تحتفل تونس وسائر دول العالم باليوم العالمي للمياه لسنة2023، في وقت تشهد فيه البلاد موجة جفاف أدت إلى تراجع مخزونات المياه السطحية دعت في ضوئه المنظمات والخبراء إلى اتخاذ خطوات لتقنين استغلال المياه وتبني أساليب جديدة .
وتراجعت في تونس إيرادات السدود اليومية من المياه جراء إنحباس الأمطار مما أدي الى تراجع مخزونات السدود الى درجة حرجة قاربت 700 مليون متر مكعب مقابل مليار متر مكعب.
وقد وقع الاختيار هذه السنة على شعار تسريع وتيرة التغيير بغية ايجاد حل لازمة المياه وخدمات الصرف، للاحتفال باليوم العالمي للمياه 2023، الموافق لـ22 مارس من كل سنة وياتي دعما لتحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة وهو “المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030”.
توصيات ممكنة بتوخي سلوكيات رشيدة
توصي منظمة الأغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة المستهلكين بتبني خطوات بسيطة تمكن من الاقتصاد في الماء على غرار إغلاق الحنفية اثناء غسل الوجه وإصلاح الحنفيات والمراحيض خاصة قطرة كل ثانية تساوي 19 لترا في اليوم.
ويسهم التخلي عن حوض الاستحمام في اقتصاد 260 لترا من المياه في حين يوفر غسل أواني الطعام والخضار في احواض المياه من توفير كميات هامة من المياه علما وان بقاء الحنفية مفتوحة لمدة دقيقة واحدة يفضي الى اهدار 15 لترا من المياه.
وتعدّ المياه أحد أثمن الموارد في العالم وهي تجعل كوكب الأرض فريدًا من نوعه ومفعمًا بالحياة فالمياه ضرورية للأمن الغذائي والتغذية والصحة والطاقة والتنوع البيولوجي والبيئة والاقتصاديات الأخرى.
وتؤكد منظمة الأغذية والزراعة تراجع موارد المياه العذبة في جميع مناطق العالم خلال 30 سنة الماضية فيما يشهد توافر المياه وجودتها على المستوى العالمي تراجعًا بوتيرة مقلقة للغاية.
وتزداد في المقابل التحديات المحدقة بالمياه على غرار موجات الجفاف والفيضانات بسبب تغير المناخ وتزيد من الإجهاد على عاتق الموارد المائية في كوكب الأرض.
وتعتبر المنظمة أن سوء إدارة الموارد المائية ومعها التلوث إلى تكثيف الإجهاد المائي وتدهور النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه مما انعكس سلبًا على صحة الإنسان والأنشطة الاقتصادية وإمدادات الأغذية والطاقة وإلى تراجع التنوع البيولوجي المائي.
وخلصت المنظمة الى العالم حاد اليوم بشكل خطير عن مسار تحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة في إطار خطة عام 2030 والمتعلق بحصول الجميع على إدارة سليمة للمياه بحلول سنة 2020 .
وضعية مائية حرجة
أقرّ كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري المكلف بالمياه، رضا قبوج، مؤخرا بأن “وضعية المياه في تونس حرجة جدا باعتبار أن مخزون السدود لم يتجاوز 31 بالمائة وهو مستوى غير مسبوق”.
وتقدر كميات استهلاك المياه اليومية الشاملة للمواطن الواحد بحوالي 120 لترا، وهي كميات عالية جدا، وفق ما أكده المدير الترابي للإنتاج بتونس والشمال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، منعم الشواشي.
وتوجد مخاوف لدى المسؤولين من ان يؤدي الإفراط الكبير لاستهلاك المياه، مقارنة بندرة الموارد المائية المتاحة، ووضعية تونس التي تعيش تحت خط الشح المائي والمرشحة نحو احتداد الأزمة خلال الفترة القادمة.
وتراجع مخزون السدود التونسية ، المقدّر عددها ب37 سدّا في تونس، مع حلول منتصف مارس 2023 بحوالي 390 مليون متر مكعب، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022.
وتواجة تونس إشكاليات في منظومة سيدي سالم ومياه أقصى الشمال جرّاء تراجع التساقطات المطرية. علما وان المنظومة تشمل 17 سدّا وتوفر مياه الري لفائدة 7 ولايات الى جانب مياه الشرب لفائدة ولايات تونس الكبرى ونابل وسوسة وصفاقس.
ويرجّح الخبراء أن تتوجه وزارة الفلاحة، في إطار استراتيجية ترشيد استهلاك الماء، نحو تقسيط مياه الشرب في بعض الولايات من خلال قطعها خلال فترة الليل صيفا في حين تعمل حاليا على توفير مياه الشرب والري من خط سد سيدي البراق وسجنان.
وتقوم الوزارة بتحويل حوالي 850 الف متر مكعب يوميا من خط سيدي البراق – سجنان لفائدة مياه الشرب في اطار خطة تمنح الأولوية القصوى لتوفير مياه الشرب.
البدائل والتشريعات
تمر تونس بهذه الوضعية في وقت لا تزال تقنية تحلية المياه في تونس مكلفة وتتطلب تحلية المتر المكعب الواحد مبلغ 3 دينار علما وان تونس اختارت إنجاز محطة تحلية في جربة فيما لا تزال محطّات قابس وصفاقس وسوسة في طور الانجاز علما نسبة استخدام المياه المعالجة لا تتجاوز8 بالمائة.
وتعيش تونس هذه الوضعية المائية الحرجة في ظل تأخر صدور مجلة المياه والتي يطالب المهنيون ومن بينهم المرصد التونسي للمياه بضرورة ان تنص بشكل صريح على أن الخدمات المتعلّقة بالماء لا ينبغي أن تدخل في مجال الشراكات بين القطاعين العمومي والخاص
وارجع المرصد التونسي للمياه طلبه الذي أورده في اطار مذكرة توجيهية حول مجلة المياه انه من الأولى اعتبار الماء مكسبا عموميا على أن يتم اعتباره خدمة أو سلعة عمومية.
يذكر ان الفصل 28 من قانون المالية لسنة 2023 تضمن إجراءات تخص المحافظة على الموارد المائية، من خلال تخصيص اعتماد بقيمة 2 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني لتحسين السكن لإسناد قروض دون فائدة لا تتجاوز 20 ألف دينار للقرض الواحد لتمويل انجاز مواجل لتخزين مياه الأمطار، وذلك خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي إلى 31 ديسمبر 2023.
خارطة عطش تتوسع
بلغت حصيلة الرّصد والبلاغات بشان انتهاك الحق في النفاذ الى المياه في تونس خلال شهر فيفري الماضي 132 بلاغ صادر عن المواطنين، وفق المرصد التونسي للمياه، الذي يشرف على رصد هذه الانتهاكات.
واشار المرصد الى ان ولاية بن عروس تصدرت القائمة من خلال التبليغ عن 24 تبليغا في شهر فيفري الماضي بعد ان كانت في المرتبة الثانية خلال شهر جانفي 2023. وقد سجل المرصد 11 تحركا احتجاجيا للمطالبة بالحق في النفاذ الى المياه خلال فيفري 2023 .
وكان المرصد التونسي للمياه أعلن، يوم 8 جانفي 2023 وفي اطار خارطة العطش، انه تلقى زهاء 2299 بلاغ صادر عن المواطنين خلال 2022 تتصل بانتهاكات الحق في الماء في تونس.
The post ادارة الموارد المائية في تونس تحتاج خطوات استهلاكية بسيطة وتشريعات صارمة وأساليب للحفاظ على هذه الثروة first appeared on المصدر تونس.