إذا تجاوزنا الحديث عن كلِّ فضائح هزال الجسم العسكري الإسرائيلي وفشل القباب الحديدية ومنظومات باتريوت في التصدي لصواريخ فصائل المقاومة الفلسطينية، فإننا لا يمكن أن نتجاوز أبداً شدةَ هذه الضربات و مقدار الضرر الذي أحدثته في البنى التحتية الإسرائيلية،
خط نفط إسرائيل بين إيلات وعسقلان أنموذجاً، نشب فيه حريق كبير بالإضافة لمنشأة الطاقة الأساسية في الكيان،
كان المقرر أن يكون هذا الخط النفطي بديلاً لقناة السويس لنقل النفط إلى أوروبا الذي أُنفِقَ عليه قرابة 800 مليون دولار في أكتوبر 2020 احترق بصواريخ المقاومة ليرسلوا لهم رسالةً ولكل من يحاول من المطبعين إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي على حساب مصلحة الشعب المصري مفادُها أنَّ ضربات المقاومة ليست عشوائيةً أو طائشة نحن نستهدف بنيتكم التحتية وننسف اقتصادكم نسفاً،
كذلك إغلاق مطار بن غوريون وتل أبيب وإيقاف الرحلات من وإلى تل أبيب، وكتائب القسام التي عاودت قصف صهاريج “كاتسا” النفطية جنوب عسقلان هذه كلها ستترك ندبات في الاقتصاد الإسرائيلي لن يتعافى منها حتى بعد عمليات سيف القدس.
هذه الضربات الدقيقة تدل على تغيير ونقلة نوعية في المواجهات التي انتقلت إلى العمق الصهيوني وتغير موقف الفصائل من الدفاع طوال السنين السابقة إلى الهجوم لأول مرة تاريخياً فالضربات صارت أقوى وأشد والوعود تُنفَّذُ على رأس الساعة والإصابة دقيقة، وبفضل جهود الحاج الشهيد عماد مُغنية والشهيد اللواء قاسم سليماني اللذان خططا معاً لفكرة الأنفاق تحت الأرض لنقل الصواريخ لغزة في حال أي حربٍ محتملة ضد الكيان، اليوم رحل عنا مُغنية وسليماني وتركوا لنا مدناً متكاملةً تحت الأرض تضم كل أنواع الأسلحة للمقاومة الفلسطينية و هكذا انتقلت فلسطين من القتال بالحجارة إلى القتال بالصواريخ ومن الدفاع إلى الهجوم ومن خوف الرد خشية الحرب إلى لغة التهديد والوعيد ورد الصاع صاعين.
وهذا يرعب إسرائيل ويثير فزعهم ناهيك عن أن الباليستي الإيراني لم يتدخل إلى الآن وصواريخ حزب الله الدقيقة لم تخُضْ معنا الميدان بعد، وأن ما نراه الآن مجرد إحماء فقط واللعب الحقيقي لم يبدأ بعد فالمقاومة لم تكشف عن أقصى قدراتها ولم تستعمل حتى الآن كامل أسلحتها، كيف تنوي إسرائيل مواجهة جبهات المقاومة بأجمعها في وقتٍ واحدٍ جبهة إيران وحزب الله وأنصار الله وسوريا والمقاومة الفلسطينية وهي قد فشلت في التصدي لجبهة واحدة وهي غزة.
لقد انتهت أسطورة إسرائيل التي لا تُهزَم منذ حرب تموز 2006 واندحرت خرافة أقوى جيوش الشرق الأوسط،
وهذا ليس أول ولا آخر فشل تواجهه إسرائيل أمام محور المقاومة الصامد فقد نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية في وقت سابق حول عشرِ سنواتٍ من الحرب على سورية (جبهتنا الشامخة التي أوصلت الكورنيت لغزة) كان هناك خياران للتعامل مع النظام السوري إما عبر الإطاحة بالأسد أو إضعافه، خسر الكيان الصهيوني كل جهوده ضد النظام بعد تدخل روسيا وإيران، ودمشق كما أجهضت أحلام تل أبيب بتثبيت حكم صديق لها في لبنان بواسطة بشير الجميل تحطمت أحلامها الآن ضد الفصائل الفلسطينية التي تقاتل بسلاح يصل إليها من سورية الأبية.
لقد أجهضت دمشق بصمودها كل أحلام تل أبيب في المنطقة.
هذا فضلاً عما يعيشه الداخل الإسرائيلي من اضطرابٍ شديد والمستوطنون يلومون نتنياهو على حربٍ كانوا في غنىً عنها ويتساءلون عن الأموال التي صُرِفَت على الجانب العسكري أين هي الآن وقد صارت تل أبيب رماداً تذروه الرياح؟ أين نتنياهو المختبئ في الملاجئ تحت الأرض؟
الفرق بيننا وبينهم هو شيءٌ واحدٌ أننا مقاومةٌ “عقائدية” يستعد الشباب و النساء والكبار والصغار والأطفال من أجل وهب دمهم في سبيل الأقصى ومجد القدس الشريف ولا تهدأ عزيمتهم أبداً منذ 1948 وحتى الآن لأنهم يحاربون لهدف سماويٍّ للكرامة والعز ويدركون أنهم موعودون بالنصر حتماً أما إسرائيل فجبناء ليس عندهم ما يقاتلون لأجله وهم مغتصبون معتدون طماعون يرغبون في المال والأرض ولا يرغبون بالموت لذلك الفشل الذريع كان حليفهم أمام البسطاء ذوي الإرادة الحُرة القوية.
وبرأيي البسيط فإن أفضل قرارٍ اتخذه أعزاؤنا في فصائل المقاومة الفلسطينية هو عدم الرضا بأي هدنة و مُضيهم في الحرب، لقد أبدعوا كثيراً فعدوهم لا عهد له وجربناه كثيراً، لا مساومةَ ولا مصالحة ولا وسطاء ولا اتفاقيات سلام، نريد فلسطين كاملةً 27 ألف كيلومتر مربع وبضع أمتار لا ينقص منها شبرٌ واحد.
النصر لأهلنا في فلسطين دائماً وأبداً…والموتُ والخزيُ لأعدائهم أجمعين.