الأحد , 24 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

أبو يعرب دونكيشوت المرازقة…بقلم محمد الرصافي المقداد

أجد نفسي كل مرّة، مضطرا للرد على شطحات صادرة عن ايّ  شخص، كسب سمعة ومكانة بيت فئات من الناس، بحسن نية في بلادنا- وما أكثر ذوي النوايا الحسنة فينا-  بينما كشف هذا الشخص بطول المدّة، عن انحراف متأصّل فيه، تصدّ أعتبره المسؤولية على عاتقي سألقى بها الله، هدفي فيما أليت عليه نفسي، كشف ما تخللها من أراجيف لا أساس لها، إنارة للرأي العام المحلي والخارجي، فإنّ الذي حدا أبا يعرب المرزوقي على المضي في تهريجه، ونحن في ظرف لا يدعو الى ذلك، ليس (تفلفسه) في عنوان مقالته، فذلك من عوائد أوهامه، التي تبيّن حقيقة أنها لن تفارقه، ما بقي فيه نفس يتردد، فما بالطبع في حاله لا يتطبّع، إنّما هي عقدة الكِبْر أثّرت في نفسه المريضة، الى حدّ أخرجه عن صواب الفكر وممدوح الرأي، فبدا متهافتا في هجماته المتكررة على الرئيس قيس سعيد، داعيا التونسيين الى التمرّد عليه والعمل على اقالته.

دعوة أراها قد تؤدّي الى احراق كل أخضر ويابس، من مكاسبنا في الحرّية المسؤولة، وليس استبدالها بفوضى وتحريض على مقام الرئاسة وشخص الرئيس، في مجتمع مازال يتحسّس طريقه، وسط أعداء حقيقيين معروفين، يتآمرون عليه ويتربصون به الدّوائر، وخلط اوراق الأعداء بحشر الأخوة والأصدقاء بينهم، لا يمكن أن يقبله عاقل مهما قلّ مقداره الفكري، يفهم في العلاقات الدّولية والبروتوكول السياسي.

في مقاله بأيّ الكورونيتين نبدأ؟ عادت حليمة الى عادتها القديمة، وكأنّما احتبس عقل أبو يربوع على مصيبتين حلّتا به، مصيبة انتخاب الرئيس قيس سعيد، مصيبة حقده على التشيّع وإيران، فكتب: ((وهذا المشروع كما يتبين من الأحزاب التي تعمل معه ومن النخب التي تعبر بوضوع عن تشيعها يجمع بين النوعين من الثورة المضادة أعني توابع إيران وروسيا وتوابع إسرائيل وأمريكا من العرب عرب الخليج وعرب الهلال إما باسم القومية أو باسم الديموقراطية المزعومتين وخاصة باسم الرز والفستق.))

وكأنما نسي أبو يربوع  الانتخابات الرئاسية الماضية ونتائجها التي اسفرت عليها، لذلك لا بأس أن أذكّره أنه يقارب الثلاثة ملايين مواطن، انتخبوا السيد قيس سعيد رئيسا لهم، للفترة الرئاسية الحالية، وبنسبة 72.71%، فاقت بكثير الانتخابين الفارطين، وظهر أن أكثر الذين صوّتوا له، هم من الشباب الثوري، ومن كان همّه فعلا بلاده، التي تهددها سيطرة المافيا السياسية والمال الفاسد، فلا تشيّع فيما يدّعيه يربوعنا، يعبر عن انتخاب هذا الرجل النظيف، سوى الدافع الوطني الذي أملى على حشود شباب تونس وطلائع وطنييها الحقيقيين، باكتساح مكاتب الاقتراع وحسم مسألة الرئاسة، وحسم الانتخاب لفائدة الأقدر، ومنعا من سقوط البلاد بين أيد ليس بمقدورها تحقيق أي مطمح لتونس وأبنائها.

اصرار (فلتسوف تونس) على اقحام إيران كل مرّة، ليس بريئا بالمرّة، ويدعونا الى التساؤل من يقف وراء هذا المخلوق ويحرضه، ولا استبعد ان تكون له علاقتين واحدة داخلية مما ظهر من ثنائه لرجلين من حزب حركة النهضة، وغير خاف انه منتسب او متعاطف مع الحركة، فقد كان مرشحها في انتخابات المجلس التأسيسي عن دائرة تونس1 ، واستقالته منها لا يعني أنه لم يعد معها فكريا، فكثير ممن استقالوا من الحركة، ما زالوا ثابتين على أفكارهم، قد تتغير بعضها بعد مراجعة ويصعب أن تتغير كلها، فهل ما يصرّح به أبو يعرب مقبول عند حركة النهضة ويمثل رأيها  العام الغير معلن عن إيران؟ اذا كان عكس ذلك، فعلى حركة النهضة أن تتخذ منه موقفا، يحول بيننا وبين الاجابة بنعم على السؤال المطروح، فقد آن الأوان للتعبير عن ذلك حتى من باب الآداب والأخلاق الاسلامية، في رفع مظلمة عن ايران، وهي البريئة تماما مما أقحمها فيه، وهذا أقلّ الواجب المتوقع من حركة النهضة والسلطة معا، لم يعد هناك مجال للعربة وتسويق الأوهام، ومجال حرية الرأي لا يشملها القذف والادعاء بالباطل والكذب بدافع شخصي أو حزبي أو مذهبي.

