ما يفعله الأوروبيون حيال الملف النووي الإيراني منذ توقيعه مع مجموعة (5+1) وحتى الآن أشبه باللعب على الحبال، فهم يؤيدون الاتفاق ولكن في الوقت نفسه لا يتخذون أي خطوة جادة لتثبيته وإعطائه الزخم اللازم لمواجهة انهياره.
فإيران التي تكرر في كل مناسبة التزامها بالاتفاق وحرصها على تطبيقه من جميع الأطراف وتطالب في الوقت نفسه بالوفاء بالتزامات الآخرين ولاسيما الأوروبيين لجهة العائدات والفوائد الاقتصادية المستحقة لطهران لا تجد ما يشجعها على المضي قدماً في هذا الاتجاه خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق بشكل منفرد وإعادة فرض العقوبات الظالمة على إيران، بل وتشديدها إلى الحد الأقصى وتماهي الأوروبيين مع هذه العقوبات بطريقة خبيثة من حيث يقولون ما لا يفعلون.
بدلاً من أن يستخدم الأوروبيون نفوذهم لإقناع الولايات المتحدة ورئيسها المتعنت دونالد ترامب بالعدول عن انتهاك الاتفاق، نجدهم بين الحين والآخر يراوغون ويناورون ويضغطون على طهران مطالبين إياها بالالتزام بالاتفاق وكأنها هي من خرقت الاتفاق، وهي من تنصلت منه، وهي من تفرض العقوبات على الولايات المتحدة!!.
آخر ما تفتق عنه الخبث الأوروبي ولاسيما الدول الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) هو الإعلان عن تفعيل (آلية فض النزاع) في الاتفاق والذي قد يفضي في النهاية إلى نقل الملف مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي للنظر في إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بحجة أن إيران (هي من تنتهك شروط الاتفاق).
لقد نسي الأوروبيون أن إيران تتصرف في خطواتها لتقليص التزاماتها بالاتفاق وفقاً لقواعد الاتفاق ذاته ورداً على إخلال الطرف الأمريكي بالتزاماته حياله وسكوت الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في التوقيع على الاتفاق على تصرف الولايات المتحدة بل ومحاباتهم لها في كل الأحوال.
في المحصلة، من حقّ إيران الرد على هذه الانتهاكات الأمريكية والمماطلة الأوروبية، ومن حقها أكثر الانسحاب من الاتفاق النووي برمته إن أرادت ذلك مادام لا يسبب لها سوى المشكلات، ولم ينعكس إيجاباً على واقع حالها الاقتصادي، بل إنه سبب لها مزيداً من الضغوط.
وأخيراً، من حقها كدولة ذات سيادة أن تنسحب من معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعت عليها طوعاً وامتلاكها كل أسباب القوة للدفاع عن سيادتها واستقلالها ولاسيما أن كياناً عدواً هو «إسرائيل» في المنطقة لم يوقع المعاهدة وجميع دول العالم تعلم أنه يمتلك ترسانة مرعبة من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل.