بقلم #الناشط_السياسي محمد البراهمي |
اليوم نحن بحاجة إلى استباق في القرارات وليس مجاراة للأزمة..الوضع الوبائي شديد الخطورة إلى درجة مخيفة ، و بات من الضروري ، الآن وأكثر من أي وقت مضى إتخاذ إجراءات طارئة و إستثنائية و جريئة لتطويق إنتشار الفيروس بما في ذلك الحجر الصحي الشامل او غلق جزئي للمناطق الموبوءة .. لا مبرر للتجاهل او التأخير في اخذ كل التدابير الضرورية لحماية الشعب و الوطن..
تمر تونس في هذه الفترة بمرحلة حساسة ومصيرية وأمام هذا الوضع الحرج لا يوجد لنا خيار سوى التعويل على وعينا وتضامننا والتقيد بكل بالإجراءات الوقائية المتاحة للتغلب على مخلفات هذه الجائحة للخروج من المأزق الوبائي بأخف الأضرار..
البلاد تعيش اليوم أخطر وأدق اللحظات في تاريخها منذ الاستقلال، و ينبغي على الجميع تحمل المسؤولية التاريخية و إيجاد حلول للقضايا الحارقة في البلاد و إتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية الشعب و الوطن من إنتشار فيروس كورونا ، الوضع الوبائي حرج و لا مجال للتهاون و الهروب إلى الأمام بالقرارات المرتجلة و ينبغي و بأسرع وقت ممكن تدارك الوضع الوبائي الراهن لتفادي وقوع ما لا يحمد عقباه.. اليوم البلاد تنزلق تدريجيا في منعطف خطير وعلى الجميع :
حكومة وشعبا الإلتزام الجاد والمسؤول في مواجهة عدو مشترك كوفيد-19 ولا مجال للتهاون والإستهتار..
القيادة والزعامة ليست الجلوس أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحف، تتحدث عن شعارات شبيهة بالسراب، وترديد خطابات متشنجة، وتدعو للعيش والكرامة، دون تقديم حيثيات لهذه الدعوات، وإنما القيادة هى القدرة على اتخاذ قرارات خطيرة، ومواجهات حاسمة لأعتى المشاكل لحلها في ظل تراكمات خلفتها الحكومات المتعاقبة على غرار الأزمات الإقتصادية و الإجتماعية المتهاوية في ظل الأزمة الوبائية العالمية.. مؤسف حال هذا الوطن و حال هذا الشعب ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻧﻰ ﻣﺎ ﻋﺎﻧﺎه ولا يزال يعاني.. ﻳﺠﺐ ان ﻧﻌﻠﻢ ﺍﻥ الشعب ﺗﻌﺐ ﻭﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻛﻔﺎت ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻜﻴﺪﻳﺎت، ﻭ يجب ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ أهل السياسة ﺍﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ التونسي ﺷﻌﺐ واع ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ بعضهم غير واع ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ الوطن إلى خراب أكثر ﻓﺄكثر ، لا يمكن ان يستمر هذا الوضع المشؤوم ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺮﻓﻊ ﻋﻦ الشعب ﺍﻟﺒﻼءات ﻭﺇﻻ ﻻ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍلتونسيين الأحرار
في هذا الوضع الدقيق والحساس ندعو السادة رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة إلى مصارحة الشعب و طمأنته حول كيفية تجاوز المخاطر المفروضة على البلاد في مواجهة جائحة فيروس كورونا، وذلك من خلال طمأنة المواطنين بأن الدولة مستمرة في اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من آثار هذا الفيروس، و لا يحتاج المواطن إلى خطاب الاطمئنان الزائف الذي تعممه الدولة بمقارنة مع إنتشار الوباء في بلدان أخرى تتوفر لديها إمكانات صحية وقاعدة اقتصادية لا تقارن بأوضاع بلادنا يجعلها مسؤولة على النتائج المترتبة عن استهتارها بخطر حقيقي يهدد صحة الناس.. و يجب اتخاد إجراءات عاجلة و إقناع المواطنين بالتحضير الجماعي لخوض معركة مع خطر وبائي محتمل..ندعو السيد هشام المشيشي إلى النظر بجدية في قرار الحجر الصحي الشامل و لو وقتيا او غلق جزئي للمناطق الموبوءة لتطويق إنتشار الفيروس ، المسألة أصبحت متعلقة بحياة الأفراد و حياة المواطنين ليست لعبة.
