تداولت وسائل إعلام عالمية ومحلية خبرا مفاده، أن الكيان الصهيوني سيطالب تونس بتقديم تعويضات، عن ممتلكات الجالية اليهودية التي غادرت البلاد، عقب قيام دولة الاحتلال سنة 1945، وبعد حرب الأيام الستة، نتيجة الهزيمة المؤلمة والسريعة، التي تعرضت لها دول مواجهة الكيان الغاصب، مصر وسوريا والأردن، وما أعقبها من ردود أفعال معادية لليهود، مما دفع بالكثير من هؤلاء المواطنين إلى ترك ممتلكاتهم، والهجرة إلى أوروبا أولا، ثم فلسطين ثانيا، حيث استقر أغلبهم هناك، وانخرطوا في أسلاك الجيش والأمن والمخابرات وغيرها، وما نتج عن ذلك من مشاركة الكيان في جرائمه العديدة، وتلطّخ أيديهم بدمائها.
فقد جاء في الخبر (أن الكيان الصهيوني يستعد لمطالبة 7 دول عربية ومعهم إيران بمبالغ إجمالية، قدرها 250 مليار دولارا، تعويضا عن ممتلكات اليهود، الذين (أجبروا) على مغادرة تلك البلاد عقب قيام دولة إسرائيل، وذلك بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ونسبت الصحيفة لغيلا غامليل وزيرة العدالة الاجتماعية الإسرائيلية، المعنية بهذا الملف، القول:” جاء الوقت لتصحيح هذا الخطأ التاريخي ضد اليهود في 7 دول عربية وإيران واستعادة مئات الآلاف من اليهود لممتلكاتهم.”
ونقلت الصحيفة عن تقرير تلفزيوني إسرائيلي القول إنه تم الانتهاء من إعداد قائمة التعويضات المطلوبة من أول دولتين من الدول الثماني، مشيرة إلى أن إسرائيل بصدد طلب 35 مليار دولار تعويضات ليهود تونس و15 مليار دولار تعويضات ليهود ليبيا.
وذكرت الصحيفة أنه طبقا لذلك التقرير التلفزيوني فإن إسرائيل ستطالب بشكل إجمالي بأكثر من 250 مليار دولار من هاتين الدولتين إضافة إلى المغرب والعراق وسوريا ومصر واليمن وإيران.) (1)
بخصوص تونس، فقد بدأ هجرة اليهود التونسيين الى فلسطين، استجابة للحلم الصهيوني، في أرض الميعاد وبناء الهيكل من سنة 1948إلى سنة 1952 (13.293)، ومن سنة 1952 الى 1960 (23.569)، ومن سنة 1961إلى 1971 (11.566)، ومن سنة 1972الى 1979 (2148)، ومن سنة 1980 الى 1989 (1942)، ومن سنة 1990 الى 2001(1607)، ومن سنة 2002 الى سنة 2010(1871)، ومن سنة 2011 الى 2012 (398)، ليكون العدد الاجمالي للمهاجرين (56.394)(2)
وإذا احتسبنا نسبة اليهود الذين هاجروا من تلقاء أنفسهم، ودون أي ضغط مسلط عليهم، بل كان بمحض إرادتهم، استجابة للنزعة الصهيونية المتأصلة فيهم، وجدنا 70.92 % من هؤلاء قد هاجروا، قبل وقوع حالات العداء، التي برزت بعد النكسة خصوصا، وأتساءل هنا عن الدّور الذي تعلّق بعهد بورقيبة، بخصوص عمليات الهجرة اللافتة إلى حدود نوفمبر 1987 أغفل عنها المسؤولون، أن تواطئوا مع منفّذيها؟
من غباء الحكومة التونسية – تحت عنوان انعاش السياحة- أن تستمرّ في غض الطرف، عن قدوم مواطنين صهاينة من الكيان الصهيوني إلى تونس، بعنوان زيارة (الغريّبة)، فإذا عندكم مقدار من الكرامة والوطنية، فأغلقوا هذا الباب الكريه، لأن سيأتي حتما ببلوى إدّعاء يهودية جزيرة جربة، وإن لم تتحركوا لتفعلوا شيئا فأنتم متورطون وعملاء، سيلعنكم التاريخ وكل حرّ شريف لعنا وبيلا، وستدفعون ثمن ركوبكم على البلاد، لتأخذوها حسب رغباتكم إلى ما خفي في صدوركم.
خذوا مثلا من سياسة ايران الإسلامية، ونظامها في التعامل العادل مع يهودها، فاليهود هناك يعيشون تحت ظل نظام اسلامي، وابدوا حسنا في التعايش معه، و(تعتبر الجالية اليهودية الإيرانية من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، فقد تم تأسيسها قرابة القرن الخامس قبل الميلاد، يعيش في إيران اليوم نحو 45 ألف يهودي، ويعتبرون أكبر تجمع يهودي في الشرق الأوسط خارج “إسرائيل”.
ويسجل التاريخ لطهران تعاملاً جيدًا مع يهود طهران، فعلى سبيل المثال دشّن قبل أيام في طهران نصب تذكاري جديد، للجنود اليهود الإيرانيين، الذين ضحوا بحياتهم في الحرب الإيرانية- العراقية، والتي جرت بين عاميّ 1980 – 1988، كما سجل هذا التاريخ وطنية من قبل يهود إيران لدولتهم، وذلك مقابل عداء ورفض للصهيونية، والدولة اليهودية على أرض فلسطين.(3)
أمّا المشرفون على الكيان الغاصب فنقول لهم بلغتنا العامية (ألعبوا غيرها)، فنحن فطنون بكم وبأهدافكم، لقد أمضيتم مدة اغتصابكم لأرض الشعب الفلسطيني، عشرات السنين من العربدة والمجازر، والقتل المتكرر بدم بارد، ومصادرة الممتلكات والأراضي غصبا دون وجه حق، لتوطنوا فيها قطعانكم القادمين من وراء البحار، وهدم بيوت أصحاب الأرض وايجاد المبررات لتلك الاعمال، وتهجيرهم قسرا خارج بلادهم، يعانون شظف العيش وبؤس الحياة .. ملايين من الفلسطينيين هجرتم أيها الصهاينة، ومئات الآلاف قتلتم في مجازر لا تزال شاهدة على وحشيتكم، وما استقر لكم الأمر تجاوزتم إلى العدوان على مصر وسوريا ولبنان، ووصل أذاكم وإجرامكم إلى تونس والسودان والعراق وإيران واليمن، وتأتون اليوم بكل جرأة ووقاحة، لتطلبوا تعويضات أيها المجرمون السرّاق، وأي وقاحة هذه التي أظهرتموها أخيرا؟ لا أعتقد أن دولة عربية أو إسلامية، ستنزل إلى هذا الحضيض من الرُّخس والبلاهة في السياسة، حتى تستجيب لادعاءاتكم التي ليس لها أصل، وأقول لماذا بقيت جالية يهودية في هذه البلدان تعيش بكرامة واحترام، مواطنين مثلهم بقية المواطنين، ولو كان هناك خطر حقيقي عليهم مثلما أوهمتم العالم، لغادر هؤلاء في بداية الأزمة، حكوماتنا لم تطرد أحدا من اليهود تحت أي ظرف، ومن خرج من تلقاء نفسه فليتحمل مسؤوليته، فإن كان مواطنا عاديا، لم يتورط في أي عمل عسكري أو أمني أو استخباري أو سياسي، وأراد العودة إلى موطن ولادته فالبلدان المعنيّة مفتوحة، الشرط الوحيد أن يتخلى عن الجنسية الإسرائيلية قبل مجيئه، لأنها غير مقبولة ولا معترف بها عندنا، نحن الشعوب الحرة الأبية، صاحبة نصرة قضية الشعب الفلسطيني المظلوم. وإن كان لابد من مواجهة قانونية دولية في هذا الملفّ فيجب أن تتظافر الجهود لتقديم جميع ملفات تجاوزات الكيان الصهيوني، وجرائمه المرتكبة على طول الساحة العربية والاسلامية، ولتتشكل لجنة كفوءة من رجالات القانون الدولي، لرفع قضية استحقاقية، لدى محكمة العدل الدولية ب(لاهاي) هولاندا، ضد هذا الكيان الماكر المخادع، وليدفع هو ما هو مرتهن به من تعويضات، لما إرتكبه من جرائم حرب وإبادة وعدوان، المسؤولية مشتركة في إعداد ملفات التعويضات، التي يُفترض دفعها من طرف الكيان الغاصب، على جميع اعتداءاته وجرائمه التي إرتكبها بحق شعوبنا، وسنرى إن بقي لهم حجة أو مطلب بعد ذلك يدلون بهما، غير الكذب والمراوغة والإدعاء الباطل.
المراجع
1 – إسرائيل بصدد مطالبة 7 دول عربية وإيران بـ 250 مليار دولار
bbc-com.cdn.ampproject.org/v/s/www.bbc.com/arabic/middleeast-46840901
2 – عليا (مصطلح) ar.wikipedia.org
3 – ماذا تعرف عن اليهود في إيران؟
sasapost.com/iranian-jews-and-their-home-temples-treatment-minority-tehran