عندما أرسلت طهران ناقلة المشتقات النفطية إلى فنزويلا عبر أعالي البحار نحو السواحل البوليفارية بادرت إيران إلى خطوة طليعية في تجسيد فكرة التضامن الأممي بين الشعوب ووحدة الكفاح العالمي ضد الاستعمار بين جميع البلدان المناضلة من أجل التحرر والاستقلال والتخلص من هيمنة النهب الاستعماري اللصوصي لثروات العالم.
أولا الدولة التحررية التي قامت بعد ثورة شعبية عظيمة في ايران اختارت أن تواصل الكفاح ضد الهيمنة والنهب ورفضت الإذعان للغطرسة الأميركية فجمعتها شراكات نضالية وسياسية واقتصادية مع كل دولة تحررية في العالم وهي تشغل موقع القلب والحضن لمحور المقاومة والاستقلال في الشرق.
ايران محاصرة بالعقوبات وبالضغوط ويقيم حولها الأميركيون وعملاؤهم الإقليميون في المنطقة طوقا سيمكا من المقاطعة والعقوبات ومحاولات العزل السياسية والاقتصادية وبكمية لا تنتهي من وجوه التدخل في شؤونها الداخلية سياسيا وإعلاميا بل ومخابراتيا وهي صامدة تقاوم وتتحدى بإرادة صلبة وبثبات يفرض الاحترام.
ثانيا ترفع إيران التحدي في وجه الغطرسة الأميركية العدوانية عبر مبادرة تضامنية تعدت حدود الرمزية كثيرا وهي قد تؤسس لمعادلات جديدة وينشأ عنها ويرتبط بها توازن جديد بين معسكر التحرر العالمي ومعسكر الهيمنة الاستعمارية وهذا القرار الذي اتخذته القيادة الإيرانية يعبر عن اقتدار وشجاعة كبيرين في السعي لكسر التجبر والطغيان الأميركي ضد شعوب العالم الحرة وهو يتوج اختبارات قوية عديدة كسبتها إيران في مواجهة الغطرسة الأميركية في بحار الشرق وأجوائه وعلى يابسته.
جميع الحسابات التي اجراها جنرالات البنتاغون مع أركان إدارة دونالد ترامب اجبرتهم على تجنب الذهاب إلى الحرب الكبرى مع إيران وهذا ما بات معلوما في السنوات القليلة الماضية خصوصا بعد اسقاط الطائرة الأميركية وإثر قصف قاعدة عين الأسد في العراق بعد اغتيال ترامب للقائد الجنرال قاسم سليماني.
ثالثا لأن اختبار القوة الذي اختارته إيران يدور في الفناء الخلفي للإمبراطورية أي في حوض الكاريبي والقارة الأميركية الجنوبية فإن للمبادرة الإيرانية مغزاها الدقيق وانعكاساتها المباشرة وثمة معلومات متلاحقة في التقارير الصحافية عن نشاط هام للأساطيل الروسية والصينية وللقوات الكوبية قرب الشواطئ وعلى بر فنزويلا تحسبا لمغامرة اميركية طائشة.
إذا نجحت مبادرة إيران هناك على المقلب الآخر من الكوكب يمكننا ان نتصور ما سوف تتمكن هذه الدولة التحررية من فرضه والقيام به لأجل فك الحصار عن شقيقتها المحاصرة الجمهورية العربية السورية او في مجابهة الحصار الأميركي السعودي لليمن المقاوم او حتى لغزة.
رابعا إن من واجب المناضلين والأحرار في أي رقعة من هذا العالم الموحش بفعل كثافة المظالم والكوارث رفع مستوى التضامن الأممي وتعميم ثقافة جديدة ترسخ بديهيات العدالة الإنسانية المقيمة في صلب الميراث الأخلاقي والحضاري للإنسانية وهذا هو معيار التقدم والتحضر.
إيران الإسلامية هي مثال لثورة تعرف أعداء الشعوب وألأصدقاء والشركاء في التطلع إلى عالم أقل ظلما ولصوصية ونكتشف مع كل موقف إيراني سلامة الموقف التضامني الداعم الذي اتخذناه كثوريين عرب إلى جانب الثورة الإسلامية وقيادتها ومناضليها وهويتها الأممية التحررية والتحية لشعب إيران العظيم وللقائد الخامنئي وللدولة المناضلة من أجل تحرر شعوب الأرض.