نظمت جبهة العمل الاسلامي في لبنان ندوة افتراضية على منصة الزووم بعنوان “عقدٌ على الربيع العربي… نتيجته حرية أم تبعية”، حاضر فيها الكاتب والوزير السابق في تونس خالد شوكات والأمين العام المساعد للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة الدكتور جمال زهران، وأدارها الإعلامي ربيع غصن.
وقال الكاتب والوزير السابق التونسي خالد شوكات أن هناك نظريات كثيرة لتفسير ما جرى انطلاقاً من تونس قبل عشر سنوات وإلى اليوم. من يتبنى نظرية المؤامرة أصبح على يقين أن هذا الربيع العربي هو “شتاء عبري” خُطط له منذ سنوات طويلة، وهناك من يربطه بخطة الشرق الاوسط الجديد، لتغيير منطقتنا العربية والإسلامية في سبيل ادماج العدو الصهويني ككيان طبيعي في المنطقة. وهناك من يرى أن هذا الربيع كان كارثة حلّت في الوطن العربي لم تأت إلا بالخراب والنزاعات، في المقابل هناك من يرى ان ما جرى في تونس على الأقل هو ثورة حقيقية وما حدث لاحقاً لا يتحمله الثوار فالثورة حالة تقدمية في التاريخ، والانحرافات التي وقعت هي جراء تدخلات اقليمية وخارجية أرادت أن تستغل حالة الضعف التي تعيشها الدول جراء هذه الثورات.
وعندما انتقلت شرارة الثورة إلى أماكن اخرى مثل سوريا رأينا كيف تحولت من ثورة إلى مؤامرة على الدولة، وهي مؤامرة إقليمية ودولية واضحة المعالم.
وأضاف شوكات أن ما جرى في تونس كان نتيجة مقدمات، وعندما سقط حكم بن علي لم تسقط الدولة رغم انها ضعفت واستطاع التونسيون من خلال الحوار والاتفاق الوطني أن يصادقوا على دستور ثان جديد، واستطاعت اجراء انتخابات نزيهة حرة وديمقراطية تحت اشراف هيئة عليا مستقلة للانتخابات وعرفت التداول السلمي على السلطة. تونس أيضاً عصية على التطبيع، هناك إجماع وطني بين القوى السياسية واضح على أنه لا مجال للتطبيع مع العدو الصهيوني مهما كانت الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإغراءات المقدمة لها.
وقال شوكات أننا لا نستطيع أن نعالج الواقع العربي إلا بدراسة كل حالة عربية، فالحالة السورية مختلفة عن الحالة اليمنية او التونسية او المصرية، ولا يمكن تحليل الواقع العربي بمنأى عن استحقاقات القضية الفلسطينية.
من جهته قال الأمين العام المساعد للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة الدكتور جمال زهران انه بعد مرور عشر سنوات على هذه الثورات نجد أن الحصاد لا يزال محدوداً وأن بين المنطقة العربية والتغيير الحقيقي إقامة نظام جديد يقوم على العدالة الاجتماعية من أجل نهضة المجتمع.
والأنظمة العربية السابقة لم يكن من الممكن الاطاحة بها إلا بهذه الطريقة، واعترف أن تونس ومصر كانتا الدولتين الوحيدتين اللتين شهدتا ثورة حقيقية. لكن مصر حتى الآن لم تصل الى مكان يسمح بتداول دمقراطي سلمي إلى السلطة. أما ما حدث في اليمن وليبيا هو فوضى ومؤامرات وكانت ستصل الى سوريا لولا لطف الله واتحاد الثلاثي القوي في سوريا الرئيس والجيش والشعب.
واضاف زهران انه يشيد في الثورة التونسية لانها حققت بعض الأهداف، اما مصر فالأمر يختلف فقد ازدادت رجعية سياسية عربية، وما زالت في امتداد لنظام السياسة الخارجية المتبعة أيام حسني مبارك وهي مع دول الخليج ولكن بشكل اكثر وضوحاً الآن، وهناك ارتباط مع الكيان الصهيوني من تبادل تجاري وغاز رغم أن الشعب يرفض التطبيع مع العدو ولا يطيق أن يرى صهيوني واحد يمشي في الشوارع المصرية.
