بإيعاز من رئيس النظام، حسم البرلمان التركي قراره، وصدّق في جلسة مطولة وطارئة على مشروع قرار يخول سلطة رجب أردوغان بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا عاماً واحداً قابلة للتجديد، مع ترك موعد إرسالها ومكان انتشارها في عهدة أردوغان، رغم تباين مواقف الأحزاب التركية بين مؤيدة ومعارضة لخطة إرسال تلك القوات والمشاركة بالحرب الدائرة في ليبيا، وسط معارضة شديدة لسياسة النظام التركي في المحيط الإقليمي والداخل الليبي.
ففي إطار الجو المنتفض داخل تركيا ضد سياسات أردوغان الداخلية والخارجية وممارساته العدوانية في المحيط الإقليمي، عمد نظام أردوغان الفاشي إلى تسويق خطته الخبيثة في ليبيا بالداخل في محاولة منه للتخفيف من ثورة الرافضين لها والمعارضين بالمطلق لنهجه الذي فاقم مشكلات تركيا وأوصلها إلى حد «تصفير» علاقاتها مع الجوار، ولإقناع الشارع التركي عبر بيادقه بـ«أهمية» إرسال العسكر إلى ليبيا بزعم أنها بوابته إلى إفريقيا، وأن لغة العسكرة ستسهم في «إحلال السلام والأمن» فيها!.
وفي المقابل، جابهت أحزاب المعارضة نفاق أردوغان وذرائعه المفضوحة بشأن إرسال قوات تركية إلى ليبيا ورفضته بشدة، ووقفت ضده معلّلة موقفها الحاسم منه بأنه يتعارض مع قرارات مجلس الأمن، ويضع تركيا طرفاً مباشراً في الحرب وفي مكان يبعد ألفي كيلو ويولد محاذير تنذر بتهديد الأمن الإقليمي، كما أطلقت تحذيراتها بضرورة رفض قادة العسكر عملية إرسال جنودهم إلى حيث يلقون حتفهم.
لاشكّ أن سعي نظام أردوغان إلى إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا له مخاطر كبيرة، ليس على الداخل التركي فحسب، وإنما على الوضع المتأزم في ليبيا، وهذا الأمر في حد ذاته يلقى معارضة شديدة في المحيط الإقليمي وفي الداخل الليبي، لأنه سيزيد من مخاطر تعقيد الوضع المتفاقم أصلاً في ليبيا، فهل ثمة عاقل يصدق أن استخدام لغة العسكرة في بلد يعاني ويلات الحرب هدفه «إحلال السلام فيها»، وخاصة ممن ينتهك السلام كأردوغان أحد أنياب «ناتو» ومخالبه؟! وهل عجز الليبيون عن إيجاد لغة سلام تخرجهم مما هم غارقون فيه؟!
waddahessa@gmail.com