انتم لستم بحاجة الى غطاء لتغطية عورتكم وخيانتكم وتآمركم على الشعوب العربية كافة دون استثناء. فما رشح من الوسائل الاعلامية اليوم عن الاعلان الثلاثي بين دولتكم والكيان الصهيوني والولايات المتحدة جاء مكملا لمسيرة التآمر والخيانة التي لم تكن يوما من الايام مقصورة على القضية الفلسطينية. واليوم تقومون بإعلان التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني وإقامة العلاقات الدبلوماسية العلنية والرسمية بعد ان كانت هذه العلاقات قائمة من تحت الطاولة, أما العلنية منها فكنتم تحاولون تغطيتها بغطاء “إنساني” وتقديم الدعم الذي رفضه الشعب الفلسطيني عندما حطت طائراتكم في مطار العدو الصهيوني محملة “بالمساعدات الطبية” وأغلب الظن ان هذه الطائراة وربما طائرات غيرها قد قامت بتحميل اسلحة اسرائيلية والتوجه الى ليبيا وتسليمها لحفتر كطريقة للالتفاف على حظر الاسلحة للمتقاتلين في ليبيا .
وسائل إعلامكم ووزير خارجيتكم المتشبع بالفكرالصهيونية والعاشق للتطبيع والذي لعب دورا مركزيا في هذا الاعلان ضمن الجوقة الحاكمة يصرح بأن هذا الاعلان جاء بعد ان تعهدت اسرائيل بأيقاف الضم الذي كانت تنوي عليه تحت صفقة القرن الامريكية. الادارة الامريكية لم تنتظر كثيرا لتبين كذبكم ففي التصريح الرسمي من البيت الابيض ان اسرائيل قبلت بتعليق مؤقت لعملية الضم الذي كانت تنوي القيام به والتي بالمناسبة أوقفت من قبل إدارة ترامب بحسب تصريح نتنياهو . أما نتنياهو فقد صرح وبملىء فمه ” لم أعط الامارات أي التزام بإلغاء مخطط الضم الذي سننفذه”. هذه اول صفعة وكشف عورتكم من حلفائكم في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لكم قبل ان يجف الحبر التي صيغ به هذا الاعلان. هذا الاعلان لا يمكن وصفه الا بإعلان الخيانة العلنية دون خجل او وجل وهدية تقدم الى المأزومين نتنياهو وترامب كما تشير كل وسائل الاعلام مع إقتراب الانتخابات الرئاسية الامريكية والمظاهرات العارمة في الكيان الصهيوني ضد نتنياهو والمطالبة بتنحيته الى جانب المحاكم الذي تلاحقه بتهم الفساد المالي. والاعلان يصب في خانة التطبيق العلني لصفقة القرن والتطبيع الكامل مع العدو الصهيوني.
وللتذكير بماضيكم السيء الصيت وحاضركم السيء الصيت ولن نعود كثيرا الى الوراء.
شاركت طائراتكم وطياريكم مع طائرات الناتو في الاعتداء على ليبيا عام 2011 حيث تم قصف الاراضي الليبية وإسقاط نظام معمر القذافي والذي ادى الى تحويل ليبيا الى بلد فاشل يحكمه أمراء حرب وحكومتين واصبح مرتعا وملاذا آمنا للمجموعات الارهابية وتهريب المهاجرين الغير شرعيين الى الشواطىء الاوروبية وتجارة الاعضاء البشرية. وما زال دوركم التخريبي مستمر لغاية الان.
مشاركتكم في الانقلاب الذي قام به العسكر في مصر عام 2013 على الرئيس المنتخب مرسي. وبغض النظر عن وجهة نظرنا بنظامه فهو اول رئيس مصري منتخب من قبل الشعب والانقلاب ادى الى وأد هذه العملية الديمقراطية ولو بحدودها الدنيا في طورها الجنيني. والامارات كانت من اول الدول الخليجية التي قامت بتقديم عشرات المليارات لنظام السيسي لمنع الإنهيار الاقتصادي وإعلان مصر دولة فاشلة وقامت بضخ مليارت في البنك المصري المركزي هي والسعودية (نيو ايسترن اوت لوك 23 يوليو 2020) . وما زالت تدفع لمصر المليارت بين الحين والاخر لشراء اسلحة متطورة من روسيا وفرنسا وهذا طبعا ليس لسواد عيون السيسي الذي كان اول رئيس عربي يبارك لكم بالإعلان الثلاثي سيء الصيت. وبعض المحللين يعتقد بأن محمد بن زايد له سلطة مباشرة على الجيش المصري وقد دفع مليارات لتسليحه وكان أن قامت القوات المصرية والإماراتية بعمل مناورات مشتركة لمدة اسبوع كامل لكل القطاعات البرية والبحرية والجوية. وقد اشار البعض الى ان الطائرات التي إنطلقت من مصر لضرب مواقع القوات الليبية لحكومة الوفاق في طرابلس المتقدمة الى سرت والهلال النفطي والمدعومة من تركيا كانت طائرات إماراتية.
ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد كان اول حاكم عربي دعي الى البيت الابيض بعد نجاح الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية وكان هذا مؤشرا على تسليم الامارات الدفة السياسية في المنطقة بدلا من السعودية حيث كان الشعور القائم في مراكز الابحاث الاستراتيجية ووسائل الاعلام الامريكية انه سيصبح من اقوى زعيم في المنطقة لدهائه السياسي الى جانب الغناء الفاحش للامارات لمداخيلها من النفط والذي يمكن استخدامه في السياسة الخارجية. فقد اوردت نيويورك تايمز الامريكية ( 2 يونيو 2019 ) مقالا عنونته ” اقوى حاكم عربي ليس محمد بن سلمان بل محمد بن زايد “. واوردت في نفس المقال أن ” الكثيريين في واشنطن يرون ان الامير محمد بن زايد أصبح من أكثر الاصدقاء المقربين لأمريكا في المنطقة وشريك يمكن الاعتماد عليه للحد من التأثير والنفوذ الايراني في لبنان” أما السفير الامريكي السابق في او ظبي فقد صرح ” أنه من المعروف جيدا انك إذا ما اردت فعل شيء في الشرق الاوسط فإن الامارات ستقوم بفعله”. كما ذكرت ضمن عنوانها بأنه لديه ” أجندة عدوانية خاصة به وأن ترامب على ما يبدو يسير في خطاه”.
وهو من أقحم نفسه في الصراع في الداخل السعودي والعائلة المالكة (ميدل ايست مونيتر 11 يناير 2020 ) فيما يخص منصب ولي العهد وبذل الجهد لدى الادارة الامريكية لإقناع الادارة بدعم الامير الغير معروف لديها محمد بن سلمان بالرغم من ان اجهزة المخابرات الامريكية والبنتاغون كانوا من مؤيدي الامير نايف. وقام شخصيا بتقديم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى الرئيس ترامب. وهو ايضا من شجع ولي العهد السعودي بشن الحرب على اليمن في شهر مارس 2015 وقامت بإرسال قوات إماراتية الى اليمن التي اثبتت انها أقوى بكثير من القوات السعودية. ودخلت الحرب في اليمن لأجنداتها الخاصة المغايرة للاجندة السعودية والتي توضحت لاحقا في السيطرة على عدن وعملت على تقسيم البلاد ووقفت ضد ما سمي بالشرعية ومنعت قوات الرئيس الهارب هادي بالدخول الى عدن وقامت بالاستيلاء على جزيرة سقطرى اليمنية. وما زالت تحتل العديد من المناطق اليمنية مباشرة او من خلال مرتزقتها التي دربتهم وقامت بتسليحهم. واستخدم محمد بن زايد شركة بلاك ووتر لتجنيد مرتزقة من كولومبيا وبعض دول امريكا اللاتينية في حربها على اليمن. وهي الشركة التي فتحت فرع رئيسي في ابو ظبي بعد ان طردت من امريكا على اثر الجرئم التي ارتكبتها مرتزقتها في العراق بعد الغزو الامريكي عام 2003 .
وقامت الامارات والسعودية بإدارة الصراع في سوريا بعد ان عجزت قطر من خلال إرهابييها ومليارات الدولارات التي أنفقتها بإسقاط الدولة السورية. هذا بالرغم من ان الدور السعودي كان هو الدور المسيطر من خلال أمير الارهاب الامير بندر بن سلطان. ولا يغرنك إعادة السفير الاماراتي الى دمشق بالرغم من عدم الموافقة الامريكية فكما ذكرنا محمد بن زايد له اجندة خاصة به ويتبع مصالحه حتى وإن تضاربت مع الادارة الامريكية احيانا. فعودة الامارات هنا كانت لمئات الملايين التي قد تجنيها الامارات من إعادة إعمار ما دمرته الحرب الكونية على سوريا بالاضافة الى الصراع القائم بين الإمارات وتركيا (نيو إيسترن اوت لوك 8 يونيو 2020 ) وخاصة في محاربة الاخوان المسلمين اينما وجدوا حتى وإن وصلت الى الصراع القائم بين أذربيجان وأرمينيا.
والقصص تطول في الدور التامري والتخريبي للامارات وبالتحديد ولي العهد محمد بن زايد الحاكم الفعلي لدولة الامارات, والتدخل دائما يأخذ غطاء العداء لتنظيم الاخوان المسلمين ولكن في حقيقة الامر ما هو الا أداة لتنفيذ المخططات الصهيو-امريكية في المنطقة وخارجها مستغلا مليارات البترودولار الفائضة عن الحاجة ( صندوق سيادي بقيمة 1.3 ترليون دولار). فقد شاركت النخبة الاماراتية وسلاح الطيران ضمن القوات الامريكية في كوسفو والصومال وأفغانستان (نيو يورك تايمز 2 يونيو 2019 ).
واليوم يأتينا معللا الاعلان الثلاثي إنما ياتي دعما للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطين وإعطاء فرصة للسلام في المنطقة من خلال المفاوضات. المفاوضات المباشرة التي استمرت أكثر من ربع قرن والسلطة الفلسطينية تبحث عن السراب وتلهث وراء حل الدولتين ماذا سياتي هذا الاعلان بجديد؟ الامير محمد بن زايد يريد الان من السلطة الفلسطينية العودة الى السراب ويؤكد من خلال وزير خارجيته قراقاش انهم لن يفرضوا الحل على الفلسطينين وأن الحل ياتي بالمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وان الاعلان الثلاثي يعطي فرصة لتحقيق ذلك.