كتب أبو يعرب المرزوقي بتاريخ 20.06.05 تحت عنوان: لعل الذكرى تنفع المؤمنين من أولي العزم والحزم
حكاية الفأر (أبو اليرابيع) الذي لم يلحظ حجمه فجاء الى جبل ليقضّه من مكانه، فلما عجز صاح صيحات يأس استدعى بها بني جنسه لعلهم يفلحون فيما فشل فيه، ويبدو أنهم كانوا أكثر تعقّلا منه، فالتزموا جحورهم في أسفل الجبل، قانعين بمكانهم منه.. مثل ينطبق على ضليع السّابح في بحر من التوهّم، وقد اختلطت عليه أوهامه، إختلاطا يدعو حقيقة الى الاجماع بشأن حالته الفريدة من نوعها، والنظر فيها، بما بلغته من الإساءة والتحريض الخطير، بحق شرعية ومؤسسات وطنية ودولة شقيقة في الاسلام، وشريكة في التاريخ وقسيمة حظ في المستقبل المشترك.
حالة (أبو يربوع) المرازقة تدعونا كل مرة يصلنا منه صرير مزعج الى فتح صفحة جديدة في الردّ على شطحاته التي لم تخرج عن إطارها المعهود، وهو الذي عوّدنا أن يَكِرَّ كلما أفاق من وهم ليجد نفسه المريضة تقوده الى تتبّع أثره، لعله يحفظ ما بقي من ماء وجهه، بمواصلة التمسّك به والاصرار عليه، دراسة حالته العقلية تبدو ضرورية اليوم، أمنيا وقانونيا ونفسيا، وقد يصل علماء النفس قبل غيرهم في دراستها، الى قرار اخضاعه لحجر عقلي، في مشفى الامراض العقلية، وهو المكان الأنسب له ليريح عقله، مما اصابه من لوثة، تبدو عنيدة في تغلغلها بعقله، بتكرر ظهور أعراضها فيما خطته أنامله من زور وبهتان، اصبح محلّ استهجان من كل عاقل، قد ينطلي على اولئك الذين صدّقوا، أن أبو اليرابيع قد يأتي منه خير لتونس.
إن خفي عن صاحب الفلفسة، القانون الذي كتبه نواب الشعب، فلن يخفى على أهله، وإن حاول أن يشيح بوجهه عنه، فنذكره بأن الذكرى هنا تنفع المؤمنين، ليس في ذلك شك ب (قد) التي تسربت منه في النص الذي يكتبه، كأنه يشكك في جدوى تذكير المؤمنين، وإن كان قصده متجها الى خواصّ المخدوعين بأوهامه.
إنّ ما إدّعاه أبو يربوع المرزوقي، من توجّه فلسفي إسلامي، في إطار وحدة الفكر الإنساني، يناقض تماما مساعيه المحمومة، التي ما انفك يقوم بها من أجل الإساءة لإيران الإسلامية، ويبدو أنه جاهل، أو متجاهل متعمّد لها تماما، وفقد معلومة التقصّي لآثارها الفكرية والفلسفية، تجعله فقيرا أمام ثراء انتشارها، وتأثيره المقيم عليه، لن يبلغ في أحسن الحالات، سوى شريحة من عامة أتباعه، ما عداهم فمجرد حساب لن يبلغ فيه مراده.
وبفقده المسار العلمي في معرفة إيران ثورة وفكرا ونظاما وأهدافا إسلامية، فلم يرشده عقله إلى روّادها، الذين قادوا موجة ثورتها الهادرة، ولا انتبه لآراء كبار المفكرين العالميين بشأنها، كالمفكّر (روجيه غارودي) رحمه الله، ولا الى إفادات زعماء النضال العالمي كنيلسون مادنيلا، ولا أفاق من أوهامه بشأنها، عند تصريحات زعماء حركات المقاومة الفلسطينية كحماس والجهاد، مع اختلاف مناهجهم الفقهية معها، قادة اعترفوا بأياديها الساّبغة عليهم، فأثنوا على جهود نظامها الإسلامي، من أجل الابقاء على نهج مقاومة الكيان الصهيوني، بإمداده بالأموال والسلاح والتقنيات، واستمرارها على ذلك ليس الى اليوم فقط – متحدّية العقوبات الإقتصادية القاسية لثنيها- وإنما سوف تستمر فيه إلى تحقيق النصر وزوال الكيان الغاصب، فتهافت كما شئت يا (فلفوس) فلن يزيدك ذلك سوى بعدا عن الحق، وانخراطا في جبهة المؤامرة ضد ايران الإسلامية، وعارا سيلحقك قريبا، عندما يسقط الوهم عن مصدّقي شطحاتك، فيرونك على حقيقتك بمنظار الفتّان المتآمر على الحقّ، وينكشف من دفعك إلى ذلك.
تشويه الجمهورية الاسلامية الإيرانية، غير ممكن أن يقوم به من بعقله وقلبه مثقال ذرة من وعي وفهم، لأنه طريق شديد القذارة، لا يتلطّخ بنهجه من به صبابة من دين، أو شيء من عقل، بعدما ابتلي به أعداء إيران الألدّاء، الذين اتخذوا منه وسيلة للإساءة إليها، وهؤلاء معروفين دولا وأشخاصا، أمّا الدّول ففي طليعتها أمريكا رائدة الاستكبار العالمي، عدوة الاسلام المقاوم وأنصاره، وكشفت بالأدلّة أنها عار على من اتّبعها، بسقوط هيبتها على يدي إيران نفسها، والكيان الصهيوني رائد الإرهاب والتطرّف والعنصرية، ولفّ لفّهم من تعساء هذا العالم، من منظومة العمالة والتبعية، الغارقة في مستنقع السقوط القيمي والاخلاقي.
إذا أردت الحديث مستقبلا عن الثورة الحقيقية، رجالا وقيما وانجازات، فسأل أهل الذكر عنها، فإنهم سيخبرونك عنها نسختها السّاطعة هذا العصر، صفة ونسبا وموقعا، وما حققته في موطنها وخارجه من انجازات؟ إن كان أفقها ضيقا كعقلك الذي غلب عليه التوهّم؟ أم انه أفق إسلامي شمولي محمّديّ، على منهاج عليّ والحسين، ماضية منه الى التّمهيد للعالمية، التي سيختمها المصلح العالمي الإمام المهدي، وبعد هذا وذاك، فلا تحسب نفسك أنّ لك شأنا بين هذا العالم، وما شأن القرود إذا رقصت، ومحلّها الأدغال أو حدائق الحيوانات.
تحرّر من عقدتك بشأن إيران، فقد اختلط عليك أمرها، لسبب يعلمه الله، وتعلمه أنت يقينا ومن دفعك إليه، فدعك منها، فهي قد اسست مشروعا اسلاميا عالميا عَجزْتَ عن فهمه، وأنت أيضا اعجز فيما يخص بشأننا الداخلي بتونس، جرّار الى الفتنة وداعية غير مسبوق إليها، وقريبا سيسقط عنك القناع الذي تتقنّع به، ويلعنك المصدّقون لك المخدوعين فيك، مع من بدأ لعنك – في أول بهتان كتبته – ممن لم تُثِر فيهم رعونتك سوى القرف والاشمئزاز، انكشاف فبركاتك لن يطول به الزمن، ولا معذرة لك فيه بعد ذلك.
ولا عجب فيما أَتيتَه إلى حدّ اليوم، بشأن إيران الإسلامية، فهو مطابق تماما لأسلوب تجّار الدين، من منظور فكري مشوّه، تدّعي فيه تبني الفلسفة الإسلامية، لكنها برؤية حاقدة متخلّفة، شبيهة بادّعاء ترامب المسيحية، ورفع انجيلها تمويها خداعا للمسيحيين، ويبدو أن ترامب في هذه الحال، كان أكثر وعيا منك، فهو اليوم بعدما طوى أشرعة تهديده بمصادرة ناقلات الوقود الإيرانية، ولم يقدم على ذلك خشية منه، شكر ايران على عملية تبادل المعتقلين بينهما، دعا ضمنيا إلى العودة المفاوضات بشأن ملفها النووي الذي خرج منه، وكان ردّ ايران أن عليه، بالرجوع عن قراراته الخاطئة، وهذا ما سيحصل في كل الحالات.