هل قررت ألمانيا شن الحرب على حزب الله بالوكالة أم بالأصالة، ولماذا لجأت لإعتماد هذه السياسة في زمن الـكورونا وزمن الضعف والفوضى الأوروبية وتعثر الإتحاد الأوروبي، وفشله وتخبطه السياسي الداخلي مع موجات الإحتقان الشعبي في دوله، وإنزال علمه في أكثر من عاصمة ومدينة أوروبية على خلفية تقصير حكوماته في مواجهة جائحة الـ كورونا.
مالذي يدفع الحكومة الألمانية لتنفيذ الرغبات الأمريكية وربما أوامرها، مالذي تغير في ليلة وضحاها، وجعل الأمن الألماني يغير على نوادٍ يزعم أنها تابعة لحزب الله، هل اختلط الأمر على الألمان وفقدوا كل تمييز بين المجتمع الصغير المؤيد لحزب الله في ألمانيا، وبين خاطة المجتمع العربي – الكردي ونفوذه الكبير في الداخل الألماني، هل لسوريا ولحلفائها ولمحور المقاومة علاقة بما يجري، أم هي العمالة الصرفة وحرب الوكالة بالنيابة عن العدو الإسرائيلي…
لقد وعدت ميركل قبل عام واحد فقط بالبحث عن الطريق الألمانية بعيدا ً عن الهيمنة الأمريكية، لكننا اليوم نراها تشن الحرب على حزبٍ مقاوم للإحتلال وللإرهاب التكفيري، ويساهم بأجنحته السياسية والعسكرية والإجتماعية والإنسانية بحماية لبنان وبالحفاظ على سيادته وبدعم استقراره السياسي والإقتصادي والصحي خصوصا ً في زمن الـكورونا، فعن أي طريقٍ تحدثت المستشارة ميركل.
من يُصدق الحكومة الألمانية وهي توجه اللوم إلى حزب الله وتتهمه بإستخدام العنف وبعديد الهجمات الإرهابية – بحسب وزير الداخلية الألماني- بلا دليل، ومن يُصدق إدعاءاتها بمخاوف ألمانية تتعلق بالأمن الوطني والقومي، هل حقا ً يملك حزب الله تواجدا ًوهيكلية ًرسمية في ألمانيا ؟ هل اختلط الأمر ثانية على الحكومة الألمانية واعتقدت نفسها تمثل الحكومة الإسرائيلية، وأنها في حالة مواجهة حدودية مصيرية مباشرة معه.
هل اختلط الأمر للمرة الثالثة على الحكومة الألمانية، واعتقدت أنها بقرارها هذا تصيب التجمعات العربية – الكردية، صاحبة المال والنفوذ والتأثير في الداخل الألماني، بمجرد أنها صنفت حزب الله تنظيما ً إرهابيا ً، هل تبدو ألمانيا نادمة ًعلى دعمها لمن تحالفوا وكانوا جزءا ً من التنظيمات الإرهابية وقاتلوا ضد الدولة السورية منذ العام 2015 وغادرها بعضهم والتحق قسم كبير منهم بذويهم وأقرانهم في ألمانيا وبتسهيلاتٍ من حكومتها، وشكلوا تجمعات مغلقة خطيرة بنشاطات يصفها الإعلام الألماني بالمافيوية، وهل تخشى ملاحقتهم ومحاسبتهم على أراضيها، أم تراها تتهرب من غضب السيد الأمريكي الذي بدأ يستشعر خروج من بقي منهم في سوريا عن طاعته، وتمسكوا بالأرض والوطن، واتجهوا نحو التعاون مع دولتهم وحكومتهم السورية وجيشها الوطني وأبدوا استعدادهم لحماية مناطقهم وإفشال جوهر كافة التنظيمات والوحدات الإنفصالية، ومحاولتها للتفرد بالسيطرة على مناطق شرق الفرات وبإقامة مناطق إدارة ذاتية بنكهة إنفصالية بدعمٍ كلي من قوات الإحتلال الأمريكي.
من المؤسف أن تنحدر السياسة والصحافة الألمانية إلى هذا الدرك الرخيص، وتلجأ إلى ذرائع مزيفة واهية لإتهام حزب الله بتهريب المخدرات والسيارات المسروقة وبغسيل الاموال، في وقت تدرك فيه تماما ً من هم المسؤولين عن تلك الأفعال، خصوصا ً ممن رعتهم واستخدمتهم في سوريا وغير مكان، وتشعر اليوم بلسعاتهم، هل تخيلت الدولة الألمانية أن تضع عقربا ً في جيبها وتسلم من الأذى.
إن محاصرة ومضايقة بعض اللبنانيين من الطائفة الشيعية في ألمانيا، تحت ذريعة إنتمائهم إلى حزب الله، يشي بمدى إفلاس الحكومة الألمانية، وعمق إلتحاقها بركب السياسة الأمريكية اللاأخلاقية، ويؤكد سياسة التبعية والإنبطاح الألماني من خلال الندم والشعور بالذنب التاريخي المزعوم أمام الصهاينة، وجعلهم يقبلون دور التابع والأجير لمخططات كبرى تستهدف محور المقاومة مجتمعا ً، بما يبدأ بسوريا واستمرار حصارها والحرب فيها، إلى إيران وإتفاقها النووي والصاروخي، ولا ينتهي بتأمين غطاءٍ ألماني – أوروبي للإعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، تحت ذرائع واهية تدعي فيها استهداف مواقع أو مستودعات أو مواكب أو قوافل لنقل الأسلحة الخاصة بحزب الله في سوريا .
من الواضح أن ألمانيا تحن إلى ماضيها النازي بنكهةٍ فاشية، وتضع نفسها في خدمة مشاريع الهيمنة الصهيو –أمريكية، وتحاول بالأصالة والوكالة قيادة حربٍ ومرحلة غامضة في الشرق الأوسط، لن يكون فيها لألمانيا ناقة أو جمل.