ولم تُدرج أي دولة حتى الآن مصطلح “العبودية العصرية” بشكل رسمي ضمن أطرها القانونية، ولهذا السبب، تستمر العبودية بنموذجها الجديد كواحدة من أهم المشاكل التي تعترض البشرية في الوقت الحالي.
وتنتشر العبودية العصرية بشكل أساسي في البلدان الفقيرة، والمناطق التي تعاني من الحروب والنزاعات، لكنها في الوقت ذاته تبعث القلق لازدياد أعدادها في الدول الاقتصادية المتقدمة أيضا.
وتُعرف العبودية العصرية بأنها عدم قدرة الأفراد على مواجهة العوامل التي تؤدي لتعرضهم للاستغلال مثل التهديدات، والعنف، والإكراه، والخداع، واستغلال الطاقات الجسدية.
ويمكن مصادفة العبودية العصرية في شتى القطاعات، أبرزها، تصنيع الملابس الجاهزة، والتعدين، والزراعة، وصيد الأسماك.
وعلى سبيل المثال، يمكن مشاهدة حالات العبودية العصرية في مجال صيد الأسماك في تايلند، وقطاع المعادن في كوريا الشمالية، وإنتاج الكاكاو في ساحل العاج، ومزارع المواشي في البرازيل، فضلا عن منازل الدبلوماسيين في أستراليا، ومجال غسيل السيارات في بريطانيا.
حسب تقرير مشترك أعدته كل من منظمة العمل الدولية، ومؤسسة المشي الحر “Walk Free Foundation”، ومنظمة الهجرة الدولية، بخصوص مؤشرات الرق لعام 2018، فإنه يوجد أكثر من 40 مليون عبد بالمفهوم العصري حول العالم.
وأشار التقرير إلى نحو 71 في المئة من العبيد هم من النساء والفتيات، والباقي من الذكور، حيث بلغ عدد المتزوجات بالإكراه 15.4 مليون امرأة، وعدد العاملين قسرا 24.9 مليون شخص، بموجب العبودية الحديثة.
ويعتبر 5 أشخاص من أصل كل ألف شخص حول العالم، من ضحايا العبودية العصرية، حيث تصنف العبودية في المناطق التي تنتشر فيها بكثافة وفق فئات مختلفة مثل “العمل قسرا”، و”الإجبار على الزواج”.
وتأتي القارة الأفريقية في المقدمة من حيث معدلات العبودية العصرية، حيث تبلغ 7.6 بالألف، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ بمعدل 6.1 بالألف، ثم أوروبا وآسيا الوسطى بنسبة 3.9 بالألف، تليها الدول العربية بـ 3.3 بالألف، ثم الأمريكتين الشمالية والجنوبية بمعدل 1.9 بالألف.
منطقة آسيا والمحيط الهادئ
تضم منطقة آسيا والمحيط الهادئ أفقر الدول حول العالم، كما أنها تعد من أكثر المناطق التي تنتشر فيها العبودية العصرية بكثافة، حيث تبلغ أعداد العبيد العصريين فيها حوالي 25 مليون شخص، ما يعادل 62 في المئة من إجمالي عدد العبيد في أرجاء العالم.
وتبلغ نسبة الذين يعملون بالإكراه في هذه المنطقة حوالي 66 في المئة، ونسبة المتزوجات قسرا 34 في المئة، حيث تأتي كل من كوريا الشمالية، وأفغانستان، وباكستان في المقدمة من حيث الانتشار، في حين تعتبر أعداد العبيد هي الأعلى في دول ذات كثافة سكانية عالية مثل الهند، والصين، وباكستان.
أفريقيا
تشير التوقعات إلى أن أعداد العبيد الحديثين في أفريقيا حوالي 9 ملايين و240 ألفا، ما يعادل 23 في المئة من إجمالي أعداد العبيد حول العالم.
وتبلغ نسبة العاملين بالإكراه في القارة 37 في المئة، ونسبة المتزوجات قسرا 67 في المئة، في حين تصل أعداد الذين تعرضوا للاستغلال الجنسي حوالي 400 ألف.
وتنتشر العبودية العنصرية على وجه الخصوص في كل من أريتريا، وبوروندي، وجمهورية أفريقيا الوسطى.
أمريكا
أما في القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، فتشير التوقعات إلى أنها تحتوي على مليوني شخص من العبيد العصريين، ما معدله حوالي 5 في المئة من إجمالي العدد حول العالم.
وتبلغ نسبة العاملين بالإكراه في القارتين 66 في المئة، ونسبة المتزوجات قسرا 34 في المئة، حيث تنتشر بكثافة في كل من فنزويلا، والدومينيكان، بينما تأتي الولايات المتحدة، والبرازيل، والمكسيك في المراتب الأولى من حيث أعداد العبيد.
أوروبا وآسيا الوسطى
تبلغ أعداد العبيد العنصريين في أوروبا وآسيا الوسطى حوالي 3.5 مليون فرد، ما يعادل 9 في المئة من إجمالي العدد حول العالم.
وفي حين تنخفض نسبة الزواج قسرا في هذه الدول بشكل كبير لتسجل 9 في المئة فقط، تصل معدلات العمل قسرا إلى نحو 91 في المئة.
كما تبلغ نسبة الاستغلال الجنسي في هذه الدول حوالي 14 في المئة من إجمالي العدد حول العالم.
وتأتي كل من بيلاروسيا، وتركمانستان، ومقدونيا في المراتب الأولى من حيث نسب انتشار العبودية العصرية.
الدول العربية
تبلغ أعداد العبيد بالمفهوم العصري في الدول العربية حوالي 529 ألف فرد، بمعدل 1 في المئة من إجمالي عدد العبيد حول العالم.
وينتشر العبيد في 11 دولة عربية أبرزها عُمان، وسوريا، واليمن، والإمارات العربية المتحدة، حيث يخضع 67 في المئة منهم للعمل بالإكراه، ونحو 33 في المئة للزواج جبرا.
ويشكل سكان الدول العربية حوالي 2 في المئة من سكان العالم، وبسبب عدم كفاية البيانات اللازمة في هذه الدول، تعتبر الأرقام الواردة أعلاه غير مؤكدة بشكل دقيق.
من جانب آخر، تحتضن الدول التي تعاني من حروب ونزاعات مثل سوريا، والعراق، واليمن، ما معدله حوالي 76 في المئة من إجمالي أعداد العبيد في الدول العربية.
اليوم العالمي لإلغاء الرق
وافقت الأمم المتحدة بتاريخ 2 ديسمبر/ كانون الأول عام 1949، على مسودة قرار يتضمن القضاء على نماذج جديدة من العبودية، مثل تجارة البشر، والاستغلال الجنسي، وتشغيل الأطفال، والإجبار على الزواج.
ووفقا لذلك، تحتفل الأمم المتحدة في الثاني من ديسمبر من كل عام، باليوم العالمي لإلغاء الرق والعبودية حول العالم.
(الأناضول)