السبت , 23 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

معضلات الكيان الصهيوني والطريق المسدود أمام تحقيق أهدافه…بقلم تحسين الحلبي

قبل أربعة أعوام نشر موقع مجلة «والا» الإسرائيلية تحليلاً للمحلل الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط آفي يسيسخاروف يقول فيه: «نحن نقترب بسرعة نحو واقع دولة مزدوجة القومية لأن الفلسطينيين أصبح عددهم مساوياً للمستوطنين في كل هذه “الدولة” وبعد سنوات سيزيد عددهم عن مجمل اليهود في البلاد وسيتحول اليهود إلى أقلية تحكم أغلبية».

الواضح من هذه الحقيقة الديموغرافية المقلقة للكيان الصهيوني هو أن كل الحكومات في تل أبيب باتت تعرف جيداً شكل المستقبل الديموغرافي بعد انحسار تهجير اليهود إلى الكيان الصهيوني وتمسك الفلسطينيين بالبقاء برغم كل الظروف الصعبة والاحتلال والسجن والتقتيل.

ولذلك يعترف معظم المحللين في الكيان بأن ما يسمى حلم المستوطنين بفرض دولة لليهود وحدهم، تحول إلى وهم، لأن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1948 موجودون في الشمال والوسط عند قرى المثلث، وفي الجنوب في النقب، وأصبح عددهم مليونين، ورغم الاستيطان في الضفة الغربية ما زال الفلسطينيون يشكلون أغلبية فيما تبقى من أراضيهم.

ومن المؤكد أن وحدة الديموغرافيا والجغرافيا الفلسطينية على أراضي فلسطين من النهر إلى البحر لن تسمح ببقاء قطاع غزة منعزلاً أو منفصلاً عن الضفة الغربية لأن أي فصل له سيُخرج ما يزيد على مليوني فلسطيني خارج حسابات القيمة الديموغرافية على مجمل البلاد.. ويبدو أن أحد أسباب ابتكار صفقة القرن الصهيونية– الأميركية هو التخلص منهم وحصرهم في أضيق مساحة أرض هي قطاع غزة.

وفي الانتخابات الرابعة خلال سنتين لا يبدو أن الأحزاب الصهيونية المتنافسة مهتمة بهذه المعضلة التي تؤدي إلى تآكل مجمل المشروع الصهيوني وأهدافه التوسعية في الوقت نفسه.. وبالتالي كيف سيحل الكيان الصهيوني هذه الأزمة، بل ما الحلول المحتملة؟

يطالب بعض المحللين في تل أبيب بإيجاد حل مع السلطة الفلسطينية يقوم على إيجاد اتفاقية مرحلية من ثلاثة أطراف، يشارك فيها الأردن، وتصبح الجسور مفتوحة بين الضفتين، من دون وجود دولة فلسطينية، بل باستمرار صلاحية السلطة الفلسطينية وتنسيقها مع تل أبيب من جهة ومع السلطات الأردنية من جهة أخرى، لمدة عشر سنوات، تستغلها تل أبيب لترحيل مليوني فلسطيني إلى خارج الضفة الغربية، وليس حصراً إلى الأردن، وإذا رفض الفلسطينيون أو الأردن التعاون في حل كهذا يجب انتظار فرصة يفرض فيها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة سياسة الترحيل بالقوة خلال سنوات لتخفيض عدد الفلسطينيين في المدن وفي القدس.

ويرى آخرون أن هذه المعضلة أصبحت تفرض على الكيان الصهيوني دفع ثمن باهظ لا يمكن تجنبه إلا بحرب يشنها على قطاع غزة، ليبعد إليه مئات الآلاف من الفلسطينيين بالقوة، تمهيداً لفرضه كدويلة صغيرة للفلسطينيين بعد زيادة مساحته بأراض من النقب أو من خلال تبادل للأراضي متعدد الأطراف، وليبقى كمشروع دولة قابلة لاستيعاب المزيد من الفلسطينيين المبعدين.

يذكر أن قوات الاحتلال أبعدت قبل حصار قطاع غزة عشرات الآلاف من فلسطينيي الضفة الغربية إلى القطاع وما زالت تمنعهم من العودة إلى قراهم وبيوتهم في الضفة الغربية.

لكن كل هذه السياسات الصهيونية الوحشية سيكون من الصعب على تل أبيب تنفيذها بشكل أحادي ولذلك طالب بعض الوزراء في الحكومة الصهيونية بالاستعانة ببعض الدول العربية لفرض هذه السياسات بهدف تخفيض عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ومع ذلك لن تنجح أي خطة لتهجير أو ترحيل الفلسطينيين بعد أن فرضوا على المحتل قواعد إضافية في صراعهم من أجل استعادة حقوقهم الوطنية واستعادة حقوق إخوانهم اللاجئين في الخارج بالعودة، فوحدة الصف هذه ستشكل مع أسلحة المقاومة في قطاع غزة وإرادة المقاومة في الضفة الغربية أهم ميزان قوة يردع الكيان الصهيوني عن ترحيل الفلسطينيين، وهذا ما تدركه فصائل المقاومة في جميع الأراضي المحتلة.

كاتب من فلسطين

شاهد أيضاً

كتب تحسين الحلبي: الانسحابات الأميركية وإعادة رسم الحروب

يلاحظ الجميع أن الولايات الأميركية لم تخض منذ عقدين تقريباً حروباً ضد جيوش نظامية وهي …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024