#بقلمے / الناشط السياسي محمد البراهمي |
عندما تكون المنظومة السياسية محكومة وفق رؤية المغانم فلا يمكن التعويل عليها ..والتي إلى اليوم لم تثبت سوى الفشل الذريع في إدارة شؤون البلاد وإنقاذها من الوضع المتردي الذي وصلته في كل المستويات، فقط لأن فاقد الشيء لا يعطيه..
عملية تفقير الشعب مُستمرّة وأهم فصولها مهزلة الزيادات المتعاقبة و العشوائية في الأسعار ، مع فساد طبقة سياسية همها الوحيد البقاء على عرش الحكم ولو على أنقاض دولة مفككة مهترئة.. سياسة التفقير والعقاب الجماعي التي تنهجها الحكومة الحالية يدل على الفشل الذريع في إدارة شؤون البلاد وإنقاذها من الإفلاس والإنهيار.. يبدو أن الزيادات الأخيرة ، استجابة لتعليمات خارجية، تقضي بتفعيل الزيادة في الأسعار، في ظل مقاربة حسابية، تسعى إلى تفقير الشعب التونسي وضرب الإستقرار الاجتماعي و قد تكون الخطوة الأولى لتنفيذ قرار رفع الدعم عن السلع الأساسية، عبر حلول ترقيعية تستهدف جيوب أبناء الشعب ، ووضع الاقتصاد تحت وصاية المؤسسات المالية الأجنبية، مع الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين..و تخلي الدولة عن دورها الإجتماعي في هذه الظروف الصعبة، سيزيد من معاناة فئة كبيرة من الشعب ، وقد يؤدي إلى إنفجار أزمة اجتماعية ذات عواقب وخيمة على البلاد..
الزيادات الأخيرة في الأسعار، مجرد خطوة أولى في مسلسل الإجراءات اللاشعبية التي تنتظر الشعب التونسي من قبل حكومة تخضع لإملاءات صندوق النقد الدولي والتي ليست سوى حكومة الحرب على الشعب، حكومة الخضوع لصناديق النهب..، الزيادات المتعاقبة و العشوائية في الأسعار ، ستُعجّل بحدوث إنفجار إجتماعي خطير و ستتحمل الحكومة وحدها عواقبه.. و يبدو أن المشيشي يواصل سياسة الهروب إلى الأمام من خلال قراراته اللاّ شعبية ، هذه الحكومة تستحق تسمية “حكومة رفع الأسعار بإمتياز”.. الزيادات الأخيرة في الأسعار دليلا على فشل الحكومة التي تعيش حالة الإرتباك.. و دليلا واضحا على أن الحكومة ماضية قدما في تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي الهادفة إلى تحميل فاتورة الأزمة للفئات الوسطى ومزيد ضرب القدرة الشرائية لأوسع الفئات الشعبية.. القصد منه إظهار الإستعداد للمؤسسات المالية الدولية للخضوع إلى تعليماتها وتنفيذ سياساتها المدمرة لمصالح وطننا وشعبنا والتي لا تخدم سوى مصالح الرأسمال الأجنبي و اللوبيات المتنفذة.. و لا أحد ينكر مشروعية غضب الشعب الذي أنهكته البطالة والتهميش والفقر والتمييز وعمّقت الوعود الكاذبة والمهاترات السياسية نفوره ونقمته ، بعد عشر سنوات من إخفاق وتخبّط المنظومة الحاكمة، فلا أحد يستبعد إنفجار إجتماعي، نتيجة انشغال الائتلافات الحاكمة منذ 2011 في التموقع وتقاسم الغنائم وفي مواصلة اتّباع الخيارات السياسية اللاّشعبية التي أثقلت كاهل الشعب وعمّقت فقر غالبيته ومارست تجاهه الحيف والتجاهل لتستثري أقلّية حازت على الامتيازات والتحفيز والثروة ..
السلطة الحاكمة والمنظومة القائمة فشلت في كل شيء ما عدا إفقار الشعب الشعب وتجويعه وإذلاله وقهره ، لصالح لوبيات متنفذة تحاصر البلاد من كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. نظام الحكم الحالي هو الذي أوصل البلاد إلى مثل هذه الأزمات الغير مسبوقة..، و فشل الحكومة في إدارة الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية يعود إلى فشل المنظومة السياسية والنظام السياسي برُمتّه، و ما الجدوى من التمسك بمنظومة سياسية عاجزة تديرها طبقة سياسية فاشلة و متناحرة.. فبحيث منظومة الحكم دمّرت البلاد و الحكومة أفقرت الشّعب.. و من الواضح أن الأوضاع الاجتماعية في تونس تزداد سوءًا بوجود طبقة سياسية عاجزة ينخرها الفساد وتحركها المصالح، سواء كانت شخصية أو حزبية، ومقابل كل هذا، تسيطر حالة من الاغتراب السياسي يُغذيه الإحباط الشعبي الذي تعاني منه شرائح عريضة من المجتمع، وبات التشاؤم سيد الموقف، ومن هنا يأس الكثير من إصلاح النظام السياسي ومؤسساته، ولم تعد الناس تثق في الانتخابات كآلية إصلاحية للنظام السياسي يحتكر السلطة والريع والمشاريع، بينما تعيش الأغلبية الشعبية الأمرّين..، المنظومة السياسية أفرزت مشهدا سياسيا بائسا وواقعا اقتصاديا واجتماعيا كارثيا نتيجة الخيارات الفاشلة للحكومات المتعاقبة وللسلطة الحاكمة وارتهانها للأجنبي وتعمّدها حماية رموز الفساد ، مقابل مزيد تفقير الشعب التونسي وتجويعه والاستهتار بالأمن القومي الصحي والغذائي والمالي و غياب أيّ إرادة لإصلاح الأوضاع المتردية وانسداد الأفق أمام أبناء هذا الشعب..، ولذا أنا من الذين يؤمنون بأن استمرار المنظومة السياسية بهذه العقلية الغنائمية سيزيد الأوضاع سوءًا وتشظيًا، وأرى من الضروري عدم السماح بديمومتها..
لماذا نبقى وتبقى الدولة أسيرة لدى منظومة منتهية الصلوحية لا تعمل الاّ لصالحها..؟