بينما تنتاب البشرية حالة من الصدمة والذعر، وهي تتنتظر وتترقب على أمل التوصل إلى المصل، الذي يجنبها خطورة وعواقب، سرعة إنتشار فيروس كورونا (Coronavirus) المجهول المنشأ والسبب، إلا أنها وما يمثلها من مجتمع ورأي عام دولي، نجد أنها لا تزال واقفة غير مبالية للأسف، في الحيلولة دون إنتشار وباء الإرهاب، المعروفة هويته ودوافعه والنسب!
وإذ نستعرض حالة التوتر التي تسود أرجاء العالم، على مختلف أجناسه ومعتقداته، وهو يستنفر كل إمكانياته وقدراته وأرصدته، وتتكاثف جهوده كلها في سبيل كبح جماح ذلك الزائر المباهت، فإن الذي يستوقفنا وإزاء الجهود المبذولة، ذلك التناقض الواضح في النوايا الذي تشيح عنه الوقائع والأفعال لا المزاعم والأقوال، ونحن نتابع إستمرار ذلك الحصار المزمن اللامبرر والظالم، المفروض على غزة وإيران واليمن وسورية، وفي مقدمته الحصار على الأدوية، التي قد يحول توفرها دون مضاعفات الوباء، وربما الحد من إنتشاره، الذي لا تبرره الإنسانية وكل الشرائع، ولا يفسره إلا الحقد الأعمى والضغائن، ما لم تكن الحكمة قد شاءت لهم أن تجتمع، حتى تكشف مع إنتشار الوباء عن أقنعتهم، التي فضحتها انانيتهم وفوقيتهم وعنصريتهم، على الرغم من أن المصيبة قد أكدت لنا ومثلنا لهم، أن بيوتهم مثل بيوتنا، أوهن من بيت العنكبوت، عندما تتجاوز الإمكانيات البشرية والتوقعات العلمية، ما لم يكن في التقدير والحسبان، ما تخفيه الأقدار والأزمان!
ربما يكون من السابق لأوانه، تقدير ما قد يخلفه الوباء وراءه من ضحايا وكوارث، لكنه بالتأكيد لن تتجاوز ضحاياه مع كل الجهود المبذولة لإحتوائه، ما خلفته قنابلهم الذرية على هيروشيما وناجازاكي، ومن يومها حتى حاضرنا الآن، ما أوقعته أسلحتهم من الضحايا، التي يشهد التاريخ على تجاوزها عشرات الملايين، وغيرها من المشردين والمقعدين!
وبعد،
فإن التحدي الذي نعيشه ونراه، وإذ نسأل الله الذي لا راد لقضائه، إلا لطفه وعطفه وقدرته، أنه على الذين يحرصون حقا على مكافحة هذا الوباء قبل أن لا ينفع الندم، أن يتمكنوا في مراجعة مواقفهم من العقوبات، الذي لو تمكن هذا الحي الذي لا نراه، في إنتشاره بين شعوب تلك الدول المفروض عليها الحصار، فإن إمكانية حصر تفشيه عالميا قد تغدو صعبة المنال، تماما كما أغفلوا أعينهم ولا يزالون، عن الإرهاب الذي احتضنوه ورعوه، ونحن نراه بالعين المجردة في وضح النهار!
* فلسطيني واشنطن