من جانب آخر و أثناء معركة مصيرية مع فيروس كورونا و في غياب و ضعف الدولة إقتصاديا وسياسيا ، نرى تغول الرأسمالية المتوحشة التي لا تعنيها حياة البشر، بل تعنيها مضاعفة أرباحها بما في ذلك بالاستثمار في وسائل الوقاية الصحية التي بلغت أسعارها مستويات تتجاوز القدرة الشرائية لأغلبية طبقات وفئات المجتمع إضافة إلى إرتفاع سعر تحليل كورونا في المخابر الخاصة و إرتفاع غير معقول في الاسعار في المصحات الخواص خاصة “مرضى كورونا”
ندعو الدولة لإحترام شعبها البريئ و ترفع صوتها عاليا أمام تجار الصحة و الرأسمالية المتوحشة و تصطف إلى جانب الشعب الزوالي و خاصة الفئات الهشة الغير معنية بالقطاع الخاص نظرا للإرتفاع الغير مسبوق و الغير معقول في الأسعار تتجاوز قدرة الطبقات والفئات الاجتماعية الضعيفة في هذه القطاعات الخواص خصوصا و ان البلاد في حالة حرب..
أدعو الحكومة للتحرك و إتخاذ قرارات إستثنائية و جريئة تتماشى مع حالة طوارئ صحية عامة و حالة حرب وتتجه نحو تسخير القطاع الخاص من مصحات ومخابر وتوفير الاختبارات المجانية لعموم الشعب ، لابد ان تقوم الدولة بواجبها و ان تتحرك الحكومة بأقصى سرعة لردع تجار الصحة ، فالوضع الصحي يتجه للمجهول و الأوضاع الإجتماعية تنذر بإنهيار خطير ووشيك.. لايمكن ان نظل نعيش تحت رعب الجائحة وتخبط القرار الحكومي، ليس الحل في السرعة التي تتم فيها اتخاذ القرارات، أو السرعة في تعديلها والتراجع عنها او التراخي و التأخير في إتخاذ القرار المناسب في المكان و الوقت المناسب ، هذا أمر لا يجوز في إدارة الشأن العام، إن أردنا العودة إلى حياتنا الطبيعية و الانتصار على جائحة كورونا بأقل الخسائر البشرية ، ينبغي على الحكومة أن تتخلص من أنانيتها وفرديتها، وأن تشرك القطاعات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بعملية تفكير واسعة للآليات المناسبة التي من الممكن لنا اتباعها لهذا السبيل. من دون ذلك، ستبقى قرارات الحكومة عشوائية ومتخبطة ومحلاً للنقد والتهكم والتهجم.. أمام دقة و حساسية الوضع الوبائي الحرج ندعو الحكومة الى إعادة النظر في قرار الحجر الصحي الشامل في ظل ان الإجراءات التي إتختذها سابقا لم تثبت نجاعتها في تطويق إنتشار الفيروس بسبب الإستهتار و التراخي و جهل بعض المواطنين بمخاطر كورونا ..
إنها الحرب قادمة يا سادة ومؤلمة، لا تنفع معها لا التراخي ولا الإستهتار ، كونها مباغتة قادرة على ان تقضي على إنجازات البشرية، ولعل ما نراه في أفلام الخيال العلمي ليس بعيدا عن ما قد يحدث، إنها الحرب..!! فاستعدوا !!