الثلاثاء , 24 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

ماذا تخفي دعوة حكام آل سعود لاستضافة  حوار يمني؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

لا تبدو دعوات الحوار التي تطلق من حين لآخر، من أجل تسوية بين غرماء أو خصماء، على طرفي نقيض مجدية، خصوصا إذا كانت مسبوقة بعدوان على بلد مستهدف، واستباحة مقدراته، واقتحام أرضه، وحصار وتقتيل شعبه، وهذا ما حصل لليمن المظلوم وأهله، ولا يزال يكتوي بنار حقد التحالف العربي، الذي يقوده النظام السعودي، مجترئا به على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ودينه، فأي حوار يريده المعتدون  يراد له أن يستظيفه  النظام السعودي؟ وقد أثبت بالأدلة القاطعة للشك، أنه متربص الدوائر، وفاقد لأبسط القيم الإسلامية فضلا عن الإنسانية

والقيادة اليمنية المجاهدة والمدافعة على حقوق شعبها، في حرية تقرير مصيره بعد ثورته، مدركة تماما أن هذه الدعوة غير سليمة، وخبيثة إلى أبعد حد يمكن لعاقل أن يتصوره، فلا يمكنه أن يستأنس بدعوة معتدٍ، مازال مواصلا عدوانا بسببه تساقط عشرات الضحايا من المدنيين، من جراء القصف المتواصل، على المدن وأحيائها السكنية، ويموت بسبب الحصار في حصيلة أخرى المرضى بسبب فقد الأدوية، والأجهزة الطبية وصغار السن  من جراء سوء التغذية، وقد شارف الشعب اليمني على المجاعة، بسبب الحصار المطبق على اليمن، برا وبحرا وجوا، فعن أي حوار يتحدث حكام آل سعود، وتاريخهم الدموي الذي أسسوا عليه مملكتهم، لا يقل فظاعة عن تاريخهم الحالي؟

ولا أعتقد أن المقترح نابع أصلا من إرادة هذا النظام الدموي، وهو الذي تفنن في هدر أموال مواطنيه من الناتج المحلي الذي يستأثر به أمريكا، ومن بعدها أمراء الأسرة الحاكمة، التي تنعم في رغد العيش والبذخ المفرط، بينما يعيش أهالي المنطقة الشرقية – مثلا – تحت غُبن سياسة تمييزية تكفيرية، لا ترى  لأحد حقّا يحاول التعبير عن موقفه وإبداء رأيه، هناك تنقلب الوداعة الظاهرية والإبتسامة العريضة، إلى تكشير وحوش بشرية كاسرة، لا ترى سوى قطع الرؤوس التي تأتي منها الإعتراضات.

يبدو أن تحالف العدوان وصل إلى طريق مسدود، بحيث لم تنفع سنوات العدوان السبعة في تحقيق أي مكسب على الأرض اليمنية، وباءت جميع محاولات المتحالفين في مشروع إخضاع اليمن بالفشل الذريع، رغم إمدادات الأسلحة المتطورة والمتنوعة، التي يتلقاها مرتزقة العدوان من دول الغرب، وتضاءلت حظوظهم في كسب شيء كانوا يأملونه لأسيادهم الغربيين، في السيطرة على مضيق باب المندب، والتحكم من خلاله في الملاحة الدولية، وبالتالي إخضاع اليمن لإرادة الغرب والصهيونية.

إذًا، ومع تزايد قدرات الرّدع العسكري لدى القوات اليمنية ولجانها الشعبية، أخذت الحرب شكلا آخر غير الذي كان تحالف العدوان يأمله، بحيث وصل دفاعها المستميت والصامد في وجه قوى العدوان، أن بدأوا يوجهون ضربات مؤلمة في العمقين السعودي والإماراتي، طالت مواقع إقتصادية هامة، كمحطات أرامكو الأمريكية، ومطارات أخرجتها عن نطاق الخدمة مؤقتا، وكلما أمعن التحالف بإصراره على مواصلة العدوان، كلما ازدادت ضربات القوات اليمنية، في عمق أراضي قادة العدوان، بحيث وجد هؤلاء أنفسهم في طريق مسدود وخيم العواقب، ةلم يبقى من سبيل للمعتدين سوى استعمال الخداع لإيهام الرأي العام العالمي بأن عرض الحوار مع اليمنيين أنسب طريق لحل الأزمة، وكما لم ينجح مقترح الحوار الأول(1)، لن ينجح المقترح الثاني، لسبب بسيط وهو أن الداعي إليه غير  صادق أولا، وهو السبب الرئيسي في تعقيد الأمور في اليمن، ومغالطة أغلب دول العالم.

المطلب الحقيقي والنابع من صميم الإصلاح، يجبُ أن يكون حوارا يمنيّا يمنيّا من الداخل، ولا شأن لدول العدوان على اليمن فيه، وكل من لا يمت لليمن بصلة مواطنة، مثلما وقع سنة 2013 /2014 وكان بادرة خير أجهضها العدوان (2) باسم الدفاع عن شرعية لم تعد تعني للشعب اليمني شيئا، الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي قد أسقط نفسه بنفسه بسكوته على قوى العدوان بعد لجوئه إليها، ولا أرى عاقلا يصدّق مقترح الحوار الصادر من الديوان الملكي السعودي، ونظامه لم يتأسس على أي صيغة حوار حقيقي، بل إنّه نظام قام على الحديد والنّار والعدوان.

العين الأمريكية على العملة العسكرية المُشنّة على اليمن، تبيّن لها أنها ذاهبة للفشل الكامل، إن لم نقل بأنها ستتعقد أكثر، لو بقي العدوان قائما، وقد يرتدّ السّحر على سحرة العبث باليمن، لينقلب الفاعل إلى مفعول به، كما نرى بعض مؤِشّراته واضحة، في تنامي قوة أحرار اليمن، بالرّدّ على مصادر العدوان، بما يتناسب وحجم الأضرار الحاصلة، وخشية أمريكا من تواصل ردود أفعال الجيش اليمني وقواته الشعبية الرديفة، دفعت إدارتها إلى حث النظام السعودي على المناورة والتماس سبيل للخروج من المستنقع اليمني الذي وقع فيه وتوحّل بداخله، بحيث لم يعد بإمكانه أن يخرج منه، سوى باستعمال الحيلة، لقد تأكّد أن الدّعوة التي أطلقها هذا النظام إلى الحوار، ليس فيها 1% من الصدق والنزاهة، وهي بحسب رؤية أهل البصيرة، فخ نصبته أمريكا لاستدراج اليمنيين، إلى حيث تؤمّل تحقيق مكسب منه، قد يعوض خسائر حلفائها العسكرية، وفشلهم الذريع في اليمن، ويبقى اليمن عصيّا على المؤامرات قويا صلبا صامدا في النائبات، ليقضي الله أمرا كان مفعولا في ظهر غيبه، وهي راية الهدى اليمانية، التي ستعلو قريبا فوق كثير من الرّايات.

المصادر

1 – اليمن: وثيقة الحوار الوطني الشامل

https://constitutionnet.org/vl/item/alymn-wthyqt-alhwar-alwtny-alshaml

2 – عن الحوار الذي تريده السعودية والسلام الذي تحتاجه اليمن https://www.raialyoum.com

/

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024