وكأنّي بأبي يعرب اختار لنفسه طوعا أن يتقمّص شخصية دونكيشوت فيشن حملاته على طواحين أوهامه، دون فائدة يمكنه أن يجنيها سوى تفرق من حوله من ذوي النوايا الحسنة بعد اكتشافهم أنه فاقد لأهلية التمييز وفارغ حتى من الفلسفة مليء بفلفسة حجبت عنه رؤية الواقع الذي نعيشه

إنّ من اختار الرئيس قيس سعيد وانتخبه أعرف به منك يا تعيس الدارين، فهو يمارس وظيفته حسب المجال المخوّل له على اساس نظامنا البرلماني، وقد تنبأت بأنه لن يترك أحدا يعمل فيما جاء من مقالك: ((ذلك أني واثق أنه لن يترك أحدا يعمل أو يقوم بالواجب: فكلما تكلم أو تصرف كان عمله منافيا للوحدة الوطنية وللعمل المتناغم بين أجهزة الدولة ومؤسساتها. فهو قد اعترض أمس على عمل الولاة ورؤساء البلديات وسيعترض على الوزراء وإني أراه بصورة ضمنية غاضب من نجاح وزير الصحة.))

مع انه لا سلطة له يمكن ان تعرقل عمل وزير أو حكومة، وهي تعمل بكل حرّية دون قيد من أحد فيما هي موكلة اليها من برامج واعمال، ومن حقه أن يبدي رايه ويعترض على ما يراه خللا ما في عمل أي موظف فوجوده في اعلى هرم السلطة يعطيه ذلك الحق، وإذا كنت أخذت هذا الحق من تلقاء نفسك فنصبت نفسك واعظا على من يتابع كتاباتك، والحمد لله أن محيطك أصغر مما تتوهّمه، فلا تتصوّر نفسك قائدا انقلابيا، تحلم بأجواء الفوز في معركة دونكشوتية، فيصدمك واقع مرّ سوف تتجرعه قريبا.

((وغيره غائرون من وزير النقل وستلو ذلك تباعا ضد كل الوزراء الذين لم يخترهم هو والمقيمان العامان (سفير فرنسا وسفير إيران ومن ورائهما المسؤول الكبير). لن تستطيع الحكومة المركزية وفروعها في الولايات والبلديات عمل شيء ما دام يريد أن يفرض النظام الرئاسي بحيلة المراسيم.))

إسفافك في التعبير، كشف انك بعيد بأشواط عن الهالة التي لبستها زورا، وأنصحك للعودة الى حجمك الطبيعي لتعفّ نفسك عن ذنوب ليس بمقدورك تحمّلها أمام الله هذا فضلا عن تجاوزاتك بحق من يجب علينا احترامهم من باب اللياقة والادب، فلا تنزل بالتعبير عن (الغيرة)التي لا تؤدي المعنى باللغة العربية، وكفاك كذبا وتزويرا على الشرفاء والمحترمين أيها البوق الفاشل، فإن الذي تسوّقه بضاعة لن تجد لها رواجا في الأنفس المتعقّلة.

واختم بالقول دعك من إيران التي لم تقدر عليها أمريكا طوال 41 عاما، ونظامها الإسلامي الذي قام نتيجة ثورة شعبية حقيقية، لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا، أسقطت حكم التبعية والعمال لأمريكا وبريطانيا، مطهرة بلادها بدماء عشرات آلاف الشهداء، ووحدها اليوم واقفة بالداعم لحركات المقاومة السنية والشيعية من أجل تحرير فلسطين، رغم العقوبات والحصار الظالم عليها، ليس بمقدورك أن فهمها فكرا ومشروعا بعقلك الملوّث، فإيران ليست من مستواك الوضيع حتى تلتفت اليك، ودعك من التشيّع، فالتشيع منهج اسلامي أصيل، له تاريخ وجذور لن تفقهها، فأنت من موقعك الذي أنت فيه، لن تعي منه شيء من حق، ودعك من الرئيس قيس سعيد، فأنه إن عاش – ونسال الله له السلامة – فسيختاره الذين انتخبوه في الانتخابات الفارطة، وأزيد من ثلاثة ملايين، الشعب انتبه الى سفسطتكم، وعرف اليوم من يضيع عليه فرصته في الاقلاع، من يعترض على خيار الشعب أو يحاول غشه، وسيلقى حتما نتيجة عبثه.

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024