين الاقليميين. ويبقى 24 ديسمبر (التاريخ الذي لم يتخذه الليبيين لاستقلالهم بل اختاره الاخرون الذين كانوا يسيطرون على البلاد)العهد الذي قطعه المجتمع الدولي على نفسه بالانتقال من مرحلة العبث والقتل والتشريد والاثراء غير المشروع, إلى الدولة المدنية التي صدعوا بها رؤوسنا عبر أبواقهم المأجورة.
لقد بلغت خسائر ليبيا خلال العقد الماضي ما يربو على التريليون دولار, وإعادة اعمارها يتطلب اكثر من 200 مليار دولار, إنها ارقام يسيل لها لعاب الدول التي قادت العدوان وسببت في مأساة شعب.