وختم الندوة المنسق العام لجبهة العمل الإسلامي الدكتور الشيخ زهير الجعيد قائلاً: لم يكن بو عزيزي ضمن مخطط غربي ولم يدرك ان هناك مشاريع لتفريق المنطقة واسقاط الانظمة العربية، بو عزيزي هو رجل عربي بسيط يعيش تحت رحمة الظلم والاجهزة الاستبدادية التي عملت على اسقاط كل أحلامنا وما نريده من حرية وكرامة لذلك هو قام في وجه هذا الاستبداد، ولم يدرك ان امريكا تسعى لاسقاط كل هذه المنظومة الثورية الشعبية والصحوة التي قامت وإجهاضها وحرفها عن غاياتها والوصول إلى أسوأ وضع عربي نعيشه الآن.
واضاف الجعيد: انه يتفق مع الاخوين زهران وشوكات في امور كثيرة جداً ويختلف معهما في بعض الأمور، ولكن الاختلاف لا يفسد في الود قضية، والمشكلة الأساس هي فينا أنفسنا قبل ان نلقي التهم على المشروع الامريكي.
في البداية كلنا باركنا للثورة التونسية والمصرية، لكن اختلاف مكونات الثورة المصرية هي ما أدت الى ما وصلنا اليه، وما قام به الاخوان المسلمين حين استأثروا الامر في البداية في الحكم هو خطأهم الأول، هم كانوا جزء من الثورة وليس كل الثورة، لذلك كان عليهم التعاون والمشاركة الفعلية مع كل المكونات، وكانوا ضحية للمشروع الامريكي حين ظنوا أنهم سيكونون مقبولين من الأمريكي، هذه الثقة بالسفارة الامريكية وبفتح العلاقة منذ البداية بالامريكي يشابه ما حصل مع صدام حسين حين وافق الأمريكي على احتلاله للكويت.
خطأهم الثاني انهم لم يسقطوا اتفاق كامب دايفيد ويقطعوا العلاقات مع الكيان الصهيوني استجابة لمطالب جمهور الثورة والجمهور العربي والإسلامي.
والخطيئة الثالثة كانت الدخول في الصراعات الداخلية في المنطقة وبدل ان تعود مصر أم الدنيا عنوان الجمع والوحدة نراها تقطع العلاقات مع سوريا التي تواجه الكيان الصهيوني، ويعلن الرئيس مرسي دعم الجماعات المسلحة والارهابية في إسقاط الدولة السورية.
وقال الجعيد ان مشكلتنا اننا لا نستطيع ان نخرج من عقدنا المذهبية والطائفية رغم ان الجمهورية الاسلامية كانت عنصر القوة للمشروع الاسلامي، وفضل الرئيس المصري وقتها تقبيل اليد الخليجية على مصافحة يد الجمهورية الاسلامية الممتددة للتعاون، في وقت كانت هذه الجمهورية تمد يد العون لفلسطين.. وقطع علاقته مع سوريا فكسر الجناح الثاني الاساس للوطن العربي سوريا ومصر.
واضاف الجعيد قائلاً للاسف هناك نفاق عربي كبير حتى عند بعض الاحزاب القومية والاسلامية، لذلك نرى ان هناك “ثورة بسمنة وثورة بزيت”.
فثورة تونس ومصر بسمن وثورة اليمن والبحرين بزيت، مع أنه لا يوجد وضوح بالسلمية كثورة البحرين.
لكن للاسف الاختلاف المذهبي ما بيننا وبين ثوار البحرين هو الذي أدى الى عدم قبول ثورتهم من قبل الغالبية من “ثوار” العالم العربي.
من الطبيعي ان تسقط كل الثورات حين يكون هناك تمايز، وان لم نستطع الخروج من تعصبنا فلن نستطيع أن ننتصر وأن نخرج من قوقعتنا وسيبقى الظالمون على ظلمهم واستبدادهم.
الاساس من اي ثورة هي موقفها من فلسطين والكيان الصهيوني، واليوم نرى ان الضغط والمؤامرة على فلسطين والمقاومة اكثر مما كان عليه في ايام حسني مبارك.
وختم الجعيد انه لا يوجد تحرك ثوري في لبنان بل هو تحرك تقوده السفارة الامريكية، وتدعم المحطات التلفزيونية فقط لتهميش صورة المقاومة وسيدها. اليوم طويت صفحة ما سمي “الربيع العربي”، ونحن نعيش اليوم مؤامرة حقيقية فهناك بيع لفلسطين ومقدساتها وشعبها ونسائها وأطفالها وتقديمهم من قبل الأعراب الخونة على مذبح السكين الصهيونية.