الحرب التي مازالت تدور في أوكرانيا بين روسيا ودول حلف الناتو بقيادة أمريكية لا تمت بأية صلة “لإنقاذ” أوكرانيا او الدفاع عن “الديمقراطية” الزائفة وسيادة الدول وحقها في تقرير مصيرها في الانتماء الى هذا المحور أو ذاك وإن حاولت وسائل الاعلام الغربية ومطابخ السياسة في عواصم الدول الغربية الترويج لذلك مستخدمة امبراطوريات إعلامية تمتلك من الإمكانيات المادية الغير مسبوقة في تاريخ البشرية المعاصر لتضليل الراي العام العالمي والعمل على غسل الادمغة على النهج الداعشي للجري الاعمى وراء الاستراتيجية الامريكية ومعاداة كل من روسيا والصين لمطالبهم للحصول على جزء من الكعكة الاقتصادية والتجارية والسياسية العالمية حتى وإن كانت ضمن النظام الرأسمالي العالمي القائم حاليا وضمن المنظومة المالية التي تتحكم بمفاصلها الولايات المتحدة .
الدول الغربية وبقيادة المايسترو الأمريكي وبدعمهما اللامحدود والجنوني والغير مسبوق والذي وصل الى حد الهستيريا للتدخل في الازمة الأوكرانية وعلى جميع الأصعدة العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاعلامية إنما تسعى من وراء كل هذا الى وقف التراجع والهيمنة والتسلط والبلطجة الغربية والامريكية على الساحة الدولية ومحاولة لوقف التحول الى نظام نقدي عالمي جديد يفقد الدولار مكانته وهيبته وتسلطه على الدول التي تضطر الى بيع عملاتها المحلية بأقل الأسعار لاستيراد المواد الأساسية ويحرمها من ثرواتها ومقدراتها الوطنية ومن أي تطور ذو شأن.
حجم المساعدات العسكرية والمالية على وجه التحديد المقدمة الى أوكرانيا والتي بلغت الى ما يقرب من 50 مليار دولار امريكي تقريبا وخاصة إذا ما اقر الكونغرس صرف 33 مليار دولار إضافية الى أوكرانيا بحسب طلب إدارة بايدن يعكس مدى المخاوف الجدية من الفشل او خسارة الحرب في أوكرانيا والتي يعتبرها البعض بحق انها قد تعني تفكك الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ومن هنا نرى حالة الهلع والتخبط والهستيريا السائدة في الدول الغربية الان والتي تتسابق على دعم اوكرانيا وارسال الخبراء العسكريين لإدارة المعارك هناك ضد القوات الروسية وضد قوات جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك في شرق اوكرانيا.
ونعود ونقول ان أمريكا لا يهمها لا الحلفاء التقليديين الاوروبيين ولا الأدوات بالطبع وهي على استعداد للقتال لأخر جندي اوكراني او مرتزق من اللذين تم تجنيدهم للقتال وهي بعيدة جغرافيا عن محيط الخطر فيما إذا امتدت رقعة الحرب لتشمل دول أوروبية أخرى او اندلاع حرب نووية. همها الوحيد هو محاولة الاحتفاظ بموقعها ومركزها العالمي وان يبقى المجمع الصناعي العسكري الأمريكي بخير وإن كان هذا يعني تعريض امن وسلامة الحليف والصديق الى الخطر او حتى القضاء عليهم.
كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني