الثلاثاء , 19 نوفمبر 2024
Breaking News

إهانة المقدسات .. حلول دول الغرب في مواجهة المدّ الإسلامي…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم تكن عملية حرق القران الكريم من طرف لاجئ إلى السويد فارّ من العراق ومطلوب من طرف السلطات العراقية للمحاكمة من أجل جرائم ارتكبها هناك(1)، لتقع لولا تخطيط السلطات السويدية لها، التي سمحت له بالقيام بالمسرحية المشينة، وقد جرت أمام أنظار الشرطة السويدية الحاضرة على أرض الواقعة، وكاميرات المصورين المعدة مسبقا، لتؤكد على التدبير والإعداد المسبق الذي أظهر حكومة السويد في مظهر عداء صريح للإسلام، لا مبرر له من جهتها تتذرّع به، وهي مدانة في كافة مراحله، بعدما أصبحت أرض السويد وبقية دول الغرب ملجأ المجرمين والشواذ المتعلقة بهم جرائم قتل وتعذيب وتحيل في بلدانهم من أمثال منافقي خلق الإرهابية التي ينتشر عناصرها في كامل البلدان الأوروبية، ويعيشون تحت حماية أمنها.

والسويد ليست بدعا من الدول الغربية الأخرى، التي سمحت على أرضها بارتكاب الإساءة إلى مقدّسات المسلمين، فقد تكررت تلك الاساءات بأسليب وأماكن مختلفة، وكانت في شكل صور كاريكاتورية مسيئة للنبي (ص)، تتالى على نشرها مرضى النفوس من أدعياء ثقافة التحرر الغربية، المعادية لكل ما هو مقدس ديني، فمن الصحيفة الدانماركية إلى أن وصلت إلى فرنسا حيث تزعمت فورتها الشيطانية صحيفة شارلي هبدو (2) التي أعجبها ذلك الأسلوب الفج من التطاول، فأعادت الكرة مرة أخرى وفي اعتقاد أصحابها أنهم حققوا نصرا، فكان رد الفعل أن انتقم الله من مقرها ومجلس إدارتها، بعملية بطولية اثبتت أن لهذا الدين أهل أحرار، لا يرضون إهانة مقدساتهم، فقتل من قتل بداخلها.

وللذكرى فإنّ فالمرتد سلمان رشدي الذي أعانته بريطانيا على اصدار كتابه آيات شيطانية – وهو شيطان من شياطين الانس – فأصدر الامام الخميني فتواه الشهيرة بإهدار دمه، فأخفته الشرطة البريطانية وتحصن بحمايتها زمنا طويلا، رغم المحاولات التي قام بها أحرار الإسلام لتنفيذ الحكم فيه، وفي الأخير السنة الماضية فقط، تمكن منه رجل مؤمن من تنفيذ الحكم فيه في أمريكا وهو على منصة احدى جامعاتها(3)، دعوات مقاطعة السلع السويدية لا تكفي وحدها، بل على الدول التي تقول انها مسلمة، أن تبرهن على اسلامها بالدفاع عنه، فتقوم بسحب سفراءها من تلك الدولة، وقد احجمت إيران مثلا عن إرسال سفيرها الجديد إلى ستوكهولم بعد عملية حرق المصحف الشريف، المتعمدة والمبرمجة من طرف حكومة الشذوذ والتطرف السويدية، بدعوى حرية التعبير.

فلا يغترن مغتر، أو يشتبه عليه مشتبه، أو يتردد في هذا الأمر الخطير متردد، بأن دول الغرب تجهل الإسلام، ومبادئه التي تضمنها قرآنه وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله، لذلك فهي لا ترى حرجا في أن ينبري أحد من مواطنيها، أو ممن لجأ إليها ليعيش تحت قوانينها ليسيء للإسلا مثلما تهيأ له، فهي تدرك تماما ما يعنيه هذا الدين، بما اشتمل عليه من معارف إلهية عالية المضامين، عكف عليه طويلا مفكروه وفلاسفته وعقلاء قومه، بمراكز دراساتهم الفلسفية والفكرية بيانا وتوضيحا شافيا وافيا كافيا، وما تمخض عن تلك البحوث والدراسات، من نتائج أدّت إلى  اعتناق عدد منهم للإسلام، بعد استفاضة فيه انتهت إلى قناعة تامة به، أمثال هؤلاء لم يمروا على أجيالهم الغربية مرور الكرام، فقد عرّفوا بكتاباتهم ومؤلفاتهم القيمة الإسلام، دينا إلهيا خاتما لما سبقه من ديانات، من أمثال (هنري كوربين Henry Corbin) (4) (روجيه غاروديRoger Garaudy) (5) (موريس بوكايMaurice Bucaille ) (6) (رينيه غينون René Guénon) (7) وغيرهم كثير ممن تركوا آثارا دالة على قناعاتهم بدخول الإسلام، بأسلوب فكري وعلميّ يصعب تجاهله، ولا مقابلته باساليب رخيصة، إن دلّت على شيء، فإنما تدل على انحطاط فكري لبس عقول حكام الغرب.

إن ما أزعج دول الغرب وأقلق راحة متعصبيه، التحول الذي طرأ على كبار مفكريه وفلاسفته، فأخرجهم من المسيحية أو اللائكية إلى الإسلام، وهو ما من شأنه – طال الزمان أم قصر –  أن يرجح كفة المسلمين في تلك الدول المعادية للإسلام حقيقة، ليصبحوا أغلبية السكان في تلك الدول، وهو ما يخشون وقوعه ويحتسبونه يوما، ويهدد هيمنة أفكارهم الإلحادية الشاذة عن الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، ونتيجة لذلك، تتحول الأقلية الإسلامية اليوم في بلاد الغرب إلى أكثرية في المستقبل، بإقبال الغربيين على معرفة الإسلام، ودراسته على أسس علمية محايدة، استئناسا بمن سبقهم إليه من قومهم – وكتاباتهم تجارب وانطباعات ومناقشات موجودة – فينقلب حال حكام دول الغرب إلى  أقليات، ليس بإمكانها مواصلة الحكم، ولا بمقدورها السيطرة على شعوبها بنظامها الديمقراطي المزيّف، لذلك لم تتردّد أدواته في التحريض على الإسلام، وحث متعصبيه على توجيه الإساءات إلى مقدساته، والهدف الإستخفاف به، والحط من مقامه في نظر شعوبهم، لصرفها عن الإهتمام به، بعدما حصل لديها علم، بتوجه الكثيرين منهم لمعرفته ودراسته، هذا من ناحية، وسلب روح التفاعل والتعاطف معه من طرف أهله بالأصالة، أو بالتحول عند توجيه الإهانات له، فتخمد هممهم ويضعف تعاطفهم معه، فلا يصدر منهم أيّ ردّ فعل انتصارا له،  من شأنه أن يلزم المعتدين بعدم تجاوز حدود أدبهم معه من ناحية أخرى.

ما يجب اتخاذه اليوم موقف صارم موحّد، تظهر فيه غيرة الدول الإسلامية على دينها، حتى لا تتكرر مثل هذه الاساءات، ومن لم يكن همّه في الدنيا دينه، فلا خير فيه حاكما كان أم محكوما، أليس الله بكاف عبده، عندما قال: ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. وفي هذه المواقف يتميّز المسلم من غيره.

المراجع

1 –  من يكون المتطرف العراقي سلوان موميكا الذي حرق القرآن في السويد؟

https://www.alaraby.co.uk/video/

2 – الهجوم على صحيفة شارلي إبدو https://ar.wikipedia.org/wiki/

3 – الكاتب سلمان رشدي يوضع على جهاز تنفس اصطناعي اثر تعرضه للطعن في نيويورك

https://www.france24.com/ar/

4 – هنري كوربان https://ar.wikipedia.org/wiki/

5 – روجيه غارودي https://ar.wikipedia.org/wiki/

6 –  موريس بوكاي https://ar.wikipedia.org/wiki/

7 –  رينيه غينون  https://ar.wikipedia.org/wiki/

 

 

Check Also